ثقافة الإصلاحات المنزلية الذاتية تحط في بيوت السعوديين

الحس الاقتصادي دفع إلى ذلك

TT

ثقافة الإصلاحات المنزلية، أو ما يطلق عليه باللغة الإنجليزية Do It Your Self، هي ثقافة جديدة نسبية على المجتمع السعودي، الذي اعتاد أن يعطي الخبز لخبازه، كما يقول المثل الشهير، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تنامياً لهذه الظاهرة، خاصة في أوساط الشباب.

وبرغم الانتشار الآخذ في التنامي، إلا أن هذه الثقافة لا تزال في بدايتها بالنسبة للمجتمع السعودي، حيث تفضل الغالبية القيام بالأعمال البسيطة التي لا تتطلب جهداً أو خبرة كبيرة بنفسها، مثل إزالة سدود البلاليع البسيطة، واستبدال الأنابيب والحنفيات التالفة واللمبات وفيوزات الكهرباء المحروقة والأعمال الشبيهة بها، بينما تتم الاستعانة بخبرات المختصين في الأعمال الأكثر تعقيداً.

إلا أن هناك من تدرج في هوايته «القيام بالتصليحات المنزلية»، إلى أن وصل لمستوى متقدم يمكنه من عمل كل شيء تقريباً يحتاجه المنزل، كحالة الدكتور فيصل زاوي، الذي يقول: «القيام بالأعمال المنزلية هواية اكتسبتها من سنوات دراستي خارج السعودية، حيث كنت أسكن بمفردي وبطبيعة الحال بدأت أعتمد على نفسي أكثر، ومنذ ذلك الحين وهذه الهواية تلازمني».

ويضيف زاوي قائلا: «من خلال إقامتي في بلد أوروبي رأيت كيف يقوم المواطن الأوروبي العادي، الذي ربما كان دخله سنوياً يفوق دخل المواطن العربي بمراحل بأعمال منزله كلها من أبسطها كطلاء الجدران، وتغيير الأشياء التالفة، وحتى تركيب الأرضيات الخشبية، وأعمال البستنة، وبرأيي فإن الأمر يتعدى التوفير من الناحية الاقتصادية، حيث أن القيام بمثل هذه الأعمال مصدر متعة وسرور بالنسبة لي».

ويرى زاوي بأن وجود عدد كبير من المجلات والكتب والبرامج التلفزيونية المهتمة بهذا التوجه في الغرب إلى جانب عدد من العوامل الأخرى من بينها الميل إلى الاعتماد على الذات، والنزعة إلى الاستقلالية، والحس الإقتصادي لدى المواطن الأوروبي، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، قد شجع هذه النزعة لديهم، بعكس النظرة السائدة لدينا في مجتمعاتنا العربية، ومجتمعنا السعودي بشكل خاص، حيث ينظر للشخص الذي يقوم بمتطلبات بيته بنفسه على أنه «محتاج مادياً، وإلا ما الذي يمنعه من أن يوكل هذه المهمة لعامل صيانة».

ومن فوائد القيام بالأعمال والإصلاحات المنزلية في عطلة نهاية الأسبوع، إلى جانب الفائدة الاقتصادية، تقوية العلاقات الأسرية كما تقول الاختصاصية الاجتماعية فايزة قاضي: «تقوية العلاقات بين أفراد الأسرة، وتقوية ارتباطهم بالسقف الذي يظللهم، وتعويد الأطفال على تحمل المسؤولية منذ نعومة أظفارهم، إضافة إلى الاسترخاء، والتخلص من الضغوطات والأزمات النفسية، واستبدالها بذكريات سعيدة تجمع العائلة».

ويحتل صندوق العدة مكانة متميزة في منازل هؤلاء، إذ يحرصون على امتلاك كافة الأدوات التي تعينهم على أداء مختلف المهمات داخل المنزل، كما تعد أيام العطل الفرصة الذهبية لهواة العمل بأيديهم لممارسة هوايتهم في الإصلاحات المنزلية، الأمر الذي ينعش المبيعات في محلات مستلزمات البناء والديكور في هذه الفترات، وهو ما يؤكده علي مزهر صاحب احد هذه المحلات بجدة.

وينصح حسن الشهراني، مهندس الديكور والتصميم الداخلي، المهتمين بإعادة تنسيق منازلهم بأقل الأسعار، استشارة مكتب متخصص ليعطيه لمحة عن الأمور التي يمكنه القيام بها بنفسه، وبما يتوجب عليه أن يؤجل القيام به إلى حين توفر ميزانية للاستعانة بشخص متخصص، ويقول: «دهان الجدران، أو لصق ورق الحائط، وتركيب الثريات أو الأنوار واللوحات وما شابهها، أمور قد يقوم بها الشخص بنفسه إذا كانت لديه الخبرة الكافية، لكن أنصح باللجوء إلى مختص في الأمور التي لها علاقة بالتوصيلات الكهربائية لأنها قد تكون خطيرة».

وفي الوقت الذي يرى فيه الأزواج بأن إعادة ترتيب ديكور المنزل، والقيام بإصلاحاته بالاعتماد على الجهود الذاتية أقل كلفة، وأكثر متعة من تغييره كلياً، ترى بعض الزوجات ومن ضمنهن نورة محمد بأن «كل هذه المبررات التي يطرحها الأزواج، إنما هي أعذار وحجج مختلقة للتخلص من التبعات المادية لهذه الإصلاحات التي قد لا يراها الرجل مهمة بسبب وجوده خارج المنزل لفترات طويلة!».

وتشاركها الرأي نادية، التي ترجع رأيها لتجربة شخصية تعيشها فتقول: «أكره ما يمارسه زوجي من إفساد وتخريب تحت مسمى «الإصلاحات المنزلية»، وغالباً ما تكلفنا هوايته المدمرة أضعاف المبلغ الذي كان سيكلفه الاستعانة باختصاصي»، وتضيف: «المثل يقول أعطِ خبزك للخباز ولو أكل نصفه، وقد يكون الرجل الغربي يفهم في التصليحات المنزلية، لكن لدي قناعة كاملة بأن الرجل الشرقي ليس مثله!».