مدير فرع الجامعة العربية المفتوحة في السعودية: 5 آلاف طالب وطالبة يدرسون في الجامعه المفتوحة.. والتعليم عن بعد ليس فكرة وقتية

TT

استبعد الدكتور عبد الله السلامة مدير فرع الجامعة العربية المفتوحة في الرياض ان يكون التعليم عن بعد فكرة وقتية ستزول بسرعة بسبب صعوبة ملاءمته للمجتمع السعودي.

وقال السلامة: «واعتقد أن لا أحد ممن يتابع مسارات التعليم وتوجهات التنمية البشرية في العالم يوافق على هذه المقولة، التي لا تنبع من أي أساس علمي. فهذا كلام مجرد، وليس رؤية، لان الرؤية تبنى على معطيات واضحة ومحددة». وأضاف: «أن عدد الطلبة والطالبات في الجامعة (يتجاوز خمسة آلاف طالب وطالبة)، وهو مادفع مجلس أمناء الجامعة برئاسة الأمير طلال على اقرار افتتاح ثلاثة مراكز في كل من جدة والأحساء وحائل، وهنالك مركز مرتقب في المدينة المنورة». كيف يمكن أن نفرق بين التعليم عن بعد والتعليم التقليدي؟ـ هذا النمط من التعليم يعرف نفسه بنفسه، إذ يتيح فرص التعليم العالي والتعليم المستمر والوصول بالمعرفة إلى حيث يوجد الطالب أو الطلبة دون الحاجة للتفرغ او السفر من اجل الالتحاق بالجامعة عبر استخدام تقنية المعلومات والاتصالات الحديثة من إنترنت وفيديو كنفرس.

فما يميز التعليم عن بعد أو (التعليم المفتوح) هو البنية التقنية التي تعد بمثابة الأساس الذي يقوم عليه هذا النمط من التعليم.وتشمل هذه البنية أحدث ما توصل إليه العلم من أدوات وتقنيات تعليمية تتمثل في تقنيات البث المرئي باتجاه واحد، والبث المرئي والصوتي باتجاهين، وبرامج تعليمية على شبكة الإنترنت، وبرامج CD ROM Interactive للحاسبات الشخصية وبرامج تعليمية لأجهزة VCR، ودمج وسائل التقنيات الحديثة مع بعضها بعضا يخدم متطلبات المناهج والمقررات ويلبي احتياجات الطلبة. فالتعليم المفتوح مواكب لتطورات العصر، خاصة في مجال تقنيات الاتصال والتواصل بما ييسر العملية التعليمية ويجعلها في المتناول دون أن تعترضها عقبات الزمان أو المكان. وهذا هو وجه الاختلاف الأساسي، فهذا النمط يسعى بالتعليم إلى من يرغب ويزيل العوائق من أمام الدارسين ويفتح منافذ المعرفة التي أصبحت أكثر رحابة، فنمط التعليم المفتوح يتصف بقدر كبير جداً من المرونة في الزمان والمكان، وذلك من خلال توظيف التقنيات الحديثة في التواصل المعرفي. ويميز هذا النمط الكتاب الذي تم تأليفه بهدف التعلم الذاتي وهو مزود بمادة مساندة سمعية وبصرية اضافة الى استخدام الإنترنت لاستمرار التواصل بين المدرس والطالب وكأنهم في نفس المكان.

* ما هي الجهة المسؤولة عن هذا النوع من التعليم في السعودية؟

ـ هي وزارة التعليم العالي، لأن هذا النمط من التعليم بدأ حتى الآن في المرحلة الجامعية، ووزارة التعليم العالي هي المسؤولة عن الجامعات والكليات والمعاهد العليا. وتولي هذا النظام اهتماما خاصا، إذ اوكلته لخبراء في التربية ووسائط التعليم وتقنياته ليكون التعامل فيه منظور تخصصي، وهذا من شأنه إيجاد معايير علمية وعملية منصفة لتقويم التعليم المفتوح.

* ما مدي القبول والرواج الذي وجده هذا الأسلوب في العالم العربي؟ النموذج العملي لهذا النمط أمأمنا في المجتمعات العربية هو في الجامعة العربية المفتوحة WWW.ARABOU.ORG.SA صحيح هنالك تجارب محلية محدودة في عدد من الدول العربية مثل فلسطين مصر، السودان، ولكن عندما نتحدث عن تجربة على أرض الواقع وعلى نطاق واسع وبتواصل عالمي مع المؤسسات التعليمية المماثلة نجده في الجامعة العربية المفتوحة، التي لاقت مباركة عربية واسعة بدءاً من المراحل الأولى للمشروع ـ منذ المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز في عام 1997 للأخذ بنمط عصري من التعليم العالي. ـ ما يعكس الإيمان بالميزة النوعية لهذه المؤسسة التعليمية وقدرتها على المساهمة في تطوير التعليم العالي العربي. وبالفعل تأسست الجامعة وتسابقت الدول العربية على احتضان المقر الرئيس وإقامة فروع للجامعة. وبناء على معايير موضوعية أشرفت عليها لجنة من وزراء التربية والتعليم العالي العربي، تم اختيار الكويت مقراً للجامعة، كما أقيمت فروع في كل من الأردن والبحرين والسعودية ولبنان ومصر إضافة إلى فرع في دولة المقر. فالترحيب بالجامعة العربية المفتوحة (رسمياً) وقبولها مجتمعياً يمكن أن يكون مؤشراً على رواج التعليم المفتوح عربياً. من حسن حظ الجامعة العربية المفتوحة أنها دخلت منظومة التعليم العالي العربي في وقت أصبحت فيه المجتمعات العربية على قناعة بضرورة إخضاع نظم التعليم فيها للمراجعة والتقويم والإصلاح وصولاً لضبط خطاها مع إيقاع العصر. والجامعة العربية المفتوحة. ـ بخططها ومنهجها الدراسي. ـ قد بدأت من حيث انتهت إليها المجتمعات المتقدمة صاحبة التجارب الرائدة والعريقة في تطبيق نمط التعليم المفتوح والتعليم عن بعد، وذلك في تقديرنا يجعلها في موضع متقدم في سباق تطوير المناهج وعصرنتها.

* تتمتع السعودية بقوة اقتصادية وإقليمية كبرى تجعلها مؤهلة لبناء أنظمة للتدريب عن بعد، لكن ذلك لا يعني عدم وجود بعض المعوقات، ما رأيكم؟

ـ صحيح، المملكة مؤهلة لذلك، ولديها بنية تحتية للاستفادة من قدرات نمط التعليم عن بعد والتعليم المفتوح، فلماذا التأخير؟ علينا أن نبدأ فوراً ولتكن الانطلاقة من مؤسسات التعليم المفتوح التي أوجدت نوعاً من الخبرات واستفادت من التجارب العالمية. فالتدريب هدف رئيس من أهداف الجامعة العربية المفتوحة، وقد بدأنا بالفعل مع بعض المؤسسات الوطنية. والتدريب عن بعد شأنه شأن التعليم عن بعد قليل الكلفة فضلاً عن قدرته في الربط المباشر بين المراكز العلمية والمتخصصين وتلقي المعلومة المحدثة في مجال التدريب.

* كيف تقيمون تجربة الجامعة العربية المفتوحة في السعودية في التعليم عن بعد حتى الآن، وما مدى الإقبال على الجامعة؟

ـ بلا شك التجربة ناجحة. فالجامعة العربية المفتوحة بدأت بإقبال كبير وتدافع على التسجيل والقبول، وعدد الطلبة والطالبات في الجامعة (يتجاوز خمسة آلاف طالب وطالبة)، وهذا الإقبال جعل مجلس أمناء الجامعة برئاسة الأمير طلال يقر افتتاح ثلاثة مراكز في كل من جدة والأحساء وحائل، وهنالك مركز مرتقب في المدينة المنورة. وهذا مؤشر للإقبال على الجامعة وبرامجها الدراسية وتخصصاتها التي تشمل بكالوريوس اللغة الانجليزية وآدابها، وبكالوريوس تقنية المعلومات والكومبيوتر، وبكالوريوس إدارة الأعمال والاقتصاد، والبكالوريوس التكميلي في التربية، والدبلوم العالي في التربية. وتطرح الجامعة العربية المفتوحة فصلين دراسيين خلال كل عام جامعي بالإضافة إلى فصل دراسي صيفي مما يتيح الفرصة للطلبة والطالبات إكمال مواد دراسية أكثر وتقليل فترة الدراسة للحصول على الشهادة الجامعية. ويشكل هذا التدافع حقيقة تحدياً لهذه التجربة، ويضع المؤمنين بها والمراهنين عليها أمام مسؤوليات كبيرة. فمنطلق أن «العبرة بالنتائج»، سيحكم المجتمع على هذه الجامعة بالنظر إلى أدائها، ومن خلال طلبتها، ومن واقع استجابة مخرجاتها للاحتياجات المستجدة ولضرورات تطور سوق العمل وتغيرها. ومن هنا فإننا نعمل على أن تكون الجامعة في مستوى توقعات المجتمع وتطلعاته، وذلك من خلال أربعة محاور: أولاً: العمل الجاد لترسيخ قيم التعليم المفتوح وثقافته، والانفتاح على وسائط التعليم عن بعد وتوظيفها للوصول إلى المواطن والمقيم في كل مكان. ثانياً: التركيز على جودة التعليم، فالأمم الساعية إلى إيجاد مكان لها في عالم الألفية الثالثة وفي منظومة العولمة تراهن على التعليم الجيد، الذي يؤهل الطاقات البشرية ويدربها ويجعلها في مستوى متطلبات العصر. ثالثاً: الاستفادة من تجارب الجامعات القائمة وعدم تكرار سلبيات المناهج المطبقة فيها. رابعاً: التفاعل مع المجتمع المحيط والاندماج فيه والانفعال بهمومه وقضاياه، لا سيما في ما يختص بمحو الأمية التقنية والتدريب وفتح تخصصات تتطلبها حاجة سوق العمل. إن الحرص على الوفاء بهذه المحددات من شأنه أن يوفر للجامعة الأرضية الثابتة، ويجعلها كياناً معرفياً له مكانته في خريطة التعليم العالي. وسيتعزز دور هذه المؤسسة التعليمية باستمرار بما تلقاه من رعاية من الأمير طلال وتوفير التسهيلات التي تمكنها من الاضطلاع برسالتها خاصة أنها مؤسسة غير ربحية.

* يقال إن التعليم عن بعد تجربة وقتية ستزول بسرعة بسبب صعوبة ملاءمته للمجتمع، ماذا تقولون في هذه الرؤية؟

ـ أبداً، لا نوافق، واعتقد أن لا أحداً ممن يتابع مسارات التعليم وتوجهات التنمية البشرية في العالم يوافق على هذه المقولة، التي لا تنبع من أي أساس علمي. فهذا كلام مجرد، وليس رؤية، لان الرؤية تبنى على معطيات واضحة ومحددة. ففي واقعنا (السعودي) أمثلة عديدة لم تنطبق عليها هذه المقولة، على سبيل المثال تعليم الفتيات ألم يزعم البعض أنه غير ملائم وأن المجتمع لا يقبله؟ وهاهي الأيام تثبت قصور تلك (النظرة) وخطلها. تقديرنا أن هذا شأن كل جديد، قد تحيطه مخاوف ويطلق البعض ممن لا يخبره آراء لا تصمد أمام التطورات. وعلى هذا الأساس فإذا قال أحد ان التعليم المفتوح غير ملائم (وهذا في حقيقة الأمر ما لم أقف عليه) فهو يصادم الواقع ويجهد نفسه بلا طائل في رفض ثورة المعلوماتية والاتصالات وعالم الإنترنت الذي جعل المعرفة متاحة تماماً مثل الهواء. إذا تحدثنا عن الملاءمة المجتمعية فكل الشواهد تشير إلى أن التعليم المفتوح ملائم لإنسان العصر وعلى العكس من ذلك النمط التقليدي للتعليم هو الذي يفقد (الملاءمة) تدريجيا لأنه يضع قيوداً على طالب المعرفة يتجاوزها التعليم المفتوح ويتغلب عليها ويخضعها. الرد العملي لمن يتبنى مثل تلك المقولة هو أن الجامعة العربية المفتوحة لم تستغرق وقتاً لتندمج في المجتمع السعودي، فبيئة التعليم المفتوح لم تعد بيئة غريبة لأن المملكة وضعت نفسها بجدارة داخل (بيئة عصر التواصل المعرفي)، ولذلك فالطلبة والطالبات الذين يلتحقون بالجامعة العربية المفتوحة هم في الأصل على دراية بأدوات الجامعة وثقافتها التقنية. فكيف يكون نمط التعليم المفتوح غير ملائم للمجتمع.

* كيف يمكن الارتقاء بهذا النوع من التعليم، وهل لديكم مقترحات للمستقبل؟

ـ إضافة إلى الأبعاد التي ذكرناها وهي متصلة باستراتيجيات الجامعة العربية المفتوحة في تعزيز التعليم المفتوح، فمنطلق أن وزارة التعليم العالي هي الجهة المسؤولة عن الجامعات. ـ وهذا النمط مطبق في مؤسسات التعليم العالي.

ـ فإن توجه الوزارة في التعامل مع المؤسسات التي تطبق هذا النمط ينطوي على دور مهم في تيسير أداء هذه المؤسسات وإرساء تقاليد راسخة ينبني عليها مستقبل التعليم المفتوح في بلادنا. فالمطلوب أن يركز توجه الوزارة على ما يحقق جودة التعليم، ليس فقط قياساً على ما هو قائم وموجود بين ظهرانينا، ولكن بالوقوف عن قرب على التجارب العالمية الناجحة، والتعرف على أنماط التعليم التي تناسب العصر وتغيراته وبالتالي تخدم الأهداف العليا الوطنية والاعتراف بهذا النوع من التعليم في كل مؤسسات الدولة للتوظيف. وهذا ما نعتقد أن القائمين على وزارة التعليم العالي يحرصون عليه خاصة في ما يتعلق بنظام التعليم الأهلي غير الربحي في مؤسسات التعليم العالي وضرورة تطويره وتحديثه باستمرار للأخذ بالمستجدات المفيدة في مجال التعليم المفتوح.

* وفقاً لرؤيتكم المطروحة، هل يمكن أن تكون السنوات القادمة العصر الذهبي للتعليم عن بعد؟

ـ لم لا، ليس فقط بالأمنيات ولكن عملياً بالنظر إلى المعطيات المشاهدة والإقبال على الجامعة العربية المفتوحة، وما يلمسه المواطنون من جدوى هذا النمط وفاعليته وإشباعه لرغبات أبنائهم وبناتهم ومدهم بالمعرفة والمهارات التي تجعلهم مؤهلين لسوق العمل، وتفتح لهم فرص العمل. ومن المؤشرات المهمة على المستقبل الواعد للتعليم المفتوح، أننا في الجامعة العربية المفتوحة نقيم علاقات جيدة مع مؤسسات التعليم العالي السعودية، وهذه العلاقة تشهداً نمواً متواصلاً، بين الجامعة ووزارة التعليم العالي وبينها وبين الجامعات والمعاهد العليا في المملكة، وفي هذا الاتجاه الهادف للنهوض بالتعليم العالي والمحافظة على المستويات المميزة تبدأ الجامعة العربية المفتوحة تعاوناً نوعياً مع جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المنطقة الشرقية وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك فيصل، وهذا التعاون سيكون في أبعاده القريبة والمستقبلية إضافة جيدة لمفهوم التعليم المفتوح. كما أن الجامعة تقيم جسور تواصل مباشرة مع المواطنين عبر اللقاء المفتوح السنوي الذي نجيب فيه عن استفسارات الدارسين وأولياء الأمور ونملكهم الحقائق عن التعليم المفتوح ومستقبله. وإلى جانب ذلك نعول على دور الإعلام لزيادة الوعي بأهمية هذا النمط العصري من التعليم، فدور الإعلام مهم في إزالة المفاهيم الخاطئة وإيضاح الحقائق.