ورقة أسئلة الاختبار ضحية في يد الطلاب وبعضهم ينتظرها كالعروس

TT

ورقة أسئلة الاختبار ذات الحجم A4، مكتوبة بالحبر الأسود، مليئة بعلامات الاستفهام، مرتبة ومقسمة الى فقرات، ما يميزها عن بقية الأوراق في العالم أنها في نفس اللحظة يمسك بها آلاف الطلاب والطالبات، هذه الورقة هي حصيلة يوم كامل من المذاكرة والحفظ والفهم، يرتبط بها الطالب في مدة لا تتجاوز الثلاث ساعات ارتباطا قويا.

يقول الطالب عبد الله فتحي في الثانوية العامة «ورقة الاختبار هي التي تحدد مصيرنا ومستقبلنا مرهون بين سطورها» ويصف حاله قبل توزيعها في قاعة الامتحان وقدومها مازحاً «كأني العريس الذي ينتظر قدوم العروس في النظرة الشرعية، أرتبك وأعرق وضربات قلبي تزيد وأظل أفرك يدي» وما أن يسلم ورقة الاختبار إلا وينكب على قراءتها وحل أسئلتها وينسى كل شيء إلا ما حفظه بالأمس طبعا، ويظل ينتقل من سطر إلى آخر وورقة الاختبار أمامه تنتظر الإفراج عنها.

وبعد خروج الطالب عبد الله من قاعة الامتحان يحمل ورقة الأسئلة ويبدأ بمراجعة ما جاء فيها مع أصدقائه وعادة ما يجتمع مع الطلاب المتفوقين ومن ثم تنقطع العلاقة بينه وبينها حيث ترمى في ساحة المدرسة أو في سلة المهملات. لكن ماذا لو ألقى نظرة أخيرة عليها؟ هنا يقول عبد الله وهو يضحك «هذا سؤال محرج فعادة ما تكون مليئة بتوقيعاتي وبعض العبارات التي لا افهمها مثل الكلمات الهستيرية».

هذا حال ورقة أسئلة الاختبارات بعد الانتهاء منها، تتغير تضاريسها وشكلها ومحتواها، فقد تكون مليئة بالخطوط والرسمات وبعض الحلول والنتائج وتشهد على ذلك ورقة الرياضيات فهي عادة ما تملأ بالأرقام وإجراء العمليات الحسابية وهذا ما أشارت إليه لجين مدحت في الصف الأول الثانوي، فهي بعد خروجها من القاعة تضع ورقة أسئلة الرياضيات في جيبها، ولا تنظر إليها بعد ذلك، لأنها لا تحب مراجعة الأسئلة حتى لا تسبب لها قلقا طوال اليوم مما يؤثر على استذكارها لليوم الثاني وعندما نظرت غليها قالت «كيف فعلت هذا؟» كانت الورقة مليئة بالأرقام و(الشخمطة) الدائرية بداخل بعضها البعض.

وهناك من حولت ورقة أسئلتها إلى ديوان للشعر والخواطر النثرية أو اللوحات الفنية وهذا حال ورقة الطالبة (هناء عبد المجيد اكبر) طالبة جامعية تخصص أحياء حيوان تصف ورقتها قائلة «حال ورقتي تعتمد على الأسئلة المكتوب فيها، فإذا كانت الأسئلة طويلة ليس لدي وقت بان اكتب عليها، لأنني حينذاك سأصارع الزمن للانتهاء منها، أما إذا كانت سهلة سأحل بسرعة وسيكون هناك وقت حتى أخرج من القاعة فأقوم حينها بكتابة الشعر والخواطر وإذا كانت الأسئلة صعبة ستندم ورقة الأسئلة بأنها وصلت عندي لأني سأملأها بالرموز والدوائر الحلزونية».

وتفسر هذه الحالة النفسية التي يقع فيها الطلاب الدكتورة آمال إلياس مستشارة علاج نفسي وأستاذة مساعدة بكلية عفت كما تقول «عادة ما يعبر الانسان عن حالته بالضحك عند الفرح والبكاء عند الحزن وفي وقت الاختبار يمنع الطالب من إظهار أي مشاعر تجاه الأسئلة للمحافظة على الهدوء في اللجنة لمدة قد تتجاوز الثلاث ساعات فلا يجد أمامه غير الورقة والقلم ويكون هذا هو المخرج الوحيد للتعبير عما يدور في داخله من قلق أو خوف أو فرحة أو حزن».