سارة الحارثي: كل محاضراتي لا بد فيها من التذكير بهادم الملذات وغسل الموتى

المحاضرات الوعظية والإرشادية قناة بارزة للمراهقات * داعية إسلامية: العلاقة بين الشاب والفتاة من المواضيع المحظورة في المحاضرات

TT

المحاضرات على اختلاف التوجه الفكري الذي تؤمن به والمواضيع التي تطرحها من دينية أو نفسية واجتماعية تعد الطريقة البارزة لمحاورة المراهقات السعوديات في المجتمع لتتلمس همومهن ومشاكلهن وتحاول علاجها، سواء كانت من خلال رغبة المراهقات أو كن مرغمات على سماعها من قبل إدارة المدرسة أو أسرهن ممن يقترحون حضورهن إلى المحاضرات الدينية، وحول ذلك كان لبعض الداعيات الإسلاميات والأكاديميات الجامعيات اللاتي لهن علاقة بالمراهقات من خلال أداء هذه المحاضرات رؤية كرؤية وزيرة باوزير مديرة مدرسة نور القرآن الأهلية لتحفيظ القرآن بـجدة التي ألقت محاضرة «فكري غير» وهي واحدة من سلسلة المحاضرات الخاصة بالمراهقات ضمن فعاليات مهرجان جدة بالغرفة التجارية، وقد لاقت اقبالا واستحسانا كبيرا من المراهقات.

حيث تقول: من خلال احتكاكي بالمراهقات لمست مدى الفجوة القائمة بين الكبار وبينهن، ومدى حاجتهن لشخص يفهمهن ويحدثهن بلغتهن، فاشتركت في هذا البرنامج لمساعدتهن على البوح بأسرارهن ومشاكلهن. وتضيف، محاضراتي في النهاية تصب في الدين لا يمكن فصل الدين عن بقية علومنا فأعلمهن على سبيل المثال مهارة التفكير في وجهات نظر الآخرين، وكذلك أعلمهن المهارة التصويرية وحل المشكلات كما يرونها. وباوزير ترى سبب نفور المراهقات من بعض الواعظات بأنه يعود الى الأسلوب المتبع من نقد لاذع أو النقد المحرج، أو التخويف والتقريع وقد يكون كل ذلك في محاضرة واحدة.

وترى ريم بخيت مديرة مركز خبراء المستقبل بأن المحاضرات التقليدية بجلوس محاضرة وإلقائها سيل من النصح والوعظ لمراهقات مقبلات للحياة بأنها طريقة رجعية وتقول: نتحدث بلغة المراهقة وليست بلغة الكبار أصحاب التجارب والخبرات. ومركز خبراء المستقبل يعطي دروسا عن الحب ولغته التي باتت معدومة في هذا الزمن تعلق على هذا بخيت قائلة: نعلمهن حب الله فمتى تعلمت محبته اتبعت أوامره وابتعدت عن نواهيه، فلغة الحب مفقودة في أبجديات قواميسنا وللأسف تعلمنا منذ مهدنا أن الله شديد العقاب فقط رغم انه غفور رحيم.

وتشاركها في أهمية لغة الحب كلغة أساسية بالمحاضرات على اختلافها، خاصة في حوار المراهقة واعظة دينية (تحتفظ «الشرق الأوسط» باسمها) وتقول: الطفل منذ صغره يغرس في نفسه أن الله رب النار فقط على سبيل المثال يقال له انه طعامك وألا سيدخلك الله النار، هذا الطفل حتما سيحتاج الى معجزة حتى يحب الله، فمن المفروض أن نعلم المراهقة محبة الله أولا بالتعرف عليه عن قرب وتأمل رحمته وكرمه، ثم نعلمها أركان الإسلام ومعناها الحقيقي وبعدها نتدرج الى الحجاب وغيره. وتضيف، الحاصل العكس كل من أهلت نفسها كواعظة دينية لا تجد موضوعا تطرحه للمراهقات غير الحجاب والنمص دون أن تسأل نفسها أنا أخاطب من؟

وهذه الداعية الإسلامية السابقة تنتمي إلى أعرق بيوت جدة اتهمها البعض بالتحرر واتهمها الطرف الآخر بالتشدد فلغة الوسطية اندثرت منذ زمن سحيق على حد قولها وهي لا تخاطب عامة الناس ولا تفضل الذهاب الى المدارس لإلقاء المحاضرات، جمهورها فتيات راغبات في سماعها تعرفهن عن قرب ضمانا لنجاح محاضرتها.

وعن المواضيع التي لم تفتح في محاضرات المراهقات أو تجد صعوبة من قبل البعض في طريقة التعامل والتواصل معهن تقول الداعية: العلاقة بين الشاب والفتاة من المواضيع المحظورة إلا أنني ولله الحمد أجدت التعامل معها بإتباعي لأسلوبي المعتاد في كل محاضراتي بان تحدد المراهقة هدفها من الحياة، وادرس النظريات النفسية المختلفة للمراهقة، وأتقبلهن كما هن بعيوبهن ومحاسنهن.

وترى الداعية الدينية سارة الحارثي رئيسة تحفيظ جمعية القرآن في وادي ليا الناشطة بمدينة الطائف أن السبب في استقطاب محاضراتها للمراهقات يعود لأسباب كثيرة منها اهتمامها بشكلها الخارجي المحتشم، وكذلك اتباعها الاسلوب القصصي الساخر والمحزن المبكي وتقول عن أكثر محاضراتها التي لاقت استحسانا، الزينة المباحة، نجحت في نفور المراهقات من المشاغل بأنواعها، والماكياج بأشكاله خاصة الفرعوني، كذلك قصات الشعر المقلدة للكافرات فكيف بقصة كلب كافرة (ديانا)، أقنعتهن باستشهادي لقصص محزنة ومخيفة كفتاة تعرضت لحادث مما أعاقها ووصفت لهن شكلها قبل الحادث ومدى إتباعها لخطوط الموضة.

والقصص التي تسرد في المحاضرات الدينية صارت تثير الشكوك عن مصداقيتها كما تقول عبير الاسمري 14 عاما، كل القصص من تأليف الواعظات لا اهتم بها فمن غير المعقول أن تمر عليهن قصص وحوادث في كل طريق يتوجهن إليه. وتعلق الحارثي قائلة: لا تلك القصص صحيحة، فمثلا هناك قصة عن فتاة أزالت شعرة من حاجبها عاقبها الله بحرمانها من بصرها فهذه قصص واقعية. وتضيف، مستشهدة بقصة الفتاة الممسوخة رغم اقتناعها بأنها أكذوبة إلا إنها كما تقول: جاءت في وقتها لتخاف الفتيات من الأغاني.

وتستشهد ولاء الخياط اختصاصية اجتماعية بإحدى مدارس جدة بمقولة عمر بن الخطاب «لا تجبروا أولادكم على زمانكم فإنهم قد خلقوا لزمان غير زمانكم» وتتذكر موقفا قد مرت به مع تلميذاتها التي انهارت بعضهن بعد رؤيتهن لصور فتيات مذنبات في السجون وتقول: المدرسة تضم شرائح مختلفة من المجتمع ثم نفسية كل فتاة تختلف عن الأخرى من غير المعقول أن نخاطبهن بلغة واحدة.

أميرة درويش في الـ 15 ربيعا إحدى الفتيات اللاتي يترددن على هذه المحاضرات تقول: بعد مشاهدتي وسماعي في المدرسة لمحاضرة دينية عن غسل الموتى تبت الى الله وتركت سماع الأغاني. بينما في المقابل خافت دارين هادي 13 عاما من المدرسة وعانت أسرتها كثيرا لدفعها الى مقاعد الدراسة مرة أخرى بعد رؤيتها غسل الميت وسماعها لمحاضرة مؤثرة من قبل داعية في المدرسة، وحول ذلك تعلق بخيت من مركز خبراء المستقبل قائلة: لا أفضل تلك المحاضرات لمراهقات لأنه بالتأكيد لن تغسل الميت في عمرها هذا.

وتختلف عنها الداعية الحارثي وتقول: في كل محاضراتي لا بد من تذكير الفتيات بهادم الملذات حتى يخففن من ذنوبهن، وأخصص محاضرة عن عذاب القبر في المخيم الصيفي للراغبات وكيفية غسل الميت.