مادة التعبير.. بين تحطيم المعلم وفشل تطوير الطلاب

مشرفة تربوية: فشل المنهج القديم في تطوير الطلاب دفع الوزارة لتغييره

TT

«فاقد الشيء لا يعطيه».. عبارة تنسجم مع الدعوات التي أطلقها عدد من أولياء أمور طلبة وطالبات المدارس في السعودية من اجل إعادة تأهيل العديد من المعلمين الذين لا يجيدون التعامل في تطويع ملكات التلاميذ في تفريخ طاقات شابة تستطيع التعبير عن أنفسها كتابة، بل يرى العديد من المدرسين ان الطلاب انما يستعينون بغيرهم في كتابة فروض مادة التعبير.

سارة عبد الرحيم طالبة بالمرحلة الثانوية تحكي بمرارة ما أسمته التحطيم الذي لقيته على يد معلمة اللغة العربية، تقول «كتبت موضوعا اعتبرته رائعا لحصة التعبير، كنت أنتظر من معلمتي الإشادة به أمام زميلاتي، وأن تشجعني على الكتابة، لكنها للأسف طلبت مني الاعتماد على نفسي وإعادة كتابته» وتتابع سارة بحسرة «بكيت بحرقة وحاولت أن أشرح لها أنني أنا التي كتبته، فاقتنعت أخيراً واعتذرت لي، لكن بعد ماذا، شعرت أن شيئاً تحطم في نفسي».

عبد الكريم سليمان ـ موظف ـ يرى أن المدارس تعلم الطلبة القراءة والكتابة وتلقنهم المواد، لكنها لا تعلمهم التعبير عن أنفسهم بالشكل الصحيح، ويضرب مثلاً لذلك بابنه الذي يدرس في الصف الثالث المتوسط بقوله «إنه لا يستطيع أن يكتب موضوعاً متكاملا على صفحة واحدة سلساً وصحيحاً لغوياً، في البداية ظننت أنه متخلف عن صفه، فركزت جهدي لمتابعة دراسته وذهبت لزيارة معلمه الذي أكد بأنه من أفضل طلاب فصله في مواد العربي والتعبير، وأمام هذا الكلام لا أملك إلا القول بأن قصور الطلبة في مواد اللغة والتعبير حالة عامة ولا تخص ابني فقط».

أما المعلمة سلوى محمد، التي رأت أن ما حصل مع سارة وارد، وعللت ذلك بقولها «المعلمون في ظل المستوى المتدني للطلاب يشكون في لجوئهم لمساعدة الأهل عند عثورهم على موضوع جيد». وأضافت «قدرة الطلاب على التعبير متدنية وهو أمر واضح، والأسباب برأيي كثيرة، منها ما يقع على عاتق المعلم، فبعض المعلمين للأسف يفتقد لمهارة التعبير بوضوح، إضافة إلى الطريقة التي ظل المنهج يدرس بها لفترة طويلة وتكرار الموضوعات التي تمتاز بالجمود، ولا تشجع الطلبة على الإبداع واكتشاف قدراتهم».

وتوافق الأديبة والمشرفة التربوية بإدارة تعليم جدة عائشة جلال الدين على ما ذهبت إليه المعلمة سلوى محمد من أهمية دور المعلم وضرورة وجود منهج متطور للمادة، ونبهت إلى أن المعلم ليحقق أهداف المادة يجب أن يمتلك مهارة القالب الأدبي المطلوب، واتقان طريقة التدريس وكيفية إيصال المهارة، والتدرج في إيصالها.

وأوضحت بأن الطفل يبدأ بتعلم التعبير الشفهي قبل المدرسة، وأضافت «يفترض أن يدرب الطفل على التعبير في الصفين الأول والثاني الابتدائي برغم عدم وجود حصة مخصصة للمادة، ولا أعتقد أن تخصيصها ضروري، المهم هو مطالبة المعلم بالاستفادة من الحصص لتنمية قدرة الطفل التعبيرية وحثه ليعبر عن الجملة بأكثر من طريقة».

وتابعت جلال الدين حديثها قائلة «من الصف الثالث فما فوق هناك حصة تعبير، وكانت الطريقة المتبعة في تعليم المادة سابقاً مختلفة، فكان المعلم يكتب الموضوع وعناصره على السبورة، ويطلب من الطلاب نقلها، وكتابة الموضوع في البيت ومن ثم إحضاره ليقيمه، ولهذا لم يكن لحصة التعبير أثر يذكر في تنمية القدرة التعبيرية للطلاب».

ورأت أن فشل الطريقة القديمة المتبعة دفع الوزارة لتطوير المنهج وقالت «لإيجاد موضوعات جديدة تجمع بين التعبير الوظيفي والتعبير الإبداعي، واحتوى على عدد من المهارات للتأكد من إتقان الطالب لمهارة التعبير والإفصاح، وقد تم البدء بتدريس المنهج المطور للبنين من العام 1422هـ، وأدخل لمدارس البنات عام 1423هـ، كما أن دليل المعلم لمادة التعبير، الذي أصدرته الوزارة عام 1421هـ كان له أثر طيب في تعليم التعبير» على حد قولها.

وشددت جلال الدين على أهمية دور المعلم بقولها «المعلم له دور كبير إما بتنمية الموهبة وتفجيرها، أو تهميش الطالب بعدم تقديم الخبرة الكافية له، أو التشكيك في كتابته، واتهامه بأن هناك من يكتب له، وبالتالي إحباطه، ويجب على المعلم قبل التسرع بإصدار حكمه على الطالب أن يجعله يكتب في الصف، وبهذا يتأكد من مستواه ويعزز ثقته بنفسه»، وتابعت قائلة «هنا يفترض أن يخضع المعلمون والمعلمات لحلقات دورية في الفنون الأدبية، وطرق التدريس، لتطوير أدواتهم التعليمية».

وذكرت بأن إدارة التعليم بجدة عقدت حلقة تنشيطية قبل إصدار المقرر الحديث للتعبير وبعد إصداره عن كيفية تدريسه، واستدركت بقولها «للحقيقة لا أعتقد أن هذا كاف، ولكننا نحاول قدر الإمكان وقدمنا للمعلمة معينات تعليمية (حلقات تطبيقية مكتوبة، ونماذج)، وقد قمت شخصياً بوضع مؤلفات تتناول التقنية الحديثة في تعلم التعبير، والهدف من كل هذا أن تصل الطالبة للإبداع الذاتي وتتقن التعبير».