د. مشعل القدهي مساعد مدير عام وحدة خدمات الإنترنت للشؤون الفنية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية:

لا نحجب سوى ما هو مخل ومضر بهذا المجتمع.. و96% من الحجب للمواقع الإباحية

TT

إذا أردت تصفح الموقع الخاص بفريق «ذا رولينج ستونز»، أو رغبت في قراءة مجلة «شوت» الرياضية الإنجليزية، أو حتى الاطلاع على الموقع الرسمي لبطل التنس الاسترالي «باتريك رافتر»، فلا تأمل أن يستجيب لك الموقع، وقد يلازمك ذات الحظ السيئ لو أردت التبضع عبر بعض الإنترنت، أو البحث عن بعض الصور أو مقاطع الفيديو لتغذي بها بحوثك الدراسية.

وبحسب دراسة قام بها أكاديميان من جامعة هارفارد حول المواقع المحجوبة في السعودية، أوضح التقرير أن عددا كبيرا من المواقع الالكترونية يتم حجبها دوريا، آخرها حجب 200 ألف موقع في بداية 2005، 86% منها إباحية.

وأشار التقرير إلى أنه من بين 64.557 موقعا الكترونيا تم اختباره هناك 2.038 موقعا محجوبا، ولفت التقرير إلى أن المواقع المحجوبة لا تقتصر على مواقع الجنس والدين والسياسة، إنما تمتد لتحجب مواقع ثقافية تعليمية مثل home.bip.net/hyla، وهو موقع المكتبة الثقافية الإسلامية، إلى جانب مواقع خاصة بالمرأة، ومواقع لشراء ملابس وأحذية قد تكون من ضمن الفئات ملابس للسباحة، حيث الأمر كفيل بحجب 28 صفحة من فئة التبضع من ملابس السباحة كموقع swim-n-sport.com، من فئة ياهو، إلى جانب مواقع خاصة بالصحة، التي تتحدث عن بعض الأمراض وعلاجها كمواضيع الاجهاض.

وذكر التقرير أنه من بين 63.762 صفحة من فئات ياهو وقوقل، هناك 1.353 صفحة لا يمكن الوصول اليها، من بينها 246 موقعا دينيا، و70 موقعا موسيقيا، و43 موقعا للأفلام.

وفي ظل هذا العدد الهائل من المواقع المحجوبة، يظل المستخدم عاجزا عن فهم بعض معايير الحجب، ملقيا بأصابع اللوم على «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»، حيث يسود الاعتقاد بصفتها المسؤول الرئيسي عن عملية حجب المواقع، وهو ما نفاه الدكتور مشعل بن عبد الله القدهي، مساعد مدير عام وحدة خدمات الانترنت للشؤون الفنية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في حوار لـ«الشرق الأوسط». > تلام مدينة الملك عبد العزيز كثيرا كون البعض يرى أنها المسؤولة عن حجب عدد كبير من المواقع، ما رؤيتكم حول هذا التصور؟

ـ لقد حدد القرار الوزاري القاضي بإدخال خدمة الإنترنت في السعودية، الحجب للمواقع التي تنافي الدين الحنيف والأنظمة الوطنية، ونص القرار الوزاري على تشكيل لجنة أمنية دائمة للانترنت بعضوية عدد من الجهات من مهامها التنسيق في ما يخص المواقع المراد حجبها، ونظرا لكثرة المواقع الإباحية وتزايدها بشكل مستمر، فقد رأت اللجنة الأمنية أن تقوم المدينة بحجب المواقع الإباحية من دون الرجوع إليها، وما عدا ذلك فهناك ضوابط تجاه المواقع التي يتم حجبها من قبل اللجنة الأمنية الدائمة، فإن كانت مصلحة الجمارك تلام على منع دخول المتفجرات والمخدرات حماية للبلد، فإن اللوم الذي يمكن ان يوجه للمدينة يدخل في هذا الإطار، وهي لا تقوم بحجب سوى ما هو مخل ومضر بأمن هذا البلد.

وحتى في الدول المتقدمة، نجد أن هناك من يسعى للحفاظ على القيم، وعلى سبيل المثال، نشرت صحيفتكم قبل فترة قصيرة، قيام السلطات الألمانية بحملات دعائية إعلامية للحد من التعديات الأخلاقية على الأطفال.

وقامت شركة برتش تليكوم، كبرى الاتصالات البريطانية، بتطبيق نظام ترشيح للمواقع الإباحية في بريطانيا، وذكرت هذه الشركة أن النظام الجديد قد حجب في فترة 22 يوما، أكثر من 230 ألف محاولة للوصول إلى موقع واحد فقط من تلك المواقع الإباحية.

> أرى بأن المواقع الالكترونية المحجوبة لم تعد تقتصر على مطابقتها لمعايير الحجب، إنما امتدت لتشمل مواقع رياضية، تسوق.. وغيرها، كيف تردون على هذا الاعتقاد؟

ـ احتمالات الخطأ في أي عمل واردة، والبرامج المستخدمة في عملية الحجب، دقيقة وهي مجدية، ولو لم تكن كذلك، لما واكبت التحديات وأصبح وجودها ضروريا، وإن حصل خطأ ما، فهو على نطاق ضيق جدا، ويتم تصحيحه بشكل عاجل ولله الحمد، فنحن نعمل على برامج تم تطويرها محليا ونالت ثقة دولية، وتمت الإشادة بها في عدد من المحافل الدولية لدقتها. وقد حصلت المدينة أخيرا، على الجائزة العامة لعام 2005، وهذه الجائزة تقام على مستوى قارتي آسيا واستراليا، وذلك مقابل تطوير المدينة لبرنامج حجب المواقع بالتعاون مع إحدى الشركات الدولية العاملة في هذا المجال.

> ما المعايير التي تستوجب حجب المواقع الالكترونية؟ وهل هذه المعايير متغيرة؟

ـ بشكل عام، فإن كل ما يتجاوز القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع ويهدد أمنه وسلامته، يدخل في نطاق الحجب. ومعايير الحجب تختلف من بلد لآخر، ونحن في المملكة العربية السعودية، حدد القرار الوزاري الموقر القاضي بإدخال خدمة الانترنت في السعودية، الحجب، في المواقع التي تنافي الدين الحنيف والأنظمة الوطنية، وأسند هذه المهمة للجنة الأمنية الدائمة التي تعمل وفق الضوابط المحددة من قبل القرار الوزاري المشار إليه.

وللمعلومية، فإن ما تم حجبه من مواقع تتجاوز الأنظمة الوطنية في حدود 4 بالمائة، بينما تتجه النسبة الباقية من الحجب للمواقع الإباحية.

> تظهر رسالة عند عدم التمكن من فتح موقع ما تشير إلى انه في حالة لم ير المتصل بدواعي حجب الصفحة، يمكنه إرسال رسالة بالأسباب.. فهل هناك لجنة متخصصة بإعادة النظر في المواقع المحجوبة؟ وإذا تم عدم احتوائها على أثر سلبي، هل سبق وأعيد إمكانية الوصول إليها؟

ـ نعم، هناك من يقوم بتلقي طلبات رفع الحجب عن المواقع، وهي ليست لجنة، إنما متخصصون يعملون على التأكد من صحة المعلومات وصحة محتوى الموقع، وإذا كان هناك خطأ في الحجب، فإنه يتم فتح الموقع فورا، وإن كانت هناك دواع للحجب، وتمت إزالتها بناء على توجيهات الجهات المختصة، فإنه يتم استكمال الإجراءات بشكل سريع، وعادة ما تتم الاستجابة، إما بفتح الموقع أو الرفض خلال أربع وعشرين ساعة على الأغلب. على سبيل المثال تم فتح موقع مجلة فكاهية بعدما كانت محجوبة في مايو (أيار) الماضي theonion.com، إلى جانب مواقع أخرى مثل swim-n-sport.com.

> كم تبلغ عدد المواقع المحجوبة حتى الآن؟ ففي تقرير بثته وكالة الأسوشيتد برس في أبريل (نيسان) الماضي، أن المدينة على وشك البدء في حملة جديدة باستخدام معدات متطورة لحجب 200 ألف موقع جديد، وبذلك يصل عدد المواقع المحجوبة عن مستخدمي الانترنت في السعودية، إلى 400 ألف موقع؟

ـ ما ذكرته هذه الإذاعة غير صحيح، بل ان حصر المواقع المحجوبة ليس بالعملية اليسيرة، فهناك برامج تعمل بشكل آلي وهناك عمل يدوي، لا بد منه، وما يتم حجبه بشكل آلي عدد كبير، والمواقع الإباحية تحديدا يتم إنشاء المئات بل الآلاف منها بشكل يومي، والإحصائيات هنا لا تهمنا بقدر ما يهمنا الدقة وتقليل نسبة الخطأ في المواد المحجوبة.

> هناك ما يعرف ببرنامج كسر البروكسي، وهي مستخدمة كثيرا بين فئة الشباب، فهل ما زلتم ترون ضرورة الحجب؟

ـ عملية الحجب تمت بناء على دراسة مستفيضة، وهي جهد تسعى له الآن جميع دول العالم في تقليل مخاطر الانترنت والحد من التجاوزات الأخلاقية، وهي بدون شك مطلب لهذا المجتمع المحافظ، وهي عملية الهدف منها حماية المجتمع من المواقع المخلة بالقيم والأخلاق والدين، ومن كل ما يهدد أمنه. ولا يعني وجود محاولات للوصول للمواقع المحجوبة عدم جدوى الحجب، والحقيقة هناك طرق ووسائل متعددة للالتفاف على عملية الحجب.

وقد أثبتت الدراسات المبنية على الأرقام الفعلية للخدمة، أن الذين يحاولون الوصول للمواقع المحجوبة لا يمثلون إلا أقلية من مستخدمي شبكة الانترنت.