قرية المفتاحة.. مسكن لرجل واحد تحول إلى وجهة لعشاق التراث والثقافة

TT

تعبر أبها عن أصالتها بقرية المفتاحة التشكيلية كمنشأة فريدة من نوعها في العالم العربي ذات طابع فني معماري ولها خصوصية تاريخية تعود إلى مئات السنين، وصورة جميلة لا تزال ماثلة في مخيلة الجيل الأول من أهالي مدينة أبها، حيث تجسدها مزارع المفتاحة الغنية بأشجار الخوخ والمشمش والتوت.وهي قرية سياحية تأتي كجزء من مركز الملك فهد الثقافي، وأول مشروع من نوعه في السعودية، ومهمتها احتضان ورعاية الفنون التشكيلية والفوتوغرافية والصناعات والحرف والمهن اليدوية والمحلية، وتهدف القرية الى تنمية الحركة الفنية والحرفية واستقطاب محبي الرسم والفن بشكل عام في جميع أنحاء السعودية والعالم العربي. يقول أمير منطقة أبها خالد الفيصل «حين زرت المفتاحة لأول مرة وجدت بقايا مساكن قديمة حولها بعض المزارع، ولم يكن بها إلا رجل واحد مسن يمشي على عصا»، ولا أدري لماذا استوقفتني هذه القرية بتصميمها الجميل وتراثها الأصيل، وأدركت أن إزالتها خسارة تراثية.

والمفتاحة حي من أحياء أبها القديمة، نزعت ملكيته بعد أن هجره أهله إلى المساكن الحديثة، بعد قرار الأمير خالد الفيصل بإزالة المباني الآيلة للسقوط، مع الاحتفاظ بالبعض الآخر وترميمه والمحافظة عليه كنمط معماري متميز على أن يعاد بناء القرية بأساليب إنشائية حديثة ولكن بالسمات والملامح التي كانت عليها القرية القديمة.

وكانت هذه القرية مجموعة من المباني المتلاصقة على امتداد الممرات الداخلية والخارجية والتي تم بناؤها بالأساليب التقليدية للبناء في مدينة أبها حيث الفتحات الصغيرة والحوائط السميكة واستخدام (الرقف) لحماية الحوائط الطينية من الأمطار وتوفير الظلال على واجهة المبنى.

ففي بداية عام 1408هـ كانت القرية مهجورة متداعية، نزعت ملكيتها لتكون مع بعض ما يجاورها من المزارع متنفساً عاماً، ومن المتعذر إبقاء القرية على وضعها السابق لصعوبة معالجتها وصيانتها، وكان لا بد أن يحل محلها مركز جذب سياحي داخل المدينة، حيث كانت الساحة خالية من مرافق تختص بالحركة الفنية التشكيلية والفوتوغرافية وتحافظ على الحرف والمهن اليدوية والمشغولات من الآثار.

وما انتصف ربيع الثاني عام 1408هـ حتى أبرم عقد بين بلدية أبها وجمعية البر بالجنوب لاستثمار الموقع لمدة ثلاثين عاما لقاء أجر رمزي فيما تشكلت لجنة عليا للقرية برئاسة الأمير خالد الفيصل راعي المشروع، وبعضوية بعض الإدارات الحكومية الخدمية والتجارية والثقافية.وافتتحت القرية صيف عام 1410هـ خلال حفل بهيج في إحدى الفعاليات الثقافية بأبها وكان المشروع محل تقدير وإعجاب جميع الضيوف من رجال الفكر والأدب والثقافة والفنون. وفي عام 1411هـ كان المشروع في مرحلته تلك يفتقر إلى مرافق مهمة مثل صالة عرض كبيرة خلاف صالات العرض التشكيلية، فتحمس أمير عسير وتبنى بناء هذه الصالة على حسابه الخاص.

وهذه القرية تحتوي على مرافق متمثلة في المعارض المقامة وهي: معرض الكتاب والمعرض الفني التشكيلي ومحلات بيع الفضة والقطع النحاسية والنقش على الفضة والملبوسات العسيرية، ومحلات الصاغة والنجارين إضافة إلى بيع العسل العسيري والخناجر والسيوف وصناعة السعف والحرف اليدوية، واستمع الى الباعة كما قام سموه بشراء العديد من القطع تشجيعا لهم. ويتجسد بها بعض من المنازل الطينية الأثرية المجاورة للسوق الذي يشمل كافة الحرف والمأكولات الشعبية بشكل يعكس تراث المنطقة الزاخر، ويشهد السوق حاليا اقبالا كبيرا حيث يحرص كافة زوار منطقة عسير على زيارة سوق الثلاثاء والسوق الشعبي والحرف اليدوية حيث تعكس تراثا مهما.

كما أنها تشهد كل صيف احتفالات المحافظات التي يشهدها المسرح المكشوف سنويا لعرض ما لدى محافظات المنطقة من أهازيج وفنون شعبية ورقصات وبرامج مختلفة تحت رعاية الأمير خالد الفيصل آل سعود أمير منطقة عسير.