برودة الطقس تخنق فرحة العيد في الباحة

الأزياء التقليدية تعود باسم الموضة

TT

تعيش قرى الباحة ايام العيد صراعا بين الأجيال، الجيل القديم لا يزال متمسكا بالعادات والتقاليد التي يراها الورقة الأخيرة لموروثه عن الأجداد ويعطي معني الارتباط بالارض، فيما يرى الجيل الجديد أن الامر «رجعية» تحد من حريتهم، ويعتبرونها تطفلا على الآخر.

من هذه العادات أسلوب المعايدة الذي ألفوه في الماضي، ويتمثل في المرور على أهالي القرية جميعا ـ بيتا بيتا ـ لتفقد أحوال أهالي القرية والتواصل معهم عقب صلاة العيد مباشرة، يتقدمهم عريف القرية. جيل الشباب يفضل البقاء في المنازل، يخلدون الى الراحة والنوم، ومن ثم الالتقاء بأقرانهم والذهاب للفسحة. محمد علي حناس ،65 عاما، اعرب عن تفاؤله بعودة الناس للعادات القديمة، ومنها ملابس العيد والأكلات الشعبية والحفاظ على بقايا من العادات، قال: ألاحظ في السنوات الأخيرة أن الملابس النسائية القديمة في صنعتها وبخاصة ملابس البنات قد اطلت بوجهها مرة اخرى عادت وكأنها موضة جديدة بينما هي من موروثاتنا القديمة، وإن كانت اليوم من صنع العمالة الأجنبية ولم يبق من الخياطين القدامى إلا القلة، انها تذكرنا بالماضي وفنونه الجميلة التي أجادها الأجداد.

ويستطرد حناس: ان حلوى العيد أصبحت للأطفال، وأن الناس اتجهوا للأكلات الشعبية صباح العيد، ومنها على سبيل المثل «الخبزة» التي تنفرد بصنعها نساء المنطقة، وبالذات بلاد زهران. وهي ذات حجم كبير إذ يبلغ قطرها مترا وأكثر تصنع من القمح البلدي، وقد يصل وزنها لأكثر من 30كجم على حجر مسطح رقيق توقد عليها بشجيرات «الشث» اليابس لتزيدها طعما فريدا، وتوزع على السفرة يحيطها السمن والعسل البلدي.وهناك عبارات يرددها الأهالي عند دخولهم أي بيت يوم العيد ومنها «من العايدين» و«عيدكم مبارك» ومن ثم يتناولون الطعام، ويقولون: «عاد عيدكم» وأهل البيت يردون: «وعيدكم يعود» ثم ينتقلون إلى البيوت الأخرى وهكذا حتى آخر بيت في القرية وهناك أكلات شعبية أخرى مثل العيش البلدي وهو عبارة عن دقيق الذرة الصفراء او القمح أو الدخن ـ وهذا الأخير في تهامة أكثر ـ وجميعها تخلط مع الماء او اللبن وتقدم مع السمن والعسل واللبن بحيث يوضع في صفحة من الخشب، ويقدم للضيوف يوم العيد وهذه الوجبات تقدم دائما للضيف العزيز في المناسبات الكبيرة ومنها الأفراح ويوم العيد ولا يرون أعز من زائرهم يوم العيد الذي يعتبرونه وفاء وتسامحا ينتظره الجميع.

أما التعبير عن العيد وفرحته فقد يتخذ صورا شتى ومنها تجمع أهالي القرية أو القرى المتجاورة من الرجال ويؤدون العرضة الشعبية في محيط القرية، يشارك فيها الصغير والكبير يتقدمهم كبار السن والأعيان، ويحييها الشعراء الشعبيين إلا أنه في السنوات الأخيرة توحدت الفرحة في حفل شعبي منظم شبه رسمي، ترعاه إمارة المنطقة وتشرف عليه أمانة المنطقة وتنفذه جمعية الثقافة والفنون، وتؤديه الفرق الشعبية الرمزية ومنها فرقة الدرعية التي تؤدي العرضة السعودية، وكذا فرقة الدواسر وتشارك الجاليات المقيمة بما لديها من الفنون الشعبية لبلدانها. وقد لا يحضره إلا القلة من المدعوين لتباعد أطراف المنطقة، الامر الذي جعل الكثير من الناس يقترحون اقامة الأفراح في كل محافظة، ولا يقتصر الأمر على حفل واحد لمنطقة تمتد لأكثر من 100كم مع تباين الفلكلور الشعبي فيها بين بادية وسراة وتهامة، فلكل منها موروثة الخاص، حتى تعم الفرحة أرجاء المنطقة ولا بأس من إقامة حفل شعبي عام يشارك فيه الجميع بعيد عن روتين التنظيم.

وتنحصر فرحة النساء في يوم العيد في زيارة الأقارب فقط، فالعيد يأتي في أجواء باردة تحول دون التنزه في الغابات، ولان الحدائق العامة والملاهي قليلة جدا فإن الأسر تواجه صعوبة بالغة في التعامل مع الأطفال الذين لا يقلون معاناة، وبالتالي فالبعض يفضل بقاء الأسرة في المنزل بعد زيارة الأقارب. أو اتخاذ خيار السفر إلى مدينة جدة وقضاء إجازة العيد كاملة بعيدا عن المنطقة.