عيون المتسولين في المدينة المنورة ترصد تحركات الوجهاء ورجال الأعمال

شهر رمضان وموسم الحج ذروة نشاطهم

TT

تفاقم انتشار المتسولين بوتيرة عالية منذ حلول شهر رمضان بشكل لافت، وتكرر ظهورهم ومضايقاتهم في صور متنوعة وبشكل مستفحل ليشمل الذكور والإناث والأطفال بمختلف الأعمار، يمارسون التسول بوسائل لصيقة وعن بعد، تخطت في حجمها ـ كما يصفها بعض المختصين في الشأن الاجتماعي ـ حدود اختصاص المؤسسات الاجتماعية.

وبعد ان كانت المساجد والحدائق والمستشفيات إلى وقت قريب هي ميدان عمل المتسولين، فقد اضحت جميع المساحات الزمانية والمكانية مفتوحة أمام المتسولين.

وفيما تشكل العاهات وصكوك المديونية والإعسار ـ المزورة ـ أبرز أدوات المتسولين، فأنها تطورت لتصل كما أحصاها البعض إلى أكثر من 40 طريقة منها المحتاج لثمن وقود، ومن يطلب مالاً لشراء علبة دواء فارغة ـ كالتي يحملها ـ ومن سرق أثناء زيارته للحرم، ومن سرقت حقيبته بما فيها تذكرة عودته إلى بلاده، وهناك نساء يتجولن بالليموزين للتسول، والوقوف أمام مكائن صرف النقود، أو من يطلب ثمن فاتورة كهرباء بحجة انقطاع التيار عن منزله، أو تجول المتسولين على المنازل والطرق على الأبواب.

ويشدد البعض على أن الموضوع أصبح مقلقا. يقول طلال معشي: فوجئت بتجول المعتمرين داخل مبنى الإدارة الحكومية يطلبون مساعدات لمشروعات تعليمية أو استكمال بناء مساجد او نوادي ذوي الاحتياجات الخاصة في بلدانهم. في مقاهي الإنترنت والأسواق الشعبية والمجمعات التجارية اصبح المتسولون يشكلون إزعاجا بمضايقتهم للزبائن، ومحاولة الادارات الحد من دخولهم للمحل أثناء البيع قد يفضي أحياناً للخشونة.

والتسول الممنهج أو المنظم تنفذه شبكات متخصصة، تعتمد على توزيع المناطق الى مناطق نفوذ، وفي المدينة المنورة يتم رصد تحرك رجال الاعمال والوجهاء من قبل هذه الشبكات التي تقوم بمتابعة أخبارهم ومواعيد وصولهم ومقار أقامتهم في الفنادق أثناء زيارتهم للمسجد النبوي الشريف.

ويصف أحد المسؤولين في الشأن الاجتماعي ظاهرة التسول في المملكة بـ «الفريدة» وقول: إننا بلد «يستورد» المتسولين ولا «ينتج» إلا القليل منهم!! ويدلل بأن أخبار الحملات التي تنشر بين فترة وأخرى تكشف ان الغالبية منهم قادمون بتأشيرات العمرة، أو متخلفون قدموا للحج ثم تسربوا إلى داخل البلاد للتسول.

المهندس يحيى سيف مدير عام الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية رفض أن تكون الجمعيات الخيرية السبب في انتشار التسول، بحجة عدم التعريف ببرامجها وأنشطتها المختلفة التي تدخل في أطار رعاية الأسر وكفالة الأيتام وتوزيع الأغذية، ويعزي السبب ـ من وجهة نظره ـ إلى عاملين، معظم حالات التسول ليست بسبب العوز ولكنهم وجدوها مهنة مربحة كما أن الشعب السعودي بشكل عام لين عطوف ومن النادر وجود من يرد السائل، فمن هنا تنوعت الطرق والأساليب. ومهما كانت دوافع الإنسان للتسول، فانه يظل ممارسة مهينة لكرامة الإنسان، كما أنها ظاهرة غير حضارية تلتزم المجتمعات بمكافحتها. واعتبر ان تعقب أسباب بروز هذه الظاهرة، يمثل الخطوة الأولى في مكافحتها، سواء أكان المتسول مواطناً أو وافداً، كما تظل جهود المكافحة أدنى من أن تستوعب التفاقم في هذه الظاهرة في ظل غياب التعاون من المواطنين والإسهام في الحد من تفشي هذه الظاهرة.

من طرائف ما تعرض له أحدهم أن طلب أحد المتسولين منه مبلغ 300 ريال لتسديد مخالفة مرورية أدت لحجز سيارته فطلب منه قسيمة المخالفة ليقوم بمراجعة المرور نيابة عنه وتخفيضها فرفض ابراز القسيمة مدعياً أنه ليس بحاجة لتخفيض المبلغ بل إنه سيقوم بدفع المخالفة بالكامل لهم دون حاجة من المرور لمراعاة ظروفه.