جامعيات سعوديات يطرقن أبواب المتنزهات الترفيهية بحثا عن العمل

TT

فتيات سعوديات تخرجن من الجامعة وسايرن الركب السابق في الجلوس بالبيت، وشهادة الجامعة ظلت مخبأة في أدراجهن، وأضفن لها شهادات عديدة ملأت سطور سيرتهن الذاتية كشهادة الخبرة والتأهيل والتدريب واللغات ودورات الكمبيوتر، بعضهن حالفهن الحظ في إيجاد وظائف تناسبهن وبعضهن الآخر لم يجدن الوظيفة المناسبة التي أعددن لها الشهادات.

لكن بعض الفتيات دفعهن ملء فراغ الوقت والحاجة المادية إلى العمل في المتنزهات الترفيهية المخصصة للعائلات والمطلة على شواطئ جدة ومنهن نسرين الحربي خريجة جامعية إدارة أعمال تعمل في متنزه الشلال والتي كانت تقف خلف زاوية خشبية مشرفة على صالة التزلج الجليدي مرتدية نقابها الأسود تمارس عملها بجدية وتقول «لم أجد اعتراضاً من أهلي فهم وافقوا بعد أن جاءوا إلى المتنزه وتعرفوا على طبيعة عملي». وتضيف وهي تتناول من الصبي سعر تذكرة التزلج «العمل ليس عيبا بل العيب في الجلوس بالبيت».

ونسرين مسرورة بعملها وتشجع غيرها من بنات جنسها للانضمام معهن وتقول «كم اشعر بفرحة غامرة و أنا أرى الأطفال يلعبون ويتزلجون حتى أنني صرت قريبة منهم».

وفي وسط المتنزه كانت تسير آمنة الحبيشي مساعدة مدير الأمن وهي تمسك في يدها جهاز لاسلكي وتتلفت يمنة ويسرة تعاني من رطوبة الصيف في مدينة جدة التي تصل إلى 40 درجة مئوية وما فوق إلا أنها لا تشعر بالضيق منه، فقالت وهي بابتسامة مرسومة في عينيها قالت «أهلي اعترضوا على مهنتي بسبب اسم المكان الذي أعمل فيه لأنه (ملاهي) دون فهم طبيعة عملي وعندما عرفوا طبيعة المتنزه اقتنعوا وشجعوني».

والحبيشي تخرج من الساعة السابعة والنصف صباحا وتصل إلى بيتها الساعة الثالثة فجراً، وهي لا تقضي كل تلك الساعات في المتنزه الترفيهي الذي تعمل به مساء بل تعمل صباحا بمستشفى خاص ولا تبحث عن الإجازة لأنها كما تقول «خلقت للعمل فأنا كالنحلة إذا جلست في البيت فسأموت». وحبيشي كغيرها من الفتيات حصلت على مجموعة من شهادات الدورات التأهيلية والتدريبية ولديها مهارة الاتصال وفن التعامل مع الآخرين ومهارات التربية النفسية وتضيف على تلك الدورات دورات في طرق السلامة والصيانة لأجهزة الألعاب في المتنزه وتعلق على حظها العاثر قائلة «عملنا يتطلب منا أن نكون على دراية بكل محتويات الألعاب وتشغيلها وصيانتها إضافة إلى كيفية التعامل مع الزوار كونهم ضيوفاً أكثر من زبائن».

وتشير حبيشي بيدها الى مكتبها تطلب منا ان نرى آلاف الملفات التي تقدمت بها فتيات جامعيات مختلفة تخصصاتهن للعمل في المتنزه فهذا يدل كما تقول «إن الشهادة الجامعية صارت مجرد شهادة تعادل شهادة الثانوية» وفي رأيها «قلة مجالات العمل المتاحة للفتاة في المجتمع جعلها تعمل في اي شيء وإن كان أقل من مستواها التعليمي».

خلف آلة المحاسبة تقف فتاة في الـ 22 من عمرها اسمها مشتق من الأزهار كما ارادت أن تعبر عن نفسها دون ذكر اسمها وكما تقول «بحثت عن الوظيفة التي تؤمن لي دخلا لكني لم أجد إلا هذه الوظيفة» وتتابع حديثها وهي تقطع تذاكر دخول المتنزه للزوار «أنا مؤمنة بقضاء الله وقدره وتقسيمه للأرزاق وكما أني مؤمنة بأن الوظيفة لا تأتي إلينا بل نحن الذين نبحث عنها» كانت عباراتها التي أطلقتها بنبرة فتاة لا طموح لها مستسلمة بقولها «أنا راضية بمهنتي هذه وكل الذي أتمناه أن أحصل على مقعد في إحدى معاهد تعليم اللغة الإنجليزية لأتعلمها ولأجيد التحدث بها مع الأجانب فهذا هو حلمي الوحيد».