مستثمر ضميره يؤنبه لبيع إبل والده وخسارته في سوق الأسهم

TT

ابو أحمد موظف في احد القطاعات العسكرية يعول اثنين من الأبناء وثلاث بنات، طموحه أن يربي أبناءه تربية صالحة وأن يتمتعوا بفرصة للالتحاق بالتعليم العالي، فهو يريد أن ينال أبناؤه شهادات الدكتوراه لأنه عندما كان في فترة عمر أبنائه الآن كان يرعى إبل وأغنام أبيه، ونظرا للظروف القاسية التي مر بها، جعلته لا يلتفت إلى التعليم، فهو كما يقول كان يعول والديه وجده.

ويضيف أنه حتى لو كان متعلما فهو لن يستفيد من شهادته سابقا لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، أما الآن فهو ملتزم بعائلته، ويصف حياته بأنها تضحية لمستقبل أشخاص آخرين هم فلذات كبده، وما أجملها من تضحية على حد وصفه. التغييرات الحاصلة من ثورة في تقنية المعلومات والاتصالات تجعله يقتني كل ما هو حديث من أجهزة الاتصالات واستخدام هاتف الثريا حتى في أوقات الشتاء عندما يذهب في رحلة برية، فهو يعشقها، ولا بد أن آثار الصحراء التي كان يجوبها عرضا وطولا في أيام مضت تبقت لها بصمة واضحة في حياته اليومية.

ومع التطورات الأخيرة في أسواق الأسهم والارتفاعات القياسية، تغيرت كل المفاهيم القديمة التي يتعامل معها، بدءا من ترك بيوت الشعر وبيعه لإبل والده الغالية على نفسه. فقد باعها مضطرا للاستثمار في أسواق الأسهم، ولكي يؤمن متطلبات أبنائه وبناته، مفيدا بأنه خضع لدورات عن الأسواق المالية وتعرف على شيء مهم، ألا وهو أن أسواق الأسهم تهدف تنمية مدخرات صغار المساهمين.

ويصف السنوات الأخيرة الماضية أنها غيرت كل مفاهميه، ويتعامل ابو أحمد الآن مع مصطلحات ذات دلالات اقتصادية، مثل القيمة السوقية للسهم، ونقاط القوة للسهم، ونقاط الضعف، مفيدا بأنه لا يدخل صالات الأسهم إلا ومعه أظرف لحبوب الضغط وجهاز قياس السكر، واصفا وضعه بأن معدلات السكر ترتفع وتنخفض مع مؤشر الأسهم السعودية، ولا يحس بالهدوء إلا عند إقفال السوق، ويضيف أنه ليس وحده من باع إبله وذهب للمتاجرة بالأسهم، بل هناك الكثير من القصص تتحدث عن هؤلاء الناس الذين باعوا ما لديهم للمتاجرة بتلك الاسهم واصبحت هذه القصص تتصدر المجالس كما كانوا يجتمعون مساء كل ليلة للحديث حول القصائد القديمة، وقصص البدو الرحل، ومناقشة كتب المستشرقين التي كانت تدون مرحلة تاريخية وحقبة مهمة في تاريخهم المعاصر.

ويتحدث أبو أحمد عن الوضع المالي بقوله «نحن صغار المستثمرين لم يعد يحقق لنا سوق الأسهم أية أرباح لأن أغلب الشركات التي أسعارها منخفضة ما بين 50 ريالا إلى 150 ريالا لا تتحرك كثيرا، ويصفها بأنها راكدة، والشركات التي تتعدى أسعارها الـ 500 ريال لا يستطيع شراءها، ويتساءل أبو أحمد عن الأسباب التي تمنع من تجزئة أسهم الشركات التي أسعارها مرتفعة، ولماذا لا يتم طرح أسهم شركات بريال واحد مثلما يحصل في الأسواق المالية الأخرى.

وعن مصادر معلوماته التي بناء عليها يبيع ويشتري يضيف أبو صالح: عند اجتماعنا بعد صلاة العشاء تبدأ الاتصالات ويبدأ التشاور على أسهم معينة، ونحن لسنا متأكدين ولكن ليست لدينا خيارات أخرى.

وبدأ بعدها يفكر جديا بأن يضع الأسهم التي يملكها في الصناديق الاستثمارية، ويجعل البنوك هي من تدير له أمواله، ويرتاح من ارتفاع وانخفاض مؤشر الضغط لديه.

ويتابع أبو أحمد حديثه بأنه يتابع النشرات الاقتصادية مساء كل ليلة، وبناءً عليها تبدأ الاستشارات في ما بين أصحابه للشراء أو البيع في صباح اليوم التالي، ويصف حياته بأنها انقلبت 180 درجة كليا، موضحا أن متابعته اليومية لسوق الأسهم حرمته من أشياء جميلة كان يمارسها في حياته بدءاً من الرحلات البرية التي كان يقوم بها لأسابيع طويلة مع أصدقائه في قلب الصحراء، والتي يتمنى أن يقف مؤشر الأسهم لأخذ إجازته ليتسنى له قضاء أسبوع حافل بالمغامرات في قلب الصحراء، ويضيف أبو أحمد أن ضميره لن يرتاح إلا عندما يحقق أرباحا لكي يستطيع استرجاع إبل والده وأجداده.