مندوبات التسويق يبحثن عن فرص عمل أخرى أثناء الدوام الرسمي

قدرة المرأة وتراجع فرص توظيفها يقودان النساء للنجاح في مجال التسويق

TT

«أغلب وقتي أقضيه في التجوال بين الشوارع والأحياء المختلفة لزيارة المؤسسات والشركات والبنوك كي أروج لبعض العروض على أدوات التجميل» هذا ما أخبرت به تغريد عيسى خريجة ثانوية لم تجد مقعدا دراسيا في الجامعة لضعف نسبتها ولم تجد وظيفة سوى القبول بأن تكون مندوبة مبيعات وتتابع حديثها: «أحصل على نسبة متواضعة من البيع إلى جانب راتب بسيط لا يتجاوز مئات الريالات لكني أحمد الله على ذلك فهذا أفضل من الجلوس في البيت من دون وظيفة».

لكن قناعة تغريد بما تكسبه من أجرة متواضعة يقابلها تذمر زميلتها هدى محمد التي تقول: «لا يجبرك على المرّ سوى الأمرّ منه» فهدى التي تعاني من ظروف مادية سيئة على حد قولها وملت الجلوس بالبيت بعدما أتمت شهادة المتوسطة لم تجد مجالا تعمل فيه سوى التجوال بحثا عمن يشتري ما لديها من عطور وشموع وتقول: «أغلب من نذهب إليهم للأسف ينظرون إلينا نظرة نقص وازدراء والمؤسف أنهم يحسبوننا نشحذ منهم فبعضهم يتعاملون معنا من فوق وبعضهم لا يسمحون لنا بالدخول كما يحصل في أغلب مدارس البنات». وتسكت هدى لبرهة ثم تقول «لا توجد مجالات عمل تناسب إمكانياتنا فلم يكن باليد حيلة سوى القبول بأن أكون مندوبة مبيعات أحصل على بعض المئات مقابل التجوال تحت شمس الظهيرة»، وهي لا تزور فقط الأقسام النسائية في المؤسسات والقطاعات المختلفة وإنما كما قالت «أقوم بزيارة كل الأماكن من أسواق ومؤسسات بقسميها فمن المهم أن أسوق ما لدي من بضاعة كي أستفيد من النسبة وإن كانت متواضعة».

وتتسلم هدى راتبا بسيطا لا يتجاوز 1200 ريال مقابل تجوالها لفترتين الأولى صباحية والثانية مسائية بمقدار عمل 8 ساعات يوميا وتقول: «العمل مرهق خاصة للمرأة ومقابله المادي لا يكفي أبسط الاحتياجات ولذلك أنا ابحث عن فرصة عمل أخرى لأن عملي كمندوبة متعب جدا». وهدى على الصعيد العملي والشخصي استفادت كثيرا كونها كونت علاقات عديدة مع شخصيات كثيرة وكما قالت: «من خلال عملي أحاول تعريف الناس بي وبإمكاناتي العملية فلربما أحصل على وظيفة في مكان ما» وهذا ما تنظره حاليا هدى من أحد عملائها الذي وعدها بوظيفة.

هيفاء هي الأخرى تعمل مندوبة لأحد المطاعم والمنتجعات المقامة في شمال أبحر بمدينة جدة وتعمل على ترويج إعلانات لها وتحاول بيع بطاقات تحمل عروضا مميزة من تخفيض وجوائز بمبالغ زهيدة وتقول: «لم أصل إلى أن أكون مندوبة تجول طوال النهار في مختلف القطاعات إلا بعد أن اقفلت في وجهي كل أبواب العمل». وتتابع «أكثر ما يشعرني بالمرارة والتعب عندما نقف لفترة طويلة أمام أبواب المؤسسات المختلفة ننتظر الإذن بالدخول وكأننا نطلب حسنة». وتتابع «عملنا مرهق جسديا لكن أكثر ما يتعبك هو الإرهاق النفسي الذي تجدينه من خلال نظرات الشفقة حينا ونظرات الدونية حينا آخر، ولا أعرف ألا يفهمون أن هذه وظيفة شريفة تجلب لنا الرزق مثلنا مثلهم».

وهيفاء تؤكد انتشار عمل المندوبات في الآونة الأخيرة بشكل كبير في مختلف المؤسسات والقطاعات الخاصة والإعلامية فهي لها تجربتان سابقتان في هذا العمل والسبب كما تقول «أعتقد أن قدرة المرأة على تسويق السلعة أكثر من الرجل إلى جانب قلة الوظائف والمجالات العملية المتاحة للمرأة مما يجعلها تقبل على هذه الفرصة».

ويرى محمد الشنيطلي مدير تسويق المبيعات لجريدة الوسيلة أن اعتماد الشركات على المندوبات في الوطن العربي مبني على نظرية لا أساس لها من الصحة وهي قدرتها على تسويق السلعة خاصة للرجل لأنه يخجل منها ويقول: «ليس باستطاعة أي شخص سواء كان رجلا أو امرأة أن يكون مندوب مبيعات، فهي مهنة تتحدد بذكاء المندوب وقدرته على الاقناع إلى جانب أهمية مستواه الثقافي والتعليمي». وأشار محمد إلى أن العالم العربي يعتمد في تسويق السلع على المرأة بشكل كبير وهذا بخلاف الدول غير العربية وقال: «المرأة التي تعمل مندوبة لا بد من أن تعاني بشكل أكبر من الرجل بسبب صعوبة المواصلات التي تعد مهمة جدا لعملية التنقل والتجوال لتسويق السلع والذي قد لا يتوافق مع ما تتقاضاه».