طريق الأحساء ـ الدمام ..أكثر من 25 عاما ودماء بريئة تروي الإسفلت

الأهالي يطالبون وزارة النقل بالتحرك السريع واعادة النظر

TT

لا يزال مسلسل الحوادث المرورية المروعة على طريق الدمام ـ الأحساء، التي تزداد بصورة متواصلة في أيام الأربعاء والخميس والجمعة بشكل لافت، يقع أغلبها وجها لوجه.

وأشارت إحصائية حديثة مرورية لحوادث الطرق التي وقعت على الطريق السريع ما بين الأحساء ومجمع الملك فهد الطبي بالظهران في حدود مسافة 120 كيلومترا تقريبا خلال 6 اشهر من العاشر من فبراير (شباط) 2005 وحتى السابع من يوليو (تموز) 2005، إلى وقوع نحو 160 حادثا مروريا، وان حالات الوفيات منها نحو 20 بالمائة من الجنسين ومن مختلف الأعمار والجنسيات، نصيب السائقين المراهقين نحو 65 بالمائة، وذكر التقرير ان السرعة الجنونية تشكل السبب الرئيسي بنسبة تتجاوز 80 بالمائة، وان نصيب الشاحنات التي تستخدم الطرق بكثافة في التسبب بالحوادث تقدر بنحو 20 بالمائة. ولم تشر الإحصائية للحوادث التي تقع على الطريق ضمن مرور الأحساء أو الدمام.

وكان قد شهد طريق الأحساء ـ الدمام على بعد 45 كيلو مترا من الظهران، قبل أيام حادث مروري دموي مرعب على راح ضحيته عدد من الركاب، وتحول موقع الحادث إلى أشبه بساحة المعارك أجساد تنزف لرجال ونساء وأطفال تم إخراجهم من داخل السيارات بصعوبة بالغة. وذلك نتيجة قوة الاصطدام وجها لوجه بسبب انحراف إحدى السيارات للاتجاه الآخر لعدم وجود سياج، وساهمت السرعة العالية في بشاعة الحادث.

هذا الحادث ما هو إلا صورة مكررة للحوادث التي تقع بشكل مستمر على الطريق السريع والدولي الذي يشهد حركة كثيفة طوال الوقت، وكأنه احد الشوارع الداخلية المزدحمة داخل المدينة.

فهناك عدد كبير من أهالي المنطقة يستخدم الطريق ذهابا وإيابا بشكل يومي. الطريق ذو اتجاهين وكل اتجاه مساران أنشأ قبل أكثر من 25 عاما يستخدمه الآلاف من المواطنين بشكل يومي، خاصة من أهالي المنطقة وكذلك من قبل المسافرين، ومن قبل الشركات وخاصة النفطية وتعبر عليه الآلاف من المركبات المتعددة الأنواع والأحجام، وآثار الاستخدام واضحة على الطريق الذي يعتبر من اشد الطرق السريعة بالسعودية ازدحاما. والأعظم من ذلك أن الطريق لا يزال منذ تأسيسه ولغاية الآن بنفس المواصفات السابقة التي أصبحت قديمة لا تناسب هذه المرحلة والنهضة وزيادة عدد المركبات وعدد السكان في البلاد فهو ما زال ذا مسارين ودون حواجز فاصلة للاتجاهين!. بل أن الطريق لم يبق على حاله فهو يتجه نحو الأسوأ نتيجة الاستخدام طوال العقود الماضية وضعف الصيانة.

* طريق دولي

* المشكلة الكبرى أن الطريق لا يخدم فقط أبناء منطقة الأحساء ذات الكثافة السكانية الهائلة حيث إن اغلب أبنائها يعملون في المدن الحديثة في المنطقة كحاضرة الدمام (الدمام والخبر والظهران) ومدينة ابقيق والجبيل وفي العديد من المواقع النفطية والمدن الصناعية بالإضافة للأعمال الحرة، وإنما هو شريان إقليمي ودولي يربط مناطق الشرقية ويخدم الدول الخليجية جميعها من الشمال إلى الجنوب، بالإضافة إلى أن جميع الشاحنات والمركبات القادمة من تركيا والشام إلى الدول الخليجية وبالعكس تمر عبره.

* خدمة الشركات

* كما أن الطريق يقع في منطقة تكثر فيها الآبار النفطية على اليمين والشمال وهو بالتالي حلقة ربط لتلك المواقع، ولهذا يرى بعض اهالي المنطقة بان سبب إنشائه ومواصفاته في الأساس كانت خدمة لتلك الشركات المهمة، كمعظم طرق المنطقة الشرقية، ومن يسلك الطريق متجها من الدمام إلى الأحساء يرى أن الطريق متعرج ويمر بعدد من المواقع القريبة من مواقع الشركات النفطية، فتارة يجد المرء نفسه متجها للغرب، ثم للشرق، ثم للغرب ولهذا فالطريق من الأحساء إلى الدمام فيه الكثير من التطويل وممكن اختصاره كثيرا لو كان تم إنشاؤه من جديد.

ولا يخفى على احد أن اغلب سالكي الطريق هم من موظفي الشركات النفطية كما أن اغلب الضحايا لهذا المفترس من موظفي تلك الشركات وبالخصوص شركة أرامكو، حيث ذهب على هذا الطريق الآلاف من موظفيها منذ إنشائه.

* خطورة الشاحنات

* الطريق كما هو معروف تسلكه العديد من الشاحنات بأنواعها وأحجامها التي تحمل الآليات والمعدات الضخمة والمواد النفطية والمشتقات من وإلى مواقع الشركات النفطية والمصانع والموانئ التي تعج بها المنطقة.

وبسبب تلك الشاحنات التي لا تتعب ولا تمل من العمل ليلا نهارا والتي تمسك المسار الأيمن للطريق، فإن ذلك المسار في الاتجاهين أصبح خارج الخدمة ومن الصعب على السيارات الصغيرة الخفيفة بالنسبة لأوزان الشاحنات من استخدامه لأنه يشكل خطرا كبيرا! ولهذا تلجأ جميع المركبات الأخرى ومن ضمنها الشاحنات أحيانا لاستخدام المسار الأيسر للطريق، مما يؤدي إلى حدوث الازدحام والتجاوزات والاصطدام فهناك من يريد السير بسرعة اقل من 120 وهناك من يسير بسرعة 120 وهناك من يسير بسرعة عالية كالصاروخ.

السؤال إلى أين يلجأ هولاء في ظل وجود مسار واحد وصعوبة التوجه ناحية المسار الآخر الذي تسير فيه الشاحنات الكبيرة والخطرة؟.

* سياج بين الاتجاهين

* ومن اكبر العوائق على الطريق بل ومن الغرائب بالرغم من مرور هذه العقود من إنشائه ووقوع العديد من الحوادث.. عدم وجود حاجز خرساني (سياج) يمنع الاصطدام وجها لوجه مباشرة لمستخدمي الطريق من الاتجاهين، بل إن الجزيرة الفاصلة بينهما صغيرة ومرصوصة مما تسهل عبور المركبات والانتقال للاتجاه الآخر بيسر وسهولة عند النعاس أو حدوث انفجار بالإطار وعدم التحكم بالمركبة.

* التقاطعات القاتلة

* بسبب عدم وجود حاجز بين الاتجاهين تكثر الحوادث نتيجة قطع الطريق من قبل المركبات التي تحاول الاتجاه للطريق الآخر، كما أن وجود عدد من التقاطعات الخطيرة على الطريق السريع الدولي أدت إلى وقوع عدد من الحوادث القاتلة المميتة وذهب ضحيتها عدد من الأرواح والإصابات، وأخطر تلك التقاطعات تقاطع شركة الاسمنت وتقاطع طريق العقير وتقاطع مدينة العيون وبلدة المطيرفي. فالشاب علي القرين 17 عاما اكبر اخوانه لا ينسى يوم أن فقد والده في احد هذه التقاطعات حيث ظهرت أمامه مركبة قطعت الطريق فارتطمت سيارته بها مما أدى إلى وفاته مباشرة وترك عددا من الأبناء الصغار أيتاما.

وفي المنطقة الشرقية هناك عدد كبير من المصابين والمعوقين والأيتام بالإضافة للأرامل. يتذكرون بألم حوادث هذا الطريق المرعبة.. ولسان حال كل من أصابه الأذى يتساءل من الضحية القادمة في هذا الطريق؟

ويطالب جعفر العبد الله «موظف« يستخدم الطريق بشكل يومي الإسراع في توسعة الطريق، وزيادة عدد المسارات إلى أربعة، وإلغاء التقاطعات الموجودة التي تساهم بدرجة كبيرة في زيادة الحوادث وضرورة إنشاء جسور بدلا منها، ووضع سياج بين الطريقين.

* ضباب ورمال متحركة

* ومن المشاكل التي تؤثر على هذا الطريق بالإضافة إلى السلبيات التي ذكرت أن الطريق يقع في منطقة ساحلية تشهد العديد من الظروف الجوية السيئة، ومنها ظاهرة الضباب الشديد الذي يغطي أرجاء المنطقة الشرقية وبالذات هذا الطريق بسبب ارتفاع درجة الرطوبة وقربه من السياحل مما يؤدي إلى انعدام الرؤية بشكل كامل وتوقف الحركة المرورية بحيث لا يمكن لمن يستخدم الطريق العبور، ومن يسر فهو كمن يتجه للموت بيده ونتيجة إصرار البعض وخاصة الشباب على السير في تلك الأجواء تقع حوادث نتائجها موجعة. ويستغرب خالد محمد موظف من عدم وجود دراسات، وايجاد وسائل وطرق لحل مشكلة الضباب التي تتكرر بشكل دائم في المنطقة.

كما ان الطريق يقع في منطقة تكثر فيها الرمال المتحركة والعواصف الرملية (الغبار) اوما يسمى بالعج التي تساهم في انعدام الرؤية لدى السائقين، مما تسبب في تحول الإسفلت الأسود إلى لون الرمال بحيث يصعب التمييز بين لون الاسفلت وخطوط الطريق والرمال المتحركة! وتزيد من نسبة وقوع الحوادث الدموية. وبالتالي فإن الطرق احد مثلث الاسباب الرئيسية في زيادة الحوادث المرورية ولهذا فهي بحاجة الى اعادة نظر ودراستها.

اهالي المنطقة الشرقية يطالبون الجهات المسؤولة في وزارة النقل التحرك السريع في اعادة النظر في الطريق الحيوي وايقاف نزيف الدماء الغزيرة والاصابات والاعاقات والارامل والايتام.. عبر توسعة الطريق ووضع سياج بين الاتجاهين، وسياج لعدم دخول الابل، وانارة الطريق بما يناسب شروط السلامة وواقع النهضة في السعودية، فعمليات الصيانة التي تقوم بها الوزارة ما هي الا محاولات يائسة...، وكما قال خادم الحرمين الشريفين: (لا عذر اليوم فالميزانية كبيرة لإقامة المشاريع لراحة المواطنين).