:هدم الآثار في المدينة المنورة خطأ وليس من صلاحية أمانات المدن والبلديات المساس بالمواقع الأثرية

الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة لـ الشرق الاوسط

TT

أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الأمين العام للهيئة العليا للسياحة، أن هدم بعض الآثار «سكة الحديد» في المدينة المنورة خطأ ونحن ما زلنا ننتظر إجابة شافية من الأمانة «أمانة المدينة المنورة» حول ظروف الهدم وأسبابه، حتى نستطيع أن نتحرك بعد ذلك بصورة واضحة وجلية.

وشدد في حوار مع «الشرق الأوسط» على أنه ليس من صلاحية أمانات المدن والبلديات المساس بالمواقع الأثرية أو هدمها، مشيرا إلى وجود قرار من الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء يقضي بعدم إزالة أية مبان أو آثار إلا بعد معاينتها من وكالة الآثار، حتى تتمكن هيئة السياحة من تقييمها لأن وكالة الآثار وهيئة السياحة هما الأقدر على تقدير أهمية ذلك الاثر حضاريا وإنسانيا. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تعاملت الهيئة العليا للسياحة مع حادثة هدم الآثار في المدينة المنورة؟ ـ من المهم أن تعرف أن الهيئة قد تفاجأت بحادث الهدم، وقد تحركنا بشكل فوري، حيث بعثنا ببرقية عاجلة لمعالي أمين المدينة المنورة للاستفسار عن الحادثة ونحن ما زلنا ننتظر إجابة شافية من الأمانة حول ظروف الهدم وأسبابه، ولماذا اتخذ قرار الهدم حتى نستطيع أن نتحرك بعد ذلك بصورة واضحة وجلية.

* سبق وان صدرت قرارات حاسمة بعدم إزالة الآثار والعبث بها، كيف ترون ما حصل رغم وجود هذا القرار؟

ـ لقد صدر قرار من سمو سيدي ولي العهد بعدم إزالة أية مبان أو آثار إلا بعد معاينتها من وكالة الآثار، حتى نتمكن من تقييمها لأن وكالة الآثار وهيئة السياحة هما الأقدر على تقدير أهمية ذلك الاثر حضاريا وإنسانيا.وحصل هذا القرار بدعم من وزير الداخلية الذي طلب من أمراء المناطق المساندة في هذا الخصوص، إضافة إلى الدعم الكبير من الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، الذي طالب أمانات وبلديات المدن بعدم المساس بالآثار أو التعرض لها بأية حجة كانت.

* خط السكة الحديد من أهم الآثار التي عالجت هيئة السياحة وضعها كيف بدأت قصة الترميم والمحافظة عليها؟

ـ قمت شخصيا بمعاينة خط السكة الحديد كاملا قبل اشهر وطرت فوقها على ارتفاع منخفض وهي في معظمها ليست قريبة من السكان وبعض المحطات تحمل أهمية تاريخية وأثرية عالية، خاصة ما تحمله من مضامين حضارية، وقبل أربعة أو خمسة أعوام تم ترميم المحطة النهائية في المدينة المنورة على حساب الدولة بـ 24 مليون ريال، حتى أن القطار الموجود حاليا تم تشغيله من جديد. ووكالة الآثار تبحث في إمكانية تحويله إلى متحف يمكن زيارته والإطلاع على ما يتضمنه من آثار كما يتم ترميم الخط بكاملة إضافة إلى بعض القلاع.

* كيف يمكن مواجهة حوادث الهدم التي تمس مواقع حضارية وأثرية؟

ـ أولاً: المملكة دولة ذات وزن حضاري كبير وليس من السهولة الهدم، ويكفي ما هدم خاصة أن الأمر قد صدر من أربع سنوات بمنع أية محاولات هدم، وليس من صلاحية أمانات المدن والبلديات المساس بالمواقع الأثرية أو هدمها ولكنني أيضاً متفائل خيراً خاصة أن الدولة مهتمة بآثار البلاد من خلال ترميم المواقع في بعض مدن المملكة ومثال ذلك ترميم منطقة قصر الحكم في الرياض وخطط ترميم جدة القديمة وغيرهما الكثير. ولا يمكن بأية حال من الأحوال ترك تراث البلد أمام كل اجتهاد، خاصة أن الاهتمام العالمي أدى ببعض الدول لوضع عقوبات لكل من يمس حجرا واحدا من كل ارث حضاري أو ثقافي.

* ما هو مستقبل قطاع الآثار في المملكة؟

ـ بعد نقل قطاع الآثار للهيئة والمتوقع قريبا، إضافة إلى انه تم إعادة صياغة نظام المتاحف والآثار ورفعه للجهات الرسمية، وهذا النظام يشمل المحافظة على التراث العمراني.

* ما هي قصة الهدم وماذا سيتم في الموقع؟ ـ نحن سمعنا انه تم تفكيك الموقع والمحافظة على حجارة المحطة، ولذلك سيتم إعادة تركيبه من جديد.

* ما مدى التعاون مع البلديات وأمانات المدن؟ ـ التعاون مع البلديات ممتاز، ومطلوب منها الحفاظ على الآثار، كما قامت الهيئة بابتعاث أربعة من رؤساء البلديات في زيارات ميدانية لمدن وقرى أوروبية لكي يعاينوا ويطلعوا على خبراتهم في المحافظة على آثار تلك المدن والقرى، وكيف تحولت هذه المدن والقرى إلى مناطق جذب.

* ما هي برامج الهيئة المستقبلية في الحفاظ على المناطق الأثرية في المملكة؟ ـ نعمل حاليا على برنامج مشترك مع البلدية ووزارة العمل لترميم قرى قديمة منظور حضاري وخيري، يمكن من خلالها توفير آلاف فرص العمل للفقراء وأبناء القرى الذين يعجزون في الحصول على الفرص الوظيفية، ويتم ذلك من خلال إنتاجهم للمنتجات المحلية، والصناعات النادرة، وهذا يأتي مرافقا لتوجيه الدولة في مكافحة الفقر وتوفير فرص عمل للمواطنين في أماكن سكناهم والحد من ظاهرة الخروج والهجرة إلى المدن الحضارية.

* كيف تنظرون للسياحة كصناعة مستقبلية وطموحة؟ ـ السياحة كصناعة هي نافذة مهمة لتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل، خاصة أنها تهتم بالمزايا النسبية للمناطق التي فيها موارد حرفية وزراعية وموروثات حضارية. ولذلك أعود لأشدد على أن هدم المواقع الأثرية لا يمكن قبوله، إلا أن الأمر السار هو أن الوعي العام بدأ يتزايد وأصبحت قضية هدم الآثار قضية غير مقبولة لدى المواطن، بل ان المواطنين رفعوا أصواتهم احتجاجا على عمليات الهدم وهذه من علامات التحضر وهي مؤشرات مبشرة، ولعلي هنا استذكر الدور الحضاري الذي يقوم به الحرس الوطني الذي ربطنا بتراثنا وسنعمل على ما بناه الحرس الوطني في مهرجان الجنادرية في الاعتراف والمحافظة على التراث الوطني.

* نعود مرة أخرى لحادثة هدم آثار المدينة.. لماذا هدمت ومن اتخذ قرار الهدم؟

ـ أحب أن أشيد باهتمام سمو الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، وهو من أكثر الناس اهتماما بالتراث والآثار والمحافظة عليها.

وأود أن أؤكد أن هدم أثر حضاري ليس قرار موظف في بلدية، كما أود أن اكشف عن انتهاء الهيئة من القائمة الوطنية للمواقع الأثرية، كما صدرت الأوامر لاستعادة آثار المملكة المفقودة خارج البلاد، وقد حان الوقت للتأكيد على دور المملكة الإنساني وهي دولة لها وزنها وثقلها الحضاري وهي إضافة إلى ذلك تقاطعة حضارات إنسانية كثيفة وكانت مهدا لتراث إنساني عريق وموقعا وسطا لتقاطع خطوط التجارة على مر العصور.