مطلوبون تركوا 14 طفلا وراءهم.. وأمهات لـ«الشرق الأوسط»: قلوبنا تتجرع الألم ونحن نشاهد صور أبنائنا على شاشات التلفزيون

TT

ترك عدد من المطلوبين أمنياً، والمعلن عنهم في القائمة الجديدة، 14 طفلاً في انتظار المجهول، وفضلوا عليهم الدخول في خندق الإرهاب، وتركوا مسؤولية تربيتهم لأمهاتهم، حيث ترك فهد فراج الجوير ستة أطفال في حضن أمهم، كذلك فعل المغربي يونس الحياري، وسعد الشهري، وصالح الغامدي، ومحمد الزهراني، ولكل منهم طفلان.

وتظل أكثر القلوب تجرعت ألم الفراق خلال هذه الايام، هي قلوب الأمهات، تلك القلوب التي تكاد تنفطر، وهي تشاهد صور أبنائها واحدا تلو الآخر على شاشات التلفزيونات وصفحات الصحف.

هذا هو شعور قلوب أمهات بعض المطلوبين أمنياً، مهما كان قبح ما ارتكبوه، خاصة بعد طول غياب فلذات أكبادهن عليهن، وعودتهم إليهن بهذه الانباء السيئة، واكتشافهن أن سبب الغياب، هو انشغالهم بأعمال تمس امن هذه البلاد، فقد ذكرن أن الأمراض التي أصبن بها، كانت بسبب مصير أبنائهن المجهول، وعدم معرفتهن لما سيؤول إليه حال أولادهن، وبرغم كل ذلك الالم، توجهت الامهات بأيديهن الى السماء، داعيات الله ان يهدي ابناءهن الى تسليم أنفسهم، بدلا من الهروب والتخفي من دون فائدة.

وبصوت يكاد لا يسمع من شدة الألم والحزن، قالت والدة سلطان بن صالح الحاسرى: «ذبحني غياب سلطان، وأرقدني مريضة أشكو من ارتفاع الضغط المستمر، الذي أصبت به منذ أن علمت بغيابه، فقد ذكر لي بأنه سيذهب لأداء فريضة الحج منذ عامين، ولم يعد أبداً بعدها، ولم نصل إلى أي معلومات ترشدنا إلى مكانه، حتى ثلاجات الموتى بحثنا فيها عنه، لكن لم نجده، وما زال مصيره غامضا لا نعلم هل هو حي أو ميت؟».

وأضافت: «أننا نتجرع الالم الآن، ونحن نشاهد صوره على شاشات التلفزيون لتورطه في قضايا الامن».

وقال سعد السماري، عن ولده زيد، بأنه تزوج لمدة ستة شهور فقط، ثم انفصل عنها لعدم استطاعته الاستمرار، وهذه نتيجة حتمية لانشغاله عن مسؤولياته الزوجية مع اصدقائه، حيث كان يقضي اغلب الوقت معهم ولم يثمر زواجه عن أي طفل، مضيفاً أن والدة زيد توفيت منذ ثلاثة أعوام، ولزيد إخوة اصغر منه، مستغرباً من ترك هؤلاء المجموعة لأولادهم وأسرهم في سبيل الجهاد، كما يدّعون.. ويقول الجهاد هو أن تستقر مع أولادك وأسرتك، وتتفرغ لتربيتهم وتسهر على راحتهم، لا الهرب من مكان إلى آخر، تطارد سرابا وأوهاما تتسبب في إيذاء الآخرين.

وامتنعت زوجة المطلوب أمنياً فهد فراج الجوير، 35 عاما، عن الحديث، رغم تكرار الاتصال بها، وسماع بكاء أطفالها، ولم تنطق سوى مرة واحدة، حيث قالت: «لو سمحت.. لا استطيع الحديث مطلقاً».

وفي نفس السياق، تقول والدة المطلوب أمنياً نايف فرحان جلال الجحيشي الشمري، إن آخر مرة شاهدته فيها كانت العام الماضي، حيث خرج قاصدا مكة لأداء العمرة، وهو يعدهم بالرجوع بعد ثلاثة أيام، وفي حال تأخر فهي خمسة أيام، ولن يزيد عليها. وهو غير متزوج فهو لا يزال صغيرا، على حد قولها، لكنه منذ تلك اللحظة وحتى الآن لم نسمع عنه أي شيء.

وعن تأثره بالأحداث الإرهابية أو بتنظيم «القاعدة»، أجابت بأنه لم يبد في أية لحظة إعجابه به، أو أي تعليق عليه فهو دائما (في حاله)، ولم تلاحظ عليه أية تصرفات غير طبيعية بعد الأحداث الإرهابية، فهو شخص عادي جدا، لم يكن له أي هموم تشغله، بل كان يحب الجلوس مع عائلته. وعن علاقته بعائلته وأقاربه، بيّنت أنها من أفضل ما يكون، فهو بار بوالديه، وهو مثال للولد الصالح المحافظ على صلاته. وعن أصدقائه فلم تسبق لعائلته معرفة أي شخص منهم. وعما إذا كانت تشك في أحد ما قد أثر على ابنها، أجابت بالنفي. وعن حياته العملية، بيّنت انه لم يكمل تعليمه، بل توقف عند المرحلة المتوسطة، وهو يعمل في الجيش منذ سنتين.

وختمت الوالدة حديثها بالدعوة له بأن يهتدي إلى جادة الصواب. ووجهت له نداء أن يسلم نفسه للسلطات.

وأكملت: «أدعو له كلما صليت، أن يهديه الله إذا كان حياً، وإن كان ما يحزنني شعوري بأنه ميت، لأنه لم يتصل ويسأل عني منذ مغادرته المنزل، رغم انه حنون جدا، ولا يستطيع أن يتركني كل تلك الفترة إلا بسبب قوي جداً»، مضيفة وبصوت مخنوق: «عندي من الأبناء الكثير، لكن الأم لا تفرط في أحد أبنائها مهما حدث، وأتمنى أن يجمعني الله به قبل الممات». بينما رفض والد المطلوب أمنياً، محمد الغيث، الحديث قطعيا مع أي شخص في الصحافة، وذلك لخوفه من تحريف كلامه من قِبل الصحافيين، ويعتقد أن ذلك سيؤثر على ابنه، فربما يفهم شيئا ما بصورة خاطئة، ومن ثم يقوم بأعمال خاطئة كردة فعل على تصريحه. مشيراً إلى أن جميع تصريحاته قام بتسليمها للسلطات، وهي الوحيدة المخولة باستجوابه لذلك.

من جانبها رفضت أخت المطلوب أمنياً إبراهيم عبد الله ابراهيم المطير، الحديث عن أخيها، معتقدة بأن المخول لفعل ذلك، هو والدها ووالد إبراهيم المطير.

وعلقت الدكتورة دعد المارديني، استشارية الطب النفسي: «ان ما يقوم به هؤلاء المطلوبون، الذين يملك بعضهم أسرا وأطفالا من تركهم لمسؤولياتهم والألم النفسي الذي يخلفه غيابهم، ناتج عن إيمانهم القوي بما يفعلونه، وقد يحسون أن ما يفعلونه أكثر أهمية وأقوى أثرا من البقاء مع أولادهم وأسرهم، خاصة مع وجود من يرعاهم في حالة غيابهم».