تأسيس وكالة للشؤون الثقافية.. يعيد الحماس للمثقفين

أكدوا على تغيير واقع المؤسسات الثقافية المتردي وإتاحة الفرصة للمرأة

TT

تفاءل المثقفون والمهتمون بشؤون الثقافة بقرار تعيين الدكتور عبد العزيز السبيل، الاستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض قسم اللغة العربية، وكيلا للثقافة وشؤونها بوزارة الثقافة والإعلام. وجاء هذا القرار بعد أن تحدث عدد كبير من المثقفين بضرورة انشاء وكالة للثقافة تعنى بشؤونها التي ظلت لفترات طويلة مشتتة ومتأخرة وضائعة بين دروب الشللية.

وقد أكد هذا التفاؤل الناقد والأديب الدكتور حسن النعمي، الذي قال: «بدا المشهد الثقافي متفائلاً عشية تعيين الدكتور السبيل وكيلاً لوزارة الثقافة، لما ينطوي عليه هذا الموقع من حساسية استثنائية تحتاج إلى من يراعي كافة جوانب المشهد الثقافي بروية وحكمة واتزان وهي الصفات التي يتمتع بها». ويتحدث النعمي بصراحة عن الواقع الثقافي بالسعودية قائلا: «نعلم جميعاً أن الإرث الثقافي يشكل عبئاً وتحدياً كبيراً، وهناك واقع المؤسسات الثقافية الحالي، وهو واقع أقل ما يقال عنه إنه لم يعد ملائماً بالطريقة التي يدار بها، كما أن غياب التشريعات الثقافية وقلة الدعم المالي وغياب كوادر وظيفية من المشتغلين بالثقافة سيشكل عبئاً إضافياً، ومع اتساع المشهد الثقافي يحتاج العمل الثقافي إلى التصنيف إلى قطاعات حتى تسهل إدارتها، وحتى يأخذ كل قطاع حقه من الرعاية والاهتمام».

ويقترح النعمي شكلا أمثل لهذه القطاعات: «يمكن أن يكون هناك قطاع للنشر والمكتبات، وقطاع للمهرجانات، وقطاع للجوائز، وقطاع للمسرح، وهكذا، حيث ستعمل على التوازن في إدارة العمل الثقافي التي تندرج تحت وكالة الوزارة للشؤون الثقافية». الناقد سحمي الهاجري، يرى هذا القرار منتظرا منذ فترة لخدمة جوانب الثقافة ويقول: «منذ أن انضمت الثقافة لوزارة الإعلام من قرابة ثلاث سنوات، كانت تحتاج إلى هذا القرار الرسمي»، ويتابع: «اختيار الوزير إياد مدني، ومن ثم وكيل له في الثقافة الدكتور السبيل، قراران موفقان، لكن الأكثر من ذلك هو أيضا أن يوفقا باختيار فريق العمل، الذين سيحوّلون قرارات الوزير ووكيله إلى رؤى عملية تبنى على الواقع»، لذلك شدد الهاجري على أهمية اختيار أعضاء الفريق العملي، ممن سيحملون القرارات الوزارية إلى أرض الواقع ويتابع: «من المهم بناء هيكلة تحتية صلبة ووضع خطط على ثلاثة مستويات، الأولى على المستوى القريب لتحقيق ما تحتاجه الثقافة الآن، وخطط على المستوى المتوسط، وخطط على المستوى الطويل»، ويكمل: «من المعروف أن وضع الخطط والرؤى ليس من السهل على الوزير ووكيله، ونحن نقدّر ذلك، كما أن اختيار فريق العمل، الذين سيعتمد عليهم أيضا ليس سهلا، لكن من الضرورة التأني وعدم الاستعجال لضمان نجاح الخطط الموضوعة وتحقيق الأهداف المرجوة على المدى البعيد».

أما الفنان التشكيلي أحمد الغامدي، سكرتير بيت التشكيليين في مدينة جدة، هو الآخر متفائل بهذا القرار الذي يجمع الثقافة في ظل مؤسسة مستقلة تهتم بها داخل الوزارة ويقول: «الفنان التشكيلي ظل لزمن طويل يعاني وقد حقق خطواته الناجحة خارج دائرة الضوء والاهتمام المؤسساتي، إلا في القليل ممن كان لهم هذا الحظ»، ويتابع حديثه: «فنحن إلى الآن نفتقد وجود كلية للفنون الجميلة التي تخرج لنا فنانين تشكيليين متمكنين من أدواتهم، وكل الذي لدينا هو أقسام أكاديمية تربوية بالدرجة الأولى، ولهذا على الفنان أن يسافر أو يجتهد في حدود إمكانياته كي يبحث عن الأداة التي تهبه التطوير الفني اللازم»، وأضاف:«نحن نحتاج للدعم المادي والمعنوي والاهتمام بهذا الفن الراقي».

ويتفق معه الفنان والمؤلف المسرحي علي دعبوش، الذي يجد أن دور وكالة الثقافة التابعة للوزارة، سوف تساعد على غربلة الأماكن والمناصب التي بقي فيها أناس لفترات طويلة من دون أن يحقق العطاء المنتظر، كما أنها ستوحد الجهود والرؤى التي ظلت لأزمنة مشتتة وغير متفقة، ويقول: «المنتظر تحقيقه كثير، وملتقى المثقفين أشار إلى العديد منها، كونه ناقش قضايا الثقافة الشائكة بصراحة»، ومن حيث المسرح يقول:«أتمنى أن يأخذ المسرح مكانه ويتم تفعيله بالشكل الذي يليق بنا بين الأمم، التي تتباهى بمفرداتها الثقافية والمسرح جزء مهم منها، والتي للأسف لا تزال غائبة على المستوى الجماهيري لغياب المسرح»، ويقول: «يحزنني أن نحقق نجاحات خلال المهرجانات الدولية للمسرح، بينما المسرح لدينا غائب، الأمر الذي يفاجئ كثيرا أصدقاءنا العرب بهذه الدول من خلال أدائنا المتميز»، ولهذا يتمنى دعبوش أن يولد المسرح الجماهيري وتولد معه أكاديمية للفنون كافة المسرحية والموسيقية وغيرهما.

أما المثقفات السعوديات فقد تطلعن بشكل جاد ليكون دورهن أكثر تعزيزا في وزارة الثقافة والإعلام، لا أن يكون جامدا أو ثانويا، هذا ما أكدته الدكتورة فاطمة إلياس، أستاذة الأدب الإنجليزي والعضو في جماعة حوار بالنادي الأدبي، وهي كما أكدت:«أن المثقفة تحتاج إلى تفعيل دورها وإفساح المشاركة لها في تأسيس هيكلة التنظيم الثقافي في الإدارة، إذ ان إقصاءها من وضع الخطط التأسيسية، سيؤدي سلبا إلى تعثر أنشطة الثقافة التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها، كونها جزءا فاعلا ومشاركا ولا يمكن التهرب منه أو حتى تأجيله».