من النهضة إلى السويدي.. حكايات أنفاق لا تنسى في السعودية!

TT

لم تكن حادثة (نفق النهضة) الأولى على مستوى حوادث الأنفاق في العاصمة السعودية الرياض، بل كان هناك حادثة اخرى شهيرة هي (نفق السويدي)، وليست الفوارق على مستوى الأفراد في كلتا الحادثتين، لأن الأبطال كانوا شباباً من طلاب الجامعات والموظفين وفي بداية العشرينات من أعمارهم، والضحايا كانوا فتيات أيضاً شابات محتشمات، وربما أن الجميع ضحايا، والبطل الحقيقي هو المجتمع السعودي.

حادثة السويدي حصلت في مارس (آذار) الماضي، بدأت عندما غمرت المياه نفق في حي السويدي (غرب الرياض) وجاء سائق حافلة لطالبات جامعة الإمام وحاول عبور النفق، إلا أن سيارته غرقت قبل أن يخرج من السيارة ويترك الفتيات يواجهن مصيرهن، إلا أن تجمع المواطنين والشباب، خاصة في مكان الحادثة، دعا عددا من الشباب لا يتجاوز عددهم الخمسة إلى الدخول في النفق برغم قوة سيل المياه وبرودته محاولين إنقاذ الفتيات الغارقات.

وتوجه الشبان إلى الحافلة في وسط النفق، حيث لم يبق منها إلا سقفها وشيء يسير من نوافذها وخرجت الفتيات بعضهن جلس على سقف الحافلة والآخريات لم يستطعن استيعاب ما جرى وبقين دون حراك.

وانطلقت محاولة الإنقاذ وسط ترقب مئات المتجمهرين الذين كان بعضهم قريب للفتيات، وأيضاً هناك من هم أقرباء للشباب المنقذين، والكل كان في خطر، إلا أن الموقف كان أكبر من كل شيء.

وشكلت حادثة السويدي في ذلك الوقت ضجة كبيرة في الوسط السعودي، الذي كان معتزاً بشهامة أبنائه ومتسائلاً عن دور الدفاع المدني المفقود، الأمر الذي حدا بالمديرية العامة للدفاع المدني في الرياض إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق.

وخرجت اللجنة بنتيجة أن الحادث وقع بحسب إفادة الطالبات وشهود العيان، في الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر الأحد 18 فبراير الماضي، وورد أول بلاغ عن الحادث في الواحدة وست وثلاثين دقيقة، ووصلت أول فرقة لموقع الحادث خلال 11 دقيقة.

وأشارت نتائج المديرية إلى قيام غواص الدفاع المدني بالمساعدة في إخراج أحد المواطنين الذي شارك في عمليات الإنقاذ وأعياه التعب، في حين انتهت عملية الإنقاذ للحادث في تمام الساعة الثانية وتسع دقائق بدون حدوث وفيات أو إصابات سواء من الطالبات أو من المواطنين. والآن بعد مرور أكثر من 7 أشهر على حادثة نفق السويدي، ظهرت حادثة نفق النهضة، حيث قام عدد من الشباب بملاحقة فتاتين في أحد أنفاق المشاة بمتنزه النهضة، وتصويرهن أثناء التحرش بهن وترديد كلمات وألفاظ غير مهذبة.

وما أثار الحادثة أكثر هو تبادل مقطع التحرش عبر البلوتوث، ونشره في منتديات الإنترنت الشهيرة وبعض الصحف السعودية التي انتقدت التصرف واعتبرته شيئا لا يمثل شباب السعودية مطلقا.

وأعلنت شرطة منطقة الرياض في بيان لها أنه تم القبض على الشبان في حي النهضة، وهم معرضون للمحاكمة بحسب مصادر قضائية سعودية في اواخر شهر رمضان الكريم.

وبرز بشكل كبير التناقض بين تصرفات شبان سعوديين لم يجبرهم أحد على تعريض أرواحهم للخطر، أو محاولة التحرش بفتيات محتشمات في أحد شوارع الرياض.

وبدا أن البلوتوث والفتيات والشبان هم أبطال الحادثتين اللتين حصلتا في نفس المدينة وفي نفس السنة، وتشابه مستوى ردود الأفعال تشير إلى أن البلوتوث هو مَن كان له اليد الطولى في نشر ما يحدث في الشارع السعودي، وربما هو الآن وسيلة الإعلام الأكثر حرية في السعودية ومحرّض الحكومة والشعب للقيام بردة فعل لكل فعل.

وتعليقاً على هذه الحادثة، تقول هدى السلمان، وهي شابة سعودية تعمل في الجامعة: شبابنا مختلف تماماً عن بعضه، كأي مجتمع في العالم، يوجد به الصالح والطالح، ولن نجعل من تجربة حي النهضة حكما على جميع الشباب السعودي والحمد لله كان لحادثة نفق السويدي فضل كبير في إثبات عدم التعميم ونصرة للشباب السعودي المتزن والعاقل.

وتعلق الباحثة الاجتماعية عهود الخلف: إن الشباب السعودي مزاجي إلى حد ما، وربما لو كان هؤلاء الشباب ـ شباب حي النهضة ـ موجودين في نفق السويدي، لكانوا من الذين حاولوا إنقاذ الفتيات، وتضيف: الموضوع ليس بحاجة إلى دراسة أو ما شابه أو استبيانات الموضوع بسيط ويحدث في كل المجتمعات والبيوت وموجود في كل هذه الدنيا كالخير والشر والشياطين والملائكة.