السلطات السعودية تحشد مسيرة لمسافة 50 كيلومترا في محاربة الإيدز

74 حالة لكل 100 ألف نسمة في جدة

TT

قامت السلطات الصحية والحكومية في السعودية بأكبر مسيرة من نوعها تشهدها البلاد لتعريف الناس بمرض الإيدز وطرق الوقاية منه ورفع مستوى الوعي لدى الافراد حول هذا المرض ضمن فعاليات يوم الايدز العالمي لعام 2005.

وعلى طول الكورنيش المحاذي لساحل البحر الأحمر في جدة، قالت الجهة الداعية أن اختيار المكان والزمان لم يكن مصادفة أو خيارا رومانسيا، بل لأن الكورنيش في يوم الإجازة الإسبوعية (الجمعة) يشهد الكورنيش حضورا لافتا من المتنزهين ومن الفئات التي تستهدفها الحملة الدولية لمحاربة الايدز التي إختير لها هذا العام اسم «تحالف في وجه الايدز كلنا مسؤول».

وعلى طريقة المواكب الرسمية قامت الجهات المشاركة من الصحة والجوازات والسجون والهلال الأحمر وميناء جدة والدفاع المدني وقطاعات أخرى حكومية، خاصة بلغت طواقمها حسب التقديرات أكثر من 600 مشارك ونحو مائة مركبة، قاموا بتوزيع المنشورات والمطويات الارشادية والهدايا التذكارية على المتنزهين الذين فاجأهم هذا الحضور المكثف والذي قابلوه من جهتهم بترحاب كبير يعكس مدى تقبل الناس لفكرة التوعية الشعبية والتعاطي معها بمرونة كبيرة.

ويقول معيض المالكي عن فكرة الحملة، والذي كان برفقة عائلته أمس للتنزه على شاطئ الكورنيش «الفكرة رائعة وحيوية.. المعلومات حول المرض كانت غامضة لنا، فعلا كلنا مسؤول». في الوقت الذي بدا الشاب هتان وهو طالب في الثانوية خائفا من الهالة الكبيرة للقافلة: «نعم شعرت بالخوف عندما علمت أنها قافلة من أجل الايدز، الحديث في هذا الامر مرعب بالنسبة لي، أعرف صديقا مصابا بالمرض والقافلة ذكرتني فيه» واستطرد بالقول «ربما لو أن هذه الحملات كانت منذ عشر سنوات لكانت النتائج أكبر والمصابين أقل». زميلا هتان كانا على مقربة من أحد أفراد الحملة الذي كان يزودهما بمعلومات تفصيلية فيما تسير المركبات ببطء نتيجة التزاحم البشري عند احدى النقاط المكتظة بالعائلات. الذي أردف قائلا «لم أكن متوقعا هذا التفاعل الجماهيري، إلا أن أسئلة المراهقين من الشباب كانت الأهم من حيث الدقة والبحث عن معلومات محددة». في المقابل عبرت فتيات سعوديات في العقد الثاني عن حماس كبير للتعليق حول الحملة، إذ تقول نورة الشهري «كنت أتمنى لو كسرت الجهات الحكومية من عزلة المصابين بالمرض وأقنعتهم بالمشاركة.. الذي أعرفه هو أن المخاوف المرضية من التعامل مع المصابين هي نتاج خبرات سلبية بعضها ناتج من موظفين في قطاعات صحية واجتماعية» وتوافقها زميلتها أروى بأن الخوف من العدوى حرم المصابين بالمرض من إعادة دمجهم مع المجتمع بعد مساعدتهم صحيا ونفسيا وقالت «المشكلة أن هناك محاضرات دينية تركز دائما على أن الرذيلة هي السبب في الاصابة، فيما يتجاهلون أي أسباب أخرى من الانتقال عن طريق الدم أو عن طريق الازواج أوحتى في بعض عيادات الاسنان أو مراكز الحلاقة الرجالية» وتخلص الشهري في حديثها بالقول «أعجبني شعار الحملة الدولية لمكافحة المرض.. نعم كلنا مسؤول وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يجلس فيه المريض بالايدز ليتحدث مع مجموعة من الشباب عن قصة إصابته وتحديه للمرض وقدرته على العمل والتعايش والنجاح في كسب ود الحياة». وكان الدكتور عبد الرحمن خياط، مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة قام بتوزيع أول مطوية توعوية عند نقطة البدء ليدشن رسميا انطلاقة الحملة التي انطلقت في الرابعة عصرا من مساء أمس .

وتستمر فعاليات اليوم العالمي للايدز في السعودية لمدة أسبوع كامل يتم فيه التوسع في نطاق التوعية الصحية في المدارس الثانوية الحكومية والأهلية للبنين والبنات بجدة، في إشارة لتركيز السلطات الصحية على هذه الشريحة من الشباب وإعدادهم لمواجهة خطر الاصابة باجراءات وقائية وتوعوية تساهم في رفع حصتهم المعرفية عن ما يحدق بهم من أخطار نتيجة بعض الممارسات السلوكية الخاطئة التي عادة ما تترافق ومرحلة المراهقة .

وطبقا لآخر إحصائية رسمية لوزارة الصحة بنهاية عام 2004، بلغ عدد الحاملين لفيروس الإيدز 7808 مرضى منهم 6065 من غير السعوديين و1743 من السعوديين، فيما يتركز ما نسبته 50 في المائة من المصابين في مدينة جدة، كما أشارت جهات صحية ذات علاقة أن حجم النسبة والتناسب في مدينة جدة يصل لـ 74 حالة لكل 100 الف نسمة. أما مدينة الرياض فنسبة المصابين فيها 16 في المائة من اجمالي المصابين، فيما أعلنت الصحة السعودية عن وفاة 588 حالة من إجمالي المصابين بالمرض.

يذكر أن السعودية تقوم بعلاج المصابين مجانا عبر ثلاث مستشفيات في البلاد لهذا الغرض، إذ يكلف المريض الواحد حوالي 120 ألف ريال في العام الواحد. وأنفقت السلطات الصحية في العام الماضي أكثر من نحو 15 مليون ريال للادوية وهو ما يسمى «بالعلاج الرباعي» لمساعدة المصاب على مقاومة المرض وتعزيز قدراته المناعية.