«النداف» حرفيّ يهذب بمضرابه قطن المساند والمراتب

الأجساد المنهكة تستريح على منتجاته

TT

هفهفات القطن المتهاوي على كومة القطن في احد اركان الغرفة جعلت علي الظافر، يتمايل طربا ويتذكر بحنين صوت والده عندما كان يمتهن «الندافة» ويجلس هو بقربه يرقب (المضراب) يتهاوى بانتظام على القطن الابيض، داخل منزلهم او لدى آخرين يدعون والده للقيام بتوضيب فرشهم.

«النداف» هو حرفي يقوم بصناعة الفرش والوسائد والمساند (المتكآت)، والمستمدة جميعها من مادة القطن. في السابق كان لكل «نداف» حانوت صغير متواضع في وسط سوق القطيف (شرق السعودية)، يقصده الأهالي عند حاجتهم، فيأتون اليه بالفرش البالية او قطنها المتعطن ويتفقون معه، إما على ابتياع اثواب جديدة لها او يستجلبونها له من اماكن اخرى، وتسلم له، فيفصلها اثواباً حسب مقاس الفرش المطلوبة، ثم يباشر عملية تنظيف القطن وتنجيده بأدواته البسيطة، واداة النداف القديمة تسمى (طنجة).

يبدأ «النداف» عمله بتجريد القطن من اثوابه، وينثره على حصير ليعرضه لأشعة الشمس لفترة من الزمن لتسهل عملية تنظيف القطن وتقليبه، وتخليص ما علق به من شوائب واجزاء قطنية متماسكة، وتتم هذه العملية بواسطة الأداة التي ينبعث منها صوت هادئ ـ يشجي البعض ـ ناتج عن ضرب القضيب المعروف بالمضراب الخشبي على الوتر الغليظ المشدود على الأداة (الطنجة)، يتحول القطن بعدها الى لونه الابيض الطبيعي، ثم يعيده «النداف» الى اثوابه الجديدة، ويخيطها بالإبرة اليدوية والخيوط القطنية. كان الأهالي ـ في السابق ـ يستدعون «النداف» الى بيوتهم لتنديف ما لديهم من فرش وكانت عملية التنديف تتم على اسطح المنازل، حيث توفر اشعة الشمس والمكان فرصة للقيام بهذه العملية. وتؤكد «الندافة» مواهب إنسان المنطقة الشرقية التي لم تقتصر على استغلاله للنخلة واجزائها ومخلفاتها، وبعض الموارد الاقتصادية الزراعية الأخرى، كالطين وانواع المعادن وصنع اشياء كثيرة منها فاستفاد وافاد الكثير من المواطنين.