التربية والتعليم تفرض 35 طالبة في الفصول المستأجرة و45 في الحكومية

حالات اختناق وحساسية بسبب اكتظاظ الفصول الدراسية

TT

عبر عدد من التربويات عن استيائهن جراء اكتظاظ الفصول الدراسية بعدد كبير من الطالبات في مختلف فصول المراحل الدراسية، فمع تباشير العام الدراسي الجديد نقلت التربويات عبر «الشرق الأوسط» مناشدتهن للجهات المسؤولة حل قضية ازدحام الفصول المدرسية بأعداد كبيرة من الطالبات تتجاوز الطاقة الاستيعابية للفصل إلى جانب عدم توفر ابسط حقوق الطالبات اللائي يضطررن للجلوس خلف أدراج دراسية بالتناوب حلاً للاشكال، وينتج عن ذلك صعوبات ومشاكل لا تقتصر على الطالبة وحدها وإنما تمتد للمعلمة من شيوع للفوضى داخل الفصول وعجز المعلمة عن إيصال المعلومة لكافة من في الفصل، إلى جانب ما يترتب على الازدحام من مشاكل صحية نتيجة انعدام التهوية اللازمة.

إلى ذلك طالبت الادارية (أ.غ) بإحدى المدارس الثانويات (شرق الرياض) بضرورة التخلص من كافة المباني المستأجرة واستبدالها بأخرى حكومية تتوفر فيها كافة التسهيلات والخدمات العلمية واتساع الفصول إلى جانب خدمات المرافق الصحية ومخارج الطوارئ.

وأشارت إلى أن اكتظاظ الفصول يصيب إدارات المدارس بالعجز عن تحقيق كافة أهدافها ومخططاتها التربوية والتعليمية، وذلك لاستحالة السيطرة على أربعين طالبة في فصل لا تتجاوز مساحته 16 متراً مربعاً، إضافة الى تضاعف الجوانب السلبية نتيجة لعدم توفر مكاتب دراسية لفصل كامل، ونتج عن ذلك إقرار قانون المناوبة «فمن حازت مكتبا دراسيا في الفصل الأول يحجب عنها في الثاني ليقدم لطالبة أخرى كانت قد اعتادت هي ورفيقاتها لفصل كامل الكتابة على أقدامهن».

وتساءلت عن مغزى أمر مركز التوجيه القاضي بعدم رفض أي قبول للتسجيل رغم عدم وقوع سكن الطالبة في ذات منطقة المدرسة، وقالت ان تنفيذ الأوامر قادها إلى إلغاء المصلى والمطبخ لاتساعها مقارنة بالفصول الأخرى وتجهيزه كفصل دراسي مستوعبة فيه ما لا يقل عن 62 طالبة.

وأوضحت الإدارية انه في حالة رغبت مديرة المدرسة في فتح فصول إضافية فإنها تقع في مأزق آخر يتمثل في نقص الكادر التعليمي فمنهن من تلقت أمر انتداب وهناك من هي في إجازة أمومة لتدير ثانويتها ذات الـ 500 طالبة والأربعة عشر فصلا بـعدد 32 معلمة فقط.

واشتكت الإدارية (ن. ش) في إحدى المدارس المستأجرة من الخدمات المقدمة للمدارس منذ بداية العام الدراسي، فعلى سبيل المثال تضطر الطالبات الى تناول الإفطار وانتظار أولياء الأمور في ساحة مغلقة خالية من أي مدخل للهواء أو جهاز تكييف فأصيبت طالبات بالحساسية جراء أجواء الرياض الحارقة. وتساءلت عن الجهة المختصة باختيار المباني المدرسية وعن المواصفات والاشتراطات التي تحكم عملية الاختيار، مشيرة إلى أن المدارس المستأجرة المختارة حاليا لا تصلح حتى للسكنى العادية فكيف تكون بيئة تعليمية مناسبة؟.

وكانت لشكوى (أم عمر) معلمة اللغة العربية في إحدى الثانويات طعم مختلف، حيث أشارت إلى عدم تمكنها من الكشف على الفروض الدراسية للطالبات مما يقودها إلى إلغائها في بعض الأوقات. وتساءلت: كيف للمعلمة أن تتمكن من المرور في فصل يضم 40 طالبة، تتزاحم على كل مقعدين ثلاث طالبات. وقالت ان الاكتظاظ الزائد عاد بالفوضى والتسيب للطالبات لدرجة تناولهن الطعام وتبادل الأحاديث الجانبية أثناء تأدية المعلمة لمهامها الوظيفية، مبينة ان المعلمات اخذن في الاستعانة باللوحات الإرشادية عوضا عن لوحة الشروحات المنصوبة في مقدمة الفصل بسبب إلتصاق الطالبات بها. وتؤكد المرشدة الطلابية ابتسام المالكي من المدرسة المتوسطة 162 بحي الأندلس (شرق الرياض) معاناة جل المدارس من تزايد أعداد الطالبات في كافة المدارس سواء كانت مباني مؤجرة أو حكومية، ورغم احتواء المدرسة على 13 فصلا دراسيا فقط لكافة المراحل المتوسط إلا انها تضم خلف جدرانها 400 طالبة أي 40 طالبة في فصل لا تتجاوز مساحته العشرين مترا مربعا. وأشارت الى أنها تعجز كمرشدة طلابية من توجيه الطالبات في حال إخلالهن بالنظام، وذلك لتوفر تعزز ذلك، فيسبب سوء التهوية وضيق المكان التوتر والاضطراب لكافة الطالبات حتى المتفوقات منهن، منوهة إلى انحدار المستوى التعليمي للبعض بسبب عجز المعلمة عن الإشراف ومتابعة من يعانين من ضعف عام في مستوى التحصيل العلمي.

وطالبت المالكي وزارة التربية والتعليم بتكوين لجان إدارية للقيام بجولات ميدانية من أجل الاضطلاع على الأوضاع والأجواء الدراسية في كافة مدارس السعودية، ليتم من خلالها تحديد الطاقة الاستيعابية لكامل الفصول المدرسية، مؤكدة غياب الموجهات وعدم قيامهن بأي زيارات ميدانية مفاجئة.

وعزت الموجهة بدرية الثقفي كل تلك الشكاوى إلى «سوء التخطيط» من قبل الجهات المسؤولة سواء كانت من قبل وزارة التربية والتعليم وبالأخص شعبة الاختيار والتوزيع أو مركز التوجيه، وقالت أن ذلك تمثل في قرار شعبة الاختيار والتوزيع الخاص بتعديل معدلات الطاقة الاستيعابية للمباني المستأجرة من 30 إلى 35 طالبة مهما كان اتساع الفصل والمباني الحكومية بمعدل 40 إلى 45 طالبة في الفصل الواحد، إلى جانب الحركات المفاجئة التي تقوم بها الإدارة من إغلاق للمدارس أو تحويلها إلى مدارس مسائية أو صباحية مع بداية العام الدراسي مما يحتم توزيع الطالبات بطرق عشوائية.

من جهتها أكدت الدكتورة لمياء البديوي الطبيبة المقيمة في الوحدة الصحية الأولى مراجعة أعدد كبيرة من الطالبات للوحدة الصحية جراء معاناتهن من مشاكل في الجهاز التنفسي أو نتيجة انتقال أمراض معدية لهن جراء ضيق المكان وسوء التهوية.

وأوضحت أن سوء التهوية يتسبب في اصابة الجهاز التنفسي بالامراض نتيجة لتشبع الأجواء المحيطة بالفيروسات والبكتيريا إلى جانب انتقال عدد من الأمراض الفيروسية المعدية، مشيرة إلى متابعتها لأكثر من حالة كانت قد قدمت من ذات المدرسة وهي مصابة بمرض النكاف الذي تنتقل عدواه عن طريق الرذاذ إلى جانب حالات أخرى عانت من القمل والجدري الذي ينتقل في مرحلته الأولى من خلال الرذاذ والثانية عن طريق القشر، الى جانب المشاكل الصحية التي تمتد إلى حساسية الربو.

وأكدت الدكتورة البديوي، انعكاس تردي التهوية وكثرة الازدحام في الفصول على الحالة النفسية للطالبات والمعلمات مما يقود للاصابة بالاضطراب والتوتر إلى جانب انعدام التركيز والتململ خلال تأدية المعلمة لمهمتها أو عند استقبال الطالبة للجرعة التعليمية والتثقيفية.