المناهج الدراسية في إسرائيل تربط المسلمين بالعنف والإرهاب وحب القتل

82% منها تسىء للعرب والمسلمين و13% محايدة

TT

كشفت دراسة حديثة أن صورة العرب والمسلمين في الكتب الدراسية في إسرائيل سلبية بنسبة 82.6 في المائة من خلال تحليل 23 كتابا مدرسيا مقررا في التعليم العام في إسرائيل، وأن 4.3 في المائة من إجمالي العينة كانت إيجابية تجاه العرب والمسلمين، فيما كانت نسبة الطرح المحايد في هذه الكتب ما نسبته 13 في المائة.

وأوضحت الدراسة التي أعدها فريق علمي من وزارة التربية والتعليم السعودية برئاسة الدكتور علي الخبتي وكيل الوزارة للبحوث والدراسات أن الكتب الدراسية الإسرائيلية تطرقت إلى صورة الإسلام وأركانه ونبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) بشكل غير دقيق ومنافٍ للحقيقة، ونسبت الجوانب الإيجابية فيه إلى الدين اليهودي بدعوى أن النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) كان يلتقي ببعض اليهود في مكة أثناء رحلاته إلى الشام، فتأثر بهم وبدينهم، ومثال ذلك ربط بعض أركان الإسلام ببعض الممارسات الدينية اليهودية، مثل ربط صوم شهر رمضان بصيام يوم الغفران لديهم.

وكشفت الدراسة أن الكتب الدراسية الإسرائيلية قدمت النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) في صورة الشخص الذي يردُّ له الفضل في «تأسيس الدين الإسلامي«، وكأنه يؤسس أو ينظر أو يؤطر لايديولوجية أو فكر، فتورد بعض هذه الكتب أنه بعد وفاة سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) انتهت مرحلة التنظير وبدأت مرحلة التنظيم. كما تشير إلى أن الخلفاء «نواب محمد» هم الذين أرسوا أركان الدين الإسلامي.

وتعاملت بعض هذه الكتب مع سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بعيداً عن التعظيم الذي يليق ومكانة الأنبياء والرسل، فلم تسبق اسمه بكلمة نبي أو رسول كما لم تعقب اسمه بعبارة «عليه السلام» كما تورد الكتب العبرية عادة عند الحديث عن الأنبياء.

وقدمت بعض هذه الكتب الدراسية الأحداث المهمة في حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بشكل صور، وعلى سبيل المثال صورة لهجرته، وأخرى لزواجه من خديجة، وثالثة لرجم قريش له بالحجارة، ورابعة لرحلة الإسراء والمعراج.

وأقدمت بعض هذه الكتب على تطبيق مفاهيم وأفكار يهودية على الدين الإسلامي وأركانه، فوضعت مسميات عبرية لمصطلحات ومفاهيم إسلامية، فالقرآن الكريم يطلق عليه ما يطلق على العهد القديم «التوراة المكتوبة«، ويطلق على السنة النبوية الشريفة «التوراة الشفهية«، وهي التسمية ذاتها التي تطلق في العبرية على تفاسير رجال الدين اليهودي للعهد القديم. وحاولت بعض هذه الكتب الدراسية أن تبدو موضوعية عند تعرضها لبعض القضايا والموضوعات، مثل موضوع أهل الذمة ومكانتهم في الإسلام بين المسلمين، ولكنها أخفقت في ذلك، فحينما عرضت فضل الإسلام والمسلمين على اليهود ومنحهم المساواة داخل المجتمع الإسلامي باعتبارهم أهل كتاب وأهل ذمة، أشارت الكتب إلى أن السبب في ذلك كان حاجة المسلمين إلى علم وخبرة هؤلاء اليهود في إدارة شؤون الدولة الإسلامية المترامية الأطراف، الأمر الذي جعلهم يحظون بهذه المعاملة.

ولدى الحديث عن أمور خلافية تتعلق بالعرب والمسلمين لا تورد الكتب الدراسية في إسرائيل وجهة النظر العربية والإسلامية، وتكتفي في كثير من الأحيان وفي كثير من القضايا والموضوعات بعرض وجهة نظر غير دقيقة، وغير حقيقية.

وتشير الدراسة الى أن عدم موضوعية هذه الكتب الدراسية تجلت في ربطها بين الدين الإسلامي والمسلمين من ناحية و«العنف» و«الإرهاب» من ناحية أخرى، فتقدم العرب على أنهم «عدوانيون»، تحركهم «غرائز العنف» بعد أن تمكنت منهم، ومثال ذلك تقدم الكتب الإسرائيلية الفتوحات الإسلامية على أنها «عمليات احتلال» وتنفيس عن غرائز العنف لدى العرب.

وتقدم هذه الكتب فكرة أن من يقاوم الصهيونية ـ فكراً وتطبيقاً ـ ومشاريعها وأطماعها في المنطقة يعد إرهابياً إذا كان عربياً مسلماً، ويعد معاديا للسامية إذا كان غربيا مسيحيا، وهو ما يعتبر خلطا بين مفهوم المقاومة المشروعة للاحتلال وبين الإرهاب.

وتفرد هذه الكتب فصولا كاملة عن أعمال المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني في فلسطين في الثمانينات من القرن الماضي، إضافة إلى تخصيص فصول عدة لما تسميه «المعاداة للسامية»، حتى لو كان «المعادون» ساميين.

وتسمي الكتب الدراسية الجهود الصهيونية والمشاريع الصهيونية وتطبيقها على أرض الواقع «كفاحاً»، و«استقلالاً»، و«تحريراً»، وليس أدل على ذلك من تسمية حرب عام 1948 بأنها «حرب التحرير»، و«حرب الاستقلال».

ولم تورد هذه الكتب الدراسية أية إشارات أو تلميحات عن أعمال الإرهاب والعنف التي قامت بها العصابات الصهيونية المسلحة مثل «هجانا»، و«بلماح»، و«ليحيى»، و«إيتسيل» التي تمت قبل عام 1948 وبعده، خاصة وأن هذه الجماعات كانت تلقى التأييد والدعم من قادة الصهيونية والوكالة اليهودية، فمذبحة «دير ياسين» ما زالت ماثلة، إضافة الى وجود أعمال إرهابية موجهة إلى رموز إسلامية واضحة كالمساجد، فالبعض منهم يقدم على حرق المسجد الأقصى، ومنهم الإرهابي باروخ جولدشتاين الذي اغتال بيد آثمة ودم بارد مصلين أمنين بين يدي الله في المسجد الإبراهيمي بالخليل وهم يؤدون صلاة الفجر، وهذه الأعمال الإرهابية وغيرها لم يوجد لها ذكر.

ولم تشر هذه الكتب الدراسية أيضا إلى أجواء التطرف الديني التي باتت تخيم على المجتمع الإسرائيلي وتنذر بمستقبل يصبح فيه هذا المجتمع مفرخة للمتطرفين والإرهابيين، في ظل وجود أحزاب سياسية متطرفة تحضر لهذا الجو وتعد له، من خلال إنشاء شبكات من المدارس التي تبث فيها سمومها وأفكارها المتطرفة، مثل حزب «شاس» وغيره.

وأشار الدكتور علي الخبتي لـ «الشرق الأوسط» الى أن هذه هي الصورة المختصرة لصورة العرب والمسلمين كما وردت في الكتب الدراسية الإسرائيلية وبصورة دقيقة وموضوعية، استقيت من نصوص داخل تلك الكتب تم تحليلها على منهجية علمية تتبع في مثل هذه الأبحاث، وذلك رغبة في الوصول إلى بحث يكشف الحقيقة كما هي.