آثار الأحساء تستجدي نظرة اهتمام قبل الاندثار

بعضها ينهار جزئيا والآخر لم يكتشف

TT

عُرِفتْ محافظة الأحساء الواقعة شرق السعودية، والتي يعود تاريخها إلى خمسة آلاف عام، بالعديد من الآثار التاريخية والحصون العسكرية والقلاع الأثرية التي تنتشر بين مدنها وقراها، حيث تشكّل جزءاً مهماً من الخلفية التاريخية للمحافظة على سماتها المعمارية وهي تضم بين مدينتيها الكبيرتين الهفوف والمبرز أضخم إرث تاريخي في المنطقة والمتمثل في قصر إبراهيم في الهفوف وقصر صاهود في المبرز. وفي الفترة الأخيرة شهدت هذه الآثار بعض الانهيارات الجزئية حيث تعرضت أجزاء داخلية من قصر صاهود للانهيار أخيراً، وبعوامل التعرية يتعرض قصر محيرس لبعض الانهيارات الجزئية لأجزاء مختلفة منه.

وذكر المهندس عبد الله بن عبد المحسن الشايب رئيس الجمعية السعودية لعلوم العمران فرع الاحساء وعضو المجلس العالمي للمحافظة على الآثار، أن الأحساء لا يزال جزء كبير من تراثها لم يكتشف بعد سواء تلك المواقع التي تم تعيينها مثل عين قناص وموقع أبو حريف أو التي لم يعلم عنها شيء مثل مدينة الجرهاء. وقال الشايب لـ«الشرق الأوسط»: ان التقنيات والحفريات قد تعطي تأكيدات لهوية تراث الأحساء وقد تغير من النظرة التاريخية كما حدث في تنقيبات وحفريات مسجد جواثا، حيث اتضح ان المسجد الأصلي يقع في منطقة أسفل المسجد.

ومن المواقع الأثرية المجهولة في الأحساء التهيمية، حيث تقع في الركن الجنوبي الشرقي من جبل القارة وعند قاعدته وتنقسم حاضراً إلى (أطلال) لا يعرف سبب الهجرة منها إلا إنه ربما بسبب انخفاض المستوى الزراعي، وقد كان يمر بالتهيمية من جانبها الجنوبي أحد فروع نهر سليسل مكوناً حداً طبيعياً بينما يحدها من الشمال الجبل.

ولهذا فإننا نأمل من أصحاب العلاقة كإدارة الآثار والمجمع القروي بالجفر وكليات العمارة بالمنطقة النظر إلى الموقع وتقدير ما إذا كان يستحق بذل جهود خاصة من أجل المحافظة عليه وقبل أن تمسه يد الإنسان فتشوه المعالم الموجودة والتي يمكن تدارك انطماسها وزيارة واحدة للموقع تكفي للتدليل.

وأكد المهندس الشايب على عدم إغفال أن التراث إما أن يكون تحت إشراف القطاع العام كالآثار المسجلة وأيضاً الادوات المتحفية وإما أن يكون تحت إشراف القطاع الخاص، مؤكداً على أن لهذا الموضوع أهميته في غياب العلاقة بين الاثنين.

وفيما يتعلق بالقطاع الخاص ذكر الشايب أن هناك الكثير من المبادرات لحفظ التراث من حيث التوثيق عبر الكلمة والصورة وإعداد الدراسات واقتناء القطع التراثية ويشارك في هذا فرع الجمعية السعودية للعلوم والعمران بالأحساء وجمعية الثقافة والفنون. واشار المهندس عبد الله الشايب لـ«الشرق الأوسط»: ان كل جزئية في تراث الأحساء تأخذ نفس الأهمية من الحس والكيان ودلالات الالتصاق بهذه الارض والفخر بمعطياتها التي ما زالت متدفقة. واضاف أن الصروح الكبيرة مثل قصري إبراهيم وصاهود وسوق القيصرية ومدرسة الهفوف الاولى ومعالم جواثا ومغارات جبل القارة معالم بكل المقاييس التراثية الإنسانية. وذكر أن المحافظة على التراث بالاحساء مسؤولية وطنية مشتركة يشارك فيها الافراد والجماعات والجهات في القطاع العام والخاص وهذه المسؤولية ترقى بالحس الوطني إلى أعلى مراتبه، فإذا نما الاستشعار بهذا التراث ـ كونه جزءا من مقومات الوطن ـ تسارع الجميع إلى الحرص على العناية به والفخر بالانتساب إليه. وعن الطريقة التي يمكن المحافظة بها على هذا التراث قال الشايب: إن غزارة التراث في بيئة مستقرة مثل الأحساء تضعنا أمام تراث ضخم لا يمكن الإلمام بجميع جوانبه بسهولة ولكن يمكن حصر مقومات ومصادره عبر الدراسات والتوثيق وجمع ما يمكن جمعه من القطع التراثية المتخفية وتأهيل المباني والمعالم التاريخية باستخدامات مختلفة والتشجيع على الاستمرار باستخدام هذا التراث مثل البشوت ومبنى القيصرية بعد ما يتم الانتهاء من ترميماتها.

وأكد الشايب على استشعار السعودية الحاجة إلى حفظ التراث والعناية به فأنشأت وكالة الآثار والمتاحف في وزارة المعارف وأوجدت متاحف في بعض المدن وساهمت بجد في عمليات التنقيب والصيانة والترميم كما أسست أخيراً اللجنة السعودية كخبراء المجلس العالمي للحفاظ على الآثار (الأيكوموس السعودي) والذي يضم نخبة من المهتمين بهذا المجال.

وأضاف، مما لا شك فيه أن النمو السريع وعدم الوعي الصحيح بأهمية التراث يضعفان الاهتمام به. فلا بد من نشر الوعي والمشاركة في إبقاء معالم هذه المدينة ذات المعالم التاريخية والآثار النادرة حية ولا ننسى أن ضياع التراث يعد ضياعاً لجزء من تاريخ الوطن.