الاكتتابات وصناديق الاستثمار تغريان النساء بتسييل مدخراتهن من الذهب

TT

هذا العام هو عام البحث عن السيولة لمضاعفتها، ففي العامين الماضيين تداولت الصحف قصص كثير من التجار الذين عملوا على تسييل أصول يملكونها والدخول في عالم الأسهم وتدافعت هذه القصص إلى الظهور بعد الانتكاسة التي شهدها السوق السعودي في شهر مايو (ايار) 2004. اليوم من يقوم على تسييل المدخرات ليس الرجال، إنما النساء اللاتي رأين الأرباح التي حققها الرجال في سوق الأسهم، والنساء المقصودات هنا هنّ ربات البيوت، أي اللاتي لا يمتلكن دخلاً لاستثماره، إنما قمن ببيع ما يمتلكنه من ذهب لمساندة أزواجهن في عمليات الاكتتاب أو الدخول بحصص معهم في الاستثمار في سوق الأسهم أو اللجوء إلى صناديق الاستثمار للحصول على أرباح مضمونة وعائد مجز، هذه الرغبة ساندها إلى حد كبير الارتفاع في أسعار الذهب اخيرا، مما جعل المترددات منهن في عملية البيع يقدمن على بيع ذهبهن من دون تردد.

يقول محمد العماري، يعمل في أحد محلات الذهب: ارتفاع أسعار الذهب أغرى الكثير من النساء ببيع ما يمتلكنه حتى أصبحنا نواجه عجزاً في عملية الشراء، وذلك لأن الأسعار الحالية هي الأعلى على مدى عشرين عاماً. وأضاف: غالبية من يبعن ذهبهن ليس لديهن رغبة في استبداله، إما لأن أسعار الذهب مرتفعة، وإما لأنهن يرغبن في استثمار ثمنه في سوق الأسهم.

أم سلمان، امرأة في العقد الخامس من عمرها باعت كامل ذهبها في هذه الموجة من دون تردد كما تقول، والسبب أنها تريد أن تحصل على عائد جيد من خلال استثمار قيمته في سوق الأسهم، كما ترغب في المشاركة في الاكتتابات القادمة. تقول أم سلمان: «عندما وصلت الأسعار لهذا المستوى قررت بيع ذهبي وإعطاء قيمته لزوجي لاستثمارها في سوق الأسهم، إضافة إلى توفير السيولة التي قد تنقصه في بعض الاكتتابات». أم سلمان التي استبدلت ذهبها بإكسسوارات لم تخف فرحتها حين وجدت كل معارفها فعلن مثلها.

معلومات سوق الأسهم تتحدث عن موجة اكتتابات تتراوح بين 20 و25 شركة هذا العام، مما سيفتح شهية السعوديين أكثر وأكثر للاستثمار في سوق الأسهم. ففي كثير من المجالس تدور السوالف حول الشركات التي ستطرح قريباً، وعن عدد الأسهم المخصصة للاكتتاب في هذه الشركات ليتطور الحديث إلى الكميات التي ستخصص للفرد قياساً على الشركات السابقة.

تقول (ص. أ): «بعت جزءا من ذهبي لاستثماره في أحد صناديق الاستثمار لأنها أضمن فبعدما قرأت عن النتائج التي حققتها العام الماضي قررت الدخول في هذه الصناديق»، وتضيف: «الذهب الذي قمت ببيعه لم أكن استخدمه لذلك قررت بيعه فبدلاً من أن يفقد الكثير من قيمته وهو مخزن استفيد من قيمته واستثمرها، وفي النهاية سأشتري كمية ذهب أكثر من الذي بعته إذا حقق الصندوق الذي سأشارك فيه أرباحاً عالية كما تتحدث الإعلانات عن ذلك في العام الماضي».

علي الصائغ، شاب يعمل في احد محلات الذهب والمجوهرات، يقول: «من كثرة الإقبال على بيع الذهب لم يعد لدينا في المحل سيولة للشراء، فأصبح الداخلون على المحل يرغبون في البيع فقط، لذلك نخبرهم بأسعار البيع مع الاعتذار عن الشراء بسبب قلة السيولة».

(م. ع)، تقول: «بعت ذهبي بالكامل لاستثماره في سوق الأسهم متذرعة بأن الذهب لا يعطى مجالاً في التغيير مثل الإكسسوارات، فبسبب ارتفاع ثمنه تكون خياراته محدودة، أما الإكسسوار فإن المجال فيه واسع، إضافة إلى أن الملابس تتناسب مع الإكسسوارات أكثر من الذهب».

تقول (ص. أ): «في الفترة الأخيرة قل استخدام الذهب في الزينة ولم يعد مهماً أن تمتلك المرأة ذهباً من عدمه، لأن كل امرأة تحاول اللحاق بالموضة حتى من يستخدمن الذهب من النساء لا يستخدمن غير قطع بسيطة منه وأغلب ما يملكنه من الذهب يكون مخزناً، لذلك استثماره أفضل».

وتضيف: «في الأعياد أقوم بشراء كمية مناسبة من الإكسسوارات لاستخدامها في المناسبة حتى قبل أن أبيع ذهبي، والسبب أنها عملية أكثر من الذهب».

عيد الوسمي، احد سكان مدينة الدمام، يقول: «في الفترة الماضية تعرضت لإزعاج شديد بسبب تشابه بين رقم هاتف منزلي ورقم أحد البنوك، فطوال النهار يرن هاتف البيت، وعندما أرد يكون في الغالب على الطرف الآخر امرأة كبيرة في السن، ويكون ذلك واضحاً من صوتها، فما أن أرفع حتى تسألني عن الصندوق الجيد للاستثمار لكي تضع نقودها فيه»، ويضيف: «كثر هذا الإزعاج بعد أن ارتفعت أسعار الذهب أخيرا».

والخروج بأكبر قدر ممكن من الأرباح من خلال الاستثمار في سوق الأسهم أو المشاركة في الاكتتابات القادمة التي أصبحت هي الشغل الشاغل للأسرة السعودية، فلا يمكن أن تحل ضيفاً على أي شخص من دون أن يكون محور الحديث هو الأسهم والاكتتابات وأرباح الشركات والأسهم ذات النمط الاستثماري واسهم المضاربات.