المهندس حلمي نتو: الشركات الوطنية الكبرى خاسرة بإهمالها للشباب السعودي

تجاربه في البورصات العالمية أهلته لقيادة شركة عملاقة

TT

رغم سنواته التي لم تتعد الثلاثين، إلا أن المهندس حلمي نتو يدير تجارة شركته عائلته المتخصصة في البصريات، والتي اقتطفت عددا من الجوائز المحلية والعالمية آخرها فوز احد فروع شركته بجائزة أفضل معرض للبصريات في العالم وهو يتوسط شارع التحلية أو «شانزليزيه المملكة» بمدينة جدة. يؤمن حلمي نتو خريج كلية الهندسة بجامعة الملك عبد العزيز بأن تمرد الشباب أمر منطقي ينبغي استثماره بطريقة صحيحة وتوقع أن يبزغ فجر جيل شاب يقود المملكة نحو العالمية.جاء تفرده عبر تجربة ثرية استقاها من عمله كوسيط في البورصات العالمية في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، يتحدث عن تلك التجربة بقوله:كان عملي في بورصة السكر العالمية مصادفة، فبعد أن تخرجت في الجامعة كان لدينا محل صغير في شارع حراء أسميناه «فنون العيون»، لكن الأسرة طالبتني بالتقدم لوظيفة، ففعلت وتقدمت للعمل في مجموعة صافولا، التي أخضعتني ولمدة ستة أشهر لاختبارات متعددة، ثم اكتشفت وجود شركة جديدة اسمها الشركة المتحدة للسكر. تم اختياري وآخر من بين 450 متقدما بعثتني للعمل في لندن، نيويورك، شيكاغو وكندا، واستفدت من تجاربي هناك في سرعة اتخاذ القرار في جزء من الثانية. التجربة تصقل مواهب الشباب لكن أن تتم في مواقع عالمية، لا بد ان تكون تجربة فريدة. يشرح المهندس حلمي تجربته تلك بقوله: «كان العمل يفوق كل خيالي، شعرت بالخوف مما انا مقدم عليه فالخطأ سيكلف الملايين، كما ان الفلاح سيضيف الملايين، بدأت عملي بعدة آلاف من الدولارات، وتنامت حتى وصلت الى 400 مليون دولار، في إحدى المرات خسرت نحو 600 ألف دولار، ولضخامة المبلغ حزمت أمري على مغادرة العمل غير أن المدير السعودي شجعني وقال لي: ـ ليس لك دخل بالأمر ولا بد أن تكمل وأنا المسؤول ـ. خرجت من هناك بحب المخاطرة وبالاحترافية في العمل، وبإيمان تام بشريحة الشباب».المتابع لأخبار البورصات العالمية يشاهد الحركات اليدوية المصحوبة بصياح من قبل الوسطاء دائرة البورصة، ويعتقد البعض أنها حركات عشوائية، لكن حلمي نتو يبين أنها لغة إشارة تستخدم منذ القدم ولم تستطع التقنية الحديثة ان تأتي ببديل لها، ويوضح «هذه اللغة تتمثل فكرتها في السرعة، فالمضارب يرفع يده للوسيط الموجود داخل القاعة بإشارات معروفة يقوم الوسيط بالتنفيذ بالبيع أو الشراء، كنا نتصرف بسرعة متناهية ودقة لا تعرف الخطأ، تدار المليارات بإشارة من أصابع اليدين في حركات تحكمها الثقة المطلقة، والبيع يتم بالكلمة، والكلمة هنا محترمة جدا ولم يحدث إن نكث احد كلمته فالخطأ مستحيل. وكل الموجودين يخضعون لفترات طويلة من التدريب لإتقان العمل بالسرعة والدقة اللازمة».اختيار الشركات العالمية لفئة الشباب تحكمها اعتبارات عديدة، تغيب ـ حسب المهندس نتو ـ عن رجال المال وأصحاب القرار الاقتصادي في المنطقة فصغر السن وقلة التجارب والتهور كفيلة برفع الكارت الأحمر في وجه كل من يبادر الى مسك عصا القرار. لكن للمهندس حلمي رأي مخالف، اذ يرى ان يبدأ من الأسرة التي يجب ان تعطي الشباب ولو قليل من الصلاحية والحرية في التصرف في مجال العمل وسيرون مدى تفوق الشباب السعودي المؤمن بمواهبه. يقول: «نحن لا نريد ان نكرر تجارب الأجيال السابقة، ما نريده هو تمكيننا لنحقق أحلأمنا تحت ظل حكمة الكبار، والملموس ان كل الشباب يريدون ان يكونوا نسخة من كبارهم في المجال العملي، وإذا سمح لهم أتوقع ظهور جيل جديد من رجال الأعمال بأفكار عالمية تنعكس خيرا على مجتمع واقتصاد البلاد، ونحن نحمل مسؤولية كبيرة في هذا الصدد وسنعمل على تحقيقها بكل ما أوتينا من دفق شبابي وأحلام عريضة. نحن نسعى الى العالمية وجميعنا مؤمن بهذا التوجه، ورغم ان فكرة العالمية مخيفة لكنها ليست مستحيلة ما دمنا نملك الإيمان بأنفسنا وقدراتنا وأفكارنا».«اعتقد ان الشباب السعودي بخير وفيه أفضل من الخبرات التي تأتي من الخارج. واعتقد ان الشركات السعودية خاسرة لإهمالها لشريحة الشباب ملايين الريالات والمكاسب يمكن ان تتحقق على أيدي الشباب، فليسمحوا لهم بالفرصة».وأشار حلمي الى وجود مئات من شباب الأعمال الذين يعملون في الظل دون إعلام، وتمنى ان يجمعهم كيان واحد كجمعية او اتحاد يطلق عليه جمعية او نادي المليونيرات الشباب، لا نريده تجمعا لتكوين شركات أو مؤسسات، بل نريده ان يعمل وفق أفكار جديدة، يستقبل الأعضاء المفلسين ماديا والأغنياء بالطموح والحماس والأفكار، وبخبرات الموجودين وأموالهم يمكن تحويلهم الى مبدعين في مجال التجارة والأعمال. وفي هذا السياق يقول «على الشباب ان يغيروا من نظرتهم للعمل المستقبلي، فالزحام على العمل في مجال الوظائف الحكومية أو الكتابية أو لدى الغير لن يجدي، فالموظف مهما فعل لن ينال زيادة على راتبه أكثر من 5 بالمائة كل سنتين و30 % او 40%. كل 10 سنوات وهذه دعوة للشباب للنهوض بأنفسهم. كما يمكن ان تحدث ثورة إذا رضي رجال الأعمال بإعطاء نسب من أرباح التجارة للشباب الذين يطورون الأعمال». انضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية يفرض ظروفا مغايرة لما كان متبعا في الماضي بالنسبة للشركات العائلية، ويعتقد المهندس حلمي ان على العائلات التي أقامت مؤسسات ناجحة التخلي عن النظرة القديمة في السيطرة على العمل بمفردها والبحث عن اندماجات او استقطاب مستثمرين لتقوية الكيانات التجارية لمجابهة الشركات العالمية التي ستقتحم السوق السعودية، وفي هذا الصدد يذكر «بادرنا احد عملائنا بطلب للاستثمار معنا في شركة (العين للعين للبصريات) وهي شركة عائلتنا وقال انه سيضخ أموالا ولنفتح أفرعا في المدن الأخرى وفي دبي، لكنا رفضنا الفكرة جملة وتفصيلا بحسبانها شركة العائلة ولا يحق لآخر الانضمام لها، لكن بعد ان ذهب فكرنا في الأمر بترو، ووجدت إننا نأخذ مثل هذه الأمور بعاطفة ونحتاج لنثقف أكثر لنتخلى عن جزء من كيان أسسناه وتعبنا فيه للآخرين دون الإحساس بأننا فقدنا جزءا مهما منا.واعتقد ان الاندماج بين المؤسسات العائلية كان يجب ان يتم منذ زمن، وقد حاولنا إقامة اتحاد لتجار لكننا فشلنا لان الوضع لا يسمح، فمعظم أصحاب المحلات ليسوا هم من يديرها وهذا واقع لا ينكره احد.

أرى ان المنظمة ستريحنا لأنها ستثقف الناس وتفضح أصحاب الخدمات المتدنية ليس في مجالنا فحسب، بل في كل القطاع التجاري بالمملكة والمستفيد بالطبع هو المستهلك، فالشركات القادمة من الخارج سترفع من مستوى السوق صحيح ستشتد المنافسة لكنها في صالح الزبون ولخيره».ويطبق المهندس نتو أفكارا حديثة في مجال النظارات تعتمد على فكرة ان الناس ضحايا للنظارة الواحدة فأطلق برنامج (غيّر نظرتك!) أو الـ (نيو لوك) يقول «تغيير النظارة يغير كثيرا في شكل الإنسان، رأينا ان الفرد لايمكن ان يلبس زيا واحدا طوال عمره وبالتالي لا يمكن ان يظل على نظارة واحدة، أطلقنا الفكرة، نظارة للعمل وأخرى للمساء وواحدة للمناسبات الرسمية وأخرى للمناسبات الخاصة ونظارة للبحر، فأصبحت لكل مناسبة نظارة، وهكذا تشجع عملاؤنا وكان لهم فضل كبير في الترويج للفكرة التي أصبحت الآن منتشرة خاصة لدى الشباب من الجنسين، ولدينا عدد من المختصين في اختيار النظارات للعملاء وهم شباب ذواقة أو stylists للمواءمة بين شكل الوجه وتفاصيله مع النظارة، وبذا غيرنا الأفكار التي كانت لدى الشركات المصنعة للنظارات في الخارج عن السوق السعودية».