هجرة معاكسة لنجوم الكوميديا المصريين تستقر على كورنيش جدة

مسرحيون سعوديون يطالبون بتقديم عروض تحفظ تاريخهم الفني وعقلية الجمهور

TT

في الوقت الذي يواجه فيه المصطافون السعوديون إلى بعض الدول العربية ومنها مصر صعوبات كبيرة في حجوزات التذاكر والفنادق والرحلات السياحية نتيجة الأعداد الكبيرة التي تسافر في هذا الوقت من العام, بدأت هجرة وقتية معاكسة لنجوم الكوميديا المصريين إلى مدينة جدة السعودية للمشاركة في عروض الصيف على مسارح المتنزهات البحرية المنتشرة على كورنيش المدينة وفي بعض المجمعات التجارية.

وتباينت آراء المهتمين بالنشاط المسرحي والحاضرين هذه العروض بين الاعجاب بالتجربة ونقدها من منظر احترام العقلية السعودية وتقديم عروض تحفظ للاسماء المسرحية تاريخها الطويل في عالم الكوميديا، خاصة بعد أصبحت هذه المسرحيات تشهد معدلات عالية من الحضور وأصبح المستثمرون يعتمدون عليهم في اجتذاب السائح المحلي.

وتقول سهام العلي التي تجد أن أكثر ما يميز المنتجعات والمطاعم المنتشرة على شواطئ البحر هو نشاطها المسرحي الرائج وتعلق «أكثر ما يلفت انتباهي هي الفرق المسرحية المصرية التي يحب أطفالي مشاهدتها خاصة أنها تحتوي على نجوم مشهورين جدا». إلا أن زوجها أحمد سعيد يخالفها الرأي فيقول «لا أجد هذه المسرحيات تحمل الطابع المسرحي الذي يقدمونه على المسرح المصري، ولهذا أكتفي بالمشاهدة واستمتاع زوجتي وأبنائي». من جهتها تجد غادة سالم أن هناك تعديلات أكثر جدية في عروض هذا العام عن الماضي، وتقول «أصبحت للكبار وللصغار». وتتابع بدهشة «لم أزر مصر يوما وعند مشاهدتي لهذه المسرحيات أخذت أجنح بخيالي وكأني في مسرح كبير وأمامي خشبة كبيرة يقف عليها أشهر المسرحيين».

الممثل المصري وحيد سيف علق على تجربته المسرحية التي يقدمها قائلا «تجربتي في مدينة جدة تعتبر جديدة ومختلفة لعدم وجود العنصر النسائي في المسرحية على خشبة المسرح مما يزيد من عبء العمل على الفنان في تقديم الدور». ويتفق معه الفنان صلاح عبد الله أحد وجوه المسرحية في غرابة تجربته كونها خالية من العنصر النسائي ويقول «أجدها تجربة تشبه المسرح التجريبي الذي يقوم فيه الفنان بكل شيء دون الحاجة إلى شخص يسانده». أما الفنان علاء مرسي بطل إحدى المسرحيات المعروضة حاليا فيقول «يسعدني ترحيب الجمهور السعودي لنا على المسرح ترحيبا حارا مما يعطيني انطباعا كبيرا بمدى الشهرة التي حققناها». ويشير مرسي إلى أن تقديم المسرحيات داخل خيمة في أحدى المنتزهات السياحية لا بد أن تتخذ طابعا خاصا، حيث يتميز بفترة العرض القصيرة وسهولة الموضوع الذي يغلب عليه الجانب الفكاهي، أما المسرح الجاد فيقول عنه «لا بد من توفر مسرح مناسب له ومكمل بكافة الاستعدادات».

وتعتبر إحدى المسرحيات اشتراك مصري سعودي، حيث يمثل الجانب السعودي ممدوح السالم المخرج المسرحي الذي يعتبرها تجربة فريدة وممتعة مع فنانين متميزين على حد تعبيره، ويقول «التجربة المسرحية السعودية تحتاج إلى هؤلاء الفنانين لإثرائه، كما أن وجود هؤلاء الفنانين يطرح البهجة والمرح لدي الجمهور السعودي». ويتابع «هناك إقبال من الأسر السعودية على هذه المسرحية حتى أن هناك حجز مسبق لعداد كبير منهم». الفنان والكاتب المسرحي السعودي علي دعبوش كان له رأيه بهذه المسرحيات التي تقدم في المنتزهات والمطاعم ويقول «على ما فيها من أسماء مصرية لامعة من النجوم الذين يحملون كثيرا من الخبرات، إلا أنها للأسف لا تقدم التجربة الحقيقية للجمهور السعودي الذي يفتقد التجربة لغياب المسرح عنه». ويتابع «أعتقد أنهم ينظرون للمشاهد السعودي بنظرة سطحية باعتباره إنسانا يبحث عن الفكاهة والدعابة فقط دون هدف او معنى، ومن المفترض أن يعوا هؤلاء بأن الجمهور السعودي رغم غياب المسرح الجماهيري عنه إلا أنه أصبح اذكى بفضل الفضائيات». ويطالب المسرحي علي دعبوش هؤلاء الممثلين بتقديم مسرحية هادفة تتناسب مع مستوي تاريخهم الفني ومستوى عقلية المشاهد السعودي وقال «من الممكن أن يستفيد المجتمع السعودي من خبرات هؤلاء الفنانين لو عملوا على توظيف الفن المسرحي بشكل حقيقي، وهذا النشاط المسرحي لا يمثل بداية للمسرح السعودي لأنه بدأ منذ عشرين عاما بل قبل ذلك بكثير».

وعن عدم ظهور العنصر النسائي داخل هذه المسرحيات يعلق علي قائلا «هذه قضية محسومة من قبل رجال الدولة ورجال الدين فلا يحق الكلام عنها، ومع ذلك نتمنى يوما ما ظهور المرأة السعودية على خشبة المسرح بالشكل المهذب والمحترم الذي يليق بها».

أما عبد الله باحطاب رئيس قسم المسرح بجمعية الثقافة والفنون بجدة فيعلق «أعتقد أن الخلاف هنا ليس على الممثلين ولكن الخلاف على النصوص المقدمة من قبل المؤلف والتي تخاطب الكبير والصغير في وقت واحد، لذلك هي نصوص مستعجلة وتدل على عدم وجود فكرة أو إعداد جيد وهذا يخرجها عن قيمتها المعنوية الحقيقية». ويوجه باحطاب اللوم على القائمين على هذه المهرجانات التي لا توجه ذات الاهتمام إلى الفرق المسرحية السعودية مكتفية بدفع مبالغ كبيرة جدا للفرق المسرحية المصرية.