الجسر المعلّق.. شاهد على توسع العاصمة وتطور الطرق في السعودية

معلم حديث أصبح مزاراً يومياً لمئات السكان

TT

«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى بركة الله، إن شاء الله فاتحة خير للرياض، ولسكان الرياض والمملكة، وشكراً».. كانت هذه كلمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد آنذاك ـ أثناء قصه شريط افتتاح وتشغيل الجسر المعلق على وادي لبن، الواقع في غرب العاصمة، في يوم السبت السادس والعشرين من فبراير (شباط) 2000، وذلك ضمن حفل أعد لافتتاح الجسر وتشغيله بشكل رسمي.

ويعد الجسر المعلّق الأول من نوعه في المملكة، حيث بلغت تكلفته 190 مليون ريال (51 مليون دولار أمريكي تقريباً)، ويصل عمره الافتراضي إلى 120 عاماً، وبذلك يستطيع العمل بكامل كفاءته إلى العام 2120.

ويبلغ طول الجسر 1300 متر، وعرضه 35 متراً، فيما يبلغ الجزء المعلق منه 763 متراً فقط، ويتكون الجسر من اتجاهين متعاكسين، ويوجد في كل اتجاه ثلاثة مسارات، ويفصل بين الاتجاهين جزيرة وسطية عرضها خمسة أمتار، بينما يبلغ ارتفاع الجسر من سطح الوادي وحتى قمة الأبراج 172 مترا.

ويعتمد الجسر المعلق، الذي صممه المهندس العالمي سيريني فاسان، على عمودين فقط، يتدلى من كل عمود أكثر من 60 مشداً للجسر في كلا الجانبين، وقد تم استخدام هذا التصميم لأن الوادي عميق وعريض جداً، ما أدى إلى استبعاد استخدام القوس الخرساني أو العمود الواحد، ويتميز هذا الجسر عن غيره بتوسط العمودين للجزيرة الوسطية الفاصلة بين اتجاهي الطريق.

ويقع الجسر في منطقة خالية من المساكن والسكان، وهي المنطقة الفاصلة بين ظهرة وهجرة وادي لبن، ومنطقة العريجاء والسويدي وطويق (الدخل المحدود)، بينما يشرف الجسر على بعض المزارع والطرق القابعة في قعر وادي لبن، إضافة إلى مجمع مواقف السيارات المحتجزة بسبب المخالفات المرورية.

ويربط الجسر المعلق طريق الرياض ـ الطائف السريع بالضلع الجنوبي من الدائري الغربي، ويخدم الجسر بشكل مباشر سكان أحياء طويق والعريجاء الغربي والسويدي الغربي، وفي المجمل فإن الجزء الغربي الجنوبي من الرياض، أو ما تسمى بمنطقة الدخل المحدود في اللغة المحكية، أصبحت مرتبطة بباقي العاصمة دون إشارات مرورية، خاصة الطرق السريعة، مثل طريق الملك فهد وطرق الدائري الشمالي والشرقي والجنوبي وطريق الدمام وطريق القصيم وطريق مطار الملك خالد الدولي وطريق الخرج. ويستقبل الجسر المعلق زوار العاصمة من جهة الغرب، لا سيما القادمين على طريق جدة، أو الرياض ـ الطائف السريع، كأول وأبرز معالم الرياض الغربية. وأصبحت الضفة الشمالية للجسر المعلق مزاراً ومركزاً لتجمع بعض سكان وزوار مدينة الرياض، لا سيما أولئك القاطنين بالقرب منه، بل أن بعضهم يخرج للشواء، ومع جلوس الناس في ذلك المكان لفترات طويلة، بدأت سيارات الآيسكريم بالتجوال هناك، كما بدأت سيارات أخرى تبيع المرطبات والمكسرات والماء وبعض ألعاب الأطفال، كما تمارس بالقرب من الجسر المعلق هواية التحليق بالطائرات الورقية أو البلاستيكية، والتي يتحكم بها من خلال خيط مربوط فيها لتطير بفعل دفع الهواء لها. ويحرص معظم الجالسين حول الجسر المعلق على النظر إلى أسفل الوادي، والتأمل في امتداد الجسر على ضفتي وادي لبن، ويلجأ بعض الشباب للنزول إلى أسفل الوادي ومن ثم العودة مرة أخرى في فترة العصر، من خلال سلوك طرق وعرة سيراً على الأقدام.

وعلى الرغم من تعاقب الناس على الجلوس إلى الشمال الشرقي من الجسر المعلق، منذ بداية تشغيله وحتى الآن، لم يتم إلى اللحظة، استثمار المنطقة الشمالية المحيطة بالجسر، وإقامة مرافق خدمية وترفيهية فيها، من أجل خدمة الزائرين ودعم صيانة ونظافة الجسر المعلق والمنطقة المحيطة به.