د. سمر السقاف: نعد لتطبيق التعليم الموازي في عدد من الكليات

عميدة طالبات جامعة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: العديد من أنشطتنا غير الصفية وجدت الإشادة

TT

عزت الدكتورة سمر السقاف عميدة قسم الطالبات بجامعة الملك عبد العزيز القصور في قلة عدد المقاعد الدراسية المخصصة للطالبات إلى زيادة مخرجات التعليم في كل عام وعدم تناسب المخرجات مع القدرة الاستيعابية للجامعات والكليات السعودية.

وقالت السقاف في حوارها مع «الشرق الأوسط» ان سكن الطالبات الجامعيات تحكمه أنظمة ولوائح لوجود اختلاف في الرغبات والميول لدى كثير من الطالبات وهو امر طبيعي تصفه البعض بالصرامة، لأنه لا يلبي رغبات بعض الطالبات الطامحات للانطلاق دون قيد أو شرط حتى لو كان ذلك على حساب راحة زميلاتهن ومستقبلهن العلمي.

> كيف تقيمين الدور التربوي للمؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة في السعودية، ولماذا يتم الاهتمام بشكل مركز على الجانب التعليمي وإغفال أهمية التوجيه التربوي والسلوكي على الطلاب والطالبات على حد سواء؟

ـ نحن نثمن الدور التربوي للمؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة فجهودها لا تخفى على احد، حيث حرصت على نشر الوعي بأهمية دورها، من خلال توفير لكل مؤسسة أو قطاع تعليمي مركز للإرشاد التربوي يتولى قيادته نخبة من المؤهلين.

التعليم والتوجيه السلوكي محوران تدور حولهما خطط مراحل التعليم قديمها وحديثها في المدارس والجامعات. والمتتبع لأنشطة جامعة الملك عبد العزيز يستطيع أن يدرك عن كثب دور الجامعة الريادي في هذا الجانب، وأكبر دليل على ذلك الزيارات الطلابية غير الصفية في كثير من الدورات والبرامج التي يعتمدها مجلس الجامعة والتي تركز على الجانب التربوي والإبداعي للطلاب، والمتضمنة الأنشطة التي تحتضنها الجامعة بقسم الطالبات كبرامج «أخلاقنا تميزنا» و«نحن معك» و«ثقافة الزيّ الجامعي» و«ملتقى المرأة المسلمة والحضارة» الذي أشيد به خارج السعودية وداخلها. إلى جانب ما تقدمه إدارة الإشراف الاجتماعي من الأنشطة غير الصفية، وكذلك جهود وحدة الاستشارات واللجان الطلابية الاستشارية.

> هل يتوقف دور الأكاديميين على إلقاء المحاضرات داخل أروقة الجامعات، وبرأيك كيف يمكن تفعيل دورهم في مناشط تخدم تنمية المجتمع المحلي في مختلف المجالات؟

ـ جامعة الملك عبد العزيز ـ ولله الحمد ـ تحظى بنخبة من أعضاء هيئة التدريس الذين لم يقصروا جهودهم على توفير المادة العلمية، بل هم نواة بناء المجتمع ونحن نجد بصماتهم ـ ذكوراً وإناثا ـ في جميع مناشط الحياة، سواء على الصعيد المحلي أو العربي أو العالمي، وخير دليل على ذلك الوفد السعودي النسائي الذي رافق ولي العهد في رحلته الأخيرة إلى فرنسا وما لعبه من دور في توضيح رؤية الغرب للمرأة للسعودية.

> نحن على مشارف نهاية العام الدراسي الجاري وباعتبار الجامعة مؤسسة اجتماعية كبرى ما هي خططها المستقبلية لتلافي أسباب قلة عدد المقاعد الدراسية المخصصة للطالبات؟

ـ نحن لا نعزي قلة المقاعد الدراسية في الجامعات إلى القصور، وإنما إلى زيادة مخرجات التعليم لكل عام بالإضافة إلى عدم تناسب هذه الأعداد مع القدرة الاستيعابية لجامعات وكليات السعودية. فقد بدأت جامعة الملك عبد العزيز ـ قسم الطالبات ـ منذ افتتاحها عام 1968 بقبول (30) طالبة في مرحلة الدراسة الجامعية، وفي عام 2004 بلغ عدد المقبولات حوالي (17000) طالبة ـ انتظام وانتساب ـ والمتأمل الفطن يدرك أن هناك تدرجاً منطقياً في استيعاب الطلاب والطالبات بما يتوافق وإمكانات الجامعة وخططها.

هذا بالإضافة إلى ما توفره الجامعة من مقاعد دراسية من خلال برنامج التعليم الموازي الذي انطلق عام 2002 في كلية الطب، وتجري الدراسة لافتتاحه في عدة أقسام وكليات أخرى. بالإضافة إلى السنة التأهيلية لكلية الاقتصاد والإدارة وبرنامج الانتساب الجديد في كليتي: الاقتصاد والإدارة والعلوم الإنسانية، إلى جانب ما تقدمة وكالة عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر من دبلومات الأسنان والحاسب الآلي والتصميم الداخلي.

> هل سيتم في العام الدراسي المقبل استحداث أقسام جديدة في قسم الطالبات بالجامعة تتلاءم مع احتياجات سوق العمل النسوي، والاستفادة منها وفق المتغيرات الاجتماعية الراهنة؟

ـ مما لا شك فيه أن عملية القضاء على مشكلة عدم ملاءمة مخرجات التعليم مع حاجة سوق العمل أصبحت تشكل الاهتمام الرئيسي في إعادة بلورة الخطط التعليمية وإعادة هيكلتها لتواكب التطورات العصرية ومستجدات التقدم التي يشهدها العالم اليوم، حتى نحتل الصفوف الأولى في التعليم العالي.

ومن توجهات الجامعة حالياً إعادة الهيكلة الأكاديمية للأقسام العلمية، للحد من ظاهرة التضخم في الموارد البشرية وتكدس الطاقات والقضاء على البطالة في التخصصات العالية وتوفير الوظائف لها، لذا عكفت الجامعة منذ نشأتها بما تعده من خطط ومشاريع على جميع المستويات لتلحق بالتطور الحضاري الهائل والسريع في جميع التخصصات، وفي هذا الصدد تحرص الجامعة على التوازن الكمي والنوعي بين مخرجات برامجها ومتطلبات برامج التنمية في سوق العمل، ولكن العديد من الدراسات تحتاج لاعتماد رسمي.

وما زالت الجامعة (قسم الطالبات) تسعى لإعداد البرامج والمشاريع التي تتبنى التخصصات والأقسام العلمية الجديدة وأهمها: افتتاح الماجستير التنفيذي بقسم إدارة الإعمال، حيث تم قبول (18) طالبة وافتتاح دبلوم التصميم الداخلي بقسم الإسكان وإدارة المنزل بالاقتصاد المنزلي (الفصل الدراسي الحالي)، وافتتاح الدبلوم العالي في الإدارة التعليمية وتم قبول (10) طالبات، وافتتاح الدبلوم العالي في الإرشاد والتوجيه وبلغ عدد المقبولات في الفصلين (36) طالبة، بالإضافة إلى وجود العديد من البرامج تحت الدراسة ومنها ما هو طور الاعتماد والتنفيذ.

> لا تزال حصة المرأة السعودية في سوق العمل أقل من 5% من القوى الوطنية العاملة، كونك خضتِ تجربة خدمة المجتمع كرئيسة للمجلس الاستشاري النسائي للتوطين والتوظيف بمنطقة مكة المكرمة، ما هي جهودكم تجاه توفير فرص العمل أمام الفتاة السعودية التي تعاني من البطالة أكثر من الشباب؟

ـ أود أن أشير الى أنني قدمت اعتذاري عن رئاسة المجلس نظراً لظروفي الخاصة خلال فترة عملي بالخدمة المدنية، ولكني أرى أن توحّد الجهود من خلال وزارة العمل أو الوزارات التي تعني بتخريج الطلاب، وأن تكون هناك ملتقيات مستمرة لتخريج الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، فشبابنا فيه الخير الكثير والاستثمار فيه سيعود على الوطن بالفائدة.

وفيما يتعلق بالجهود المبذولة لتوفير فرص العمل أمام الفتاة السعودية من خلال المجلس الاستشاري النسائي للتوطين والتوظيف فالمجلس يسعى دائما للتعاون مع المؤسسات والقطاعات المختلفة من اجل فتح مجالات عمل جديدة أمام المرأة السعودية، ضمن سياسات المجلس لتوطين الوظائف في الفنادق والاستثمار بما يتوافق مع شريعتنا ومبادئنا، وكان من ثمارها إيجاد فرص عمل للمرأة في عدد من المصانع، والمتتبع لخطط سير العمل في هذه المنشآت يلاحظ ارتفاع خط الإنتاج في القسم النسائي، وهو مؤشر لنجاح المرأة السعودية في مثل هذه الميادين.

> كثرت شكاوى الطالبات في الجامعات السعودية أخيراً من تردي خدمات السكن الداخلي للطالبات وصرامة الإجراءات والأنظمة المتبعة فيها، في مقابل عدم توفير المناخ الدراسي المناسب في أروقة السكن. من خلال تجربتكم كيف يمكن المواءمة بين أنظمة الجامعات ومطالبات الطالبات بتعزيز مفهوم الثقة في نفوسهن بدلا من أسلوب الوصاية القاسية حسب زعمهن؟

ـ كما هو معروف لدى الجميع أن أي سكن داخلي لأي منظمة تعليمية يضم بين دفتيه فئات عديدة من الطالبات يتباينّ في بيئاتهن ومستوياتهن الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولكل طالبة منهن منظورها الخاص للحياة بجميع صورها وأشكالها. والسكن بصفته مركزاً لرعاية الطالبات أثناء مدة دراستهن بالجامعة ـ يأخذ على عاتقه تحقيق التوازن المعيشي والنفسي لجميع تلك الفئات، ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في الرغبات والميول لدى كثير منهن. فكان لا بد من وضع أنظمة ولوائح تسهل عمل الكوادر البشرية المؤهلة القائمة على خدمة الطالبات ليل نهار.

وهذه اللوائح والإجراءات إذا وصفت بالصرامة وعدم تحقيقها لمفهوم الثقة بالنفس فلأنها لا تلبي رغبات بعض الطالبات الطامحات للانطلاق دون قيد أو شرط حتى لو كان ذلك على حساب راحة زميلاتهن ومستقبلهن العلمي، ولذا شكلت لجنة خاصة تقوم على دراسة أوضاع الطالبات في السكن والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها.

إن الثقة التي أسندت إلى الطالبة من قبل والديها بالسماح لها بدخول السكن الجامعي هي المحفز الأول والأخير للطالبة للتواؤم مع أنظمة ولوائح السكن لخوض حياة جديدة. ونحن دائماً نذكر طالباتنا بأن الدول المتحضرة قامت على احترام مواطنيها للقوانين، لأن احترامهم لها هو منتهى التقدم والحضارة.

وأريد أن أشير إلى أن سكن طالبات جامعة الملك عبد العزيز يتميز بجودة التصميم والبناء والتجهيزات والمرافق،إلى جانب أن السكن حصل على المركز الأول خلال استفتاء جرى على الإنترنت، ولا يحضرني الآن أسماء لقيادات بمختلف أنحاء السعودية كن طالبات قاطنات سكن جامعة الملك عبد العزيز.

> أين تقف الجامعات السعودية تجاه قضايا وظواهر المجتمع السعودي؟ وهل تقوم بما يكفي تجاه دراسة هذه الظواهر والمشاركة في وضع نتائج تعزيز حلها أو التخفيف منها؟

ـ الجامعات السعودية تقف في مصاف الجامعات الكبرى في تبنيها للقضايا المحلية والعربية، وخير دليل ما قامت به جامعة الملك عبد العزيز بقسميها من مشاريع تعالج قضايا وظواهر المجتمع السعودي وأهمها حملة التضأمن الوطني ضد الإرهاب والتي تمثلت بإقامة الندوات والمحاضرات ورفع الشعارات داخل الجامعة وخارجها وتنظيم المسابقات الأدبية المعالجة لهذه الظاهرة وإقامة العروض المسرحية لنقد ظاهرة الإرهاب. إلى جانب ورش العمل ومنها طرق تفعيل «وثيقة الآراء للأمير عبد الله بن عبد العزيز» حول التعليم العالي في الفترة 19 ـ 21 ذو الحجة1425هـ، وإعداد برنامج «جامعة بلا تدخين» الذي اعتمد لجنة خاصة تتولى نوعية المجتمع الجامعي في قسم الطالبات لتوعيتهن بأضرار التدخين، وبرنامج «صنع بيدي» الذي يبرز أهمية العمل والمشاركة في الأيام العالمية وتنمية مواهب الطالبات الحرفية.

> ما هو تقييمك لأداء الكليات الأهلية العاملة في السعودية؟ وهل هي قادرة على تجاوز المستوى التعليمي في الجامعات والكليات الحكومية؟

ـ أنا لا أستطيع أن أقيّم مثل هذه الكليات، ولكنني أقول: إنها خطت خطوات جديدة وموفقة نحو النهوض بالمستوى التعليمي ـ خصوصاً ما يتطلبه سوق العمل. ونحن نقدر لهذه الكليات مساهمتها الفعالة في بناء المجتمع ونتمنى أن نسير جنباً إلى جنب.

> كيف يمكن أن تساهم الجامعات السعودية في دعم جهود مؤسسات المجتمع المدني التي ترعاها الحكومة السعودية كجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات النسائية المختلفة؟

ـ الجامعة لا تألو جهدا في مساندة المؤسسات التي ترعاها الحكومة، فجميع الجهات التي تقوم الوزارة بتوجيهها إلى الجامعات تحظى بالمساندة والدعم، سواء كان من الطالبات أو عضوات هيئة التدريس أو من الإداريات. وتعد مشاركة أعضاء وعضوات هيئة التدريس في قيادة ومساندة العديد من الجمعيات نقطة تميز ووساما يضاف إلى رصيد الجامعة وقسم الطالبات كجمعية حقوق الإنسان، الجمعية الخيرية النسائية وجمعية الإيمان لعلاج مرضى السرطان، هيئة الإغاثة وجمعية البر.