تعديل نظام التحكيم لمواكبة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية

وزير العدل: إحجام الشباب عن دخول القضاء خشية مجانبة الصواب

TT

كشف وزير العدل السعودي الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ عن إحجام الكثير من الشباب السعودي المؤهل من الدخول إلى المجال القضائي رغم ما وجد من مشجعات ومغريات مالية مرجعا هذا الأمر إلى تدين المجتمع السعودي، وخشية المتخرج الشرعي فيه، من تحمل المسؤولية فيما لو نقصته بعض المعلومات أو حكم بحكم قد يكون جانب الصواب فيه، مشيرا إلى أن هذا الأمر يشكل عائقا أمام وزارته، بالرغم من توفر عدد كبير من الوظائف الشاغرة في هذا المجال، ومؤكدا على سعي وزارته لحل هذه المعضلة، موضحا أنه سيقدم للحكومة اقتراحا لحل هذه المشكلة سيعلن عنه قريبا.

وأكد وزير العدل السعودي على أن نظام التحكيم السعودي تم تعديله بناء على توجيهات القيادة السياسية، على نحو يتفق مع متطلبات انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، ودعم الاستثمار، وذلك بأن تتولى المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع دون تأخير والتأكد من عدم تعارض حكم المحكمين مع الكتاب والسنة والأنظمة التي لا تتعارض معها، دون أن يكون لها فحص وقائع وموضوع الدعوى.

وأعلن آل الشيخ في كلمته التي ألقاها خلال رعايته لندوة التكامل بين القضاء والتحكيم المقامة في العاصمة السعودية، عن إنشاء مركز وطني للتحكيم التجاري تحت مظلة مجلس الغرف التجارية الصناعية، مع إنشاء فروع له في الغرف التجارية الصناعية، لينظم ما يتعلق بالتحكيم من حيث إصدار لائحة تتعلق بإجراءات التحكيم الأولية وكيفية تحديد أتعاب ومصاريف المحكمين وقائمة محدودة وواضحة بأسماء المحكمين، مشيرا إلى أن الجهات المختصة بوزارته، تعكف حاليا على وضع اللوائح التنفيذية وآليات العمل اللازمة للتنظيم القضائي الجديد، لافتا إلى أن المواطن سيلمس واقعا جديدا تقدم فيه الخدمة القضائية، بصورة أفضل وبإجراءات أوضح وأكثر سلاسة وانسيابية.

وعملت وزارة العدل السعودية بحسب وزيرها على إنشاء إدارة تختص بكل ما يتعلق بأعمال شؤون الخبرة والتحكيم، حيث تم تشكيل لجنة قيد المحكمين، حيث سجلت اللجنة 322 محكما، من عدة جنسيات وفي مختلف المجالات التحكيمية.

من جانبه، شدد ناصر غنيم الزيد الأمين العام لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، على أهمية وجود جهاز إقليمي يزود القطاع الخاص الخليجي بآليات لتسوية منازعاته التجارية، وذلك في ظل زيادة حجم التبادل التجاري وزيادة حجم الاستثمارات في دول الخليج، وفي مناخ تسوده أفكار العولمة وخصخصة القطاعات الحكومية والتغيرات في المفاهيم والنظريات والتطبيقات الاقتصادية، مما ساعد على سرعة الفصل في المنازعات التجارية في أسرع وقت وبأقل تكلفة بعيدا عن روتين إجراءات التقاضي العادية والإسراف في الوقت والمال.

وأبرز الزيد مكانة التحكيم التجاري، الذي عده مساعدا للنظام القضائي في تحقيق العدالة، الأمر الذي يخفف الحمل عن كاهل القضاء، مرجعا ضرورة التحكيم التجاري، لوجود التعقيدات الإدارية، وطول مدة التقاضي، فضلا عن عدم رضاء الطرفين المتنازعين بالحكم القضائي، آخذين بعين الاعتبار مصالح الأطراف المتنازعة التي تأتي في مقدمتها السرية في إنهاء المنازعات والسرعة في البت فيها وحقهم في قاض متخصص بطبيعة النزاع.

وتبرز أهمية التحكيم وفقا لأمين عام مركز التحكيم التجاري، للجنسيات المختلفة للأشخاص المتعاملين بالتجارة الدولية، والذين قد لا يقبلون بالخضوع للاختصاص القضائي والتشريعي لجهلهم به، الأمر الذي ساعد في سرعة الفصل في المنازعات وسرية المحاكمة وإصدار أحكام ترضي كافة أطراف النزاع، مما ساهم في التطور الاقتصادي والاجتماعي، والتقليص من عدد القضايا التي تعرفها المحاكم.

وفي تصريحات صحافية أكد وزير العدل السعودي، على حاجة المحاكم في البلاد إلى التحكيم الذي يمتاز بإنهاء الخلاف بين الأطراف المتنازعة في أوله، واصفا إياه بـ «لغة العصر»، مشيرا إلى أن النظام القضائي الجديد الذي جدد الحديث عن درجات التقاضي وعدل محاكم التمييز والاستئناف، راعى ضرورة تعجيل القاضي المكلف بالتحكيم، بالقضايا المنظورة، دون الدخول في الموضوع المحال إلى المحكم.

ولفت الوزير السعودي، إلى أن النظام القضائي الجديد، أتى مواكبا لانضمام البلاد إلى منظمة التجارة العالمية، مشيرا إلى أن وزارته قامت بتشكيل فريق عمل، لبحث جميع العوائق التي قد تحول دون أن يكون النظام القضائي على أهبة الاستعداد للتفاعل والتقبل والتأثير، بهذا الانضمام لمنظمة التجارة العالمية.

وحول النقص في عدد القضاة وتأثيره على السجناء وخصوصا في ظل تصريحات مدير السجون السعودي حول وجود 66% من السجناء لم يتم الحكم عليهم، اعترف وزير العدل السعودي بوجود نقص في عدد القضاة، موضحا أن هذا النقص يؤثر على جميع الجوانب.

وفي معرض رده على سؤال لـ «الشرق الأوسط« عن وجود نية لتحديد مدة زمنية لإثبات اختصاص المحاكم بالقضايا التي ترد إليها، أوضح آل الشيخ أن صحائف الدعوة التي وضعت للتنظيم الجديد في المحاكم، تقدم ابتداء قبل نظر القاضي في القضية جانب الاختصاص، مشيرا إلى أن هذا الأخير هو إجراء إداري وليس قضائيا.

وفيما يتعلق بنظام الإجراءات الجزائية ونظام المرافعات، والتساهل الحاصل من بعض القضاة بتطبيق تلك الأنظمة، اعترف الوزير السعودي، بوجود تقصير في تطبيق ذلك النظام، مرجعا هذا الأمر، لحداثة هذه الأنظمة، التي يستغرق تنفيذها بعض الوقت، موضحا أن الأنظمة سالفة الذكر بحاجة إلى أفراد وتنظيم مع جهات أخرى، فضلا عن الوعي المجتمعي به، مشيرا إلى تحديد وزارته مدة محددة، بحيث تكون جميع هذه الأنظمة نافذة في جميع محاكم الدولة.