مطالب بمزيد من التشريعات للحد من السيولة المتدفقة في سوق الأسهم السعودية

صعوبة السيطرة على زيادة السيولة تزيد من أعباء السوق

TT

دعا عدد من الخبراء والمستثمرين في مجال الأسهم الجهات ذات الاختصاص إلى الاستمرار في سن اللوائح والتشريعات الخاصة بتنظيم سوق المال، من أجل الحد من السيولة الكبيرة في السوق والعمل على امتصاصها ولو بشكل مؤقت، متوقعين أن تشهد السوق نموا مطردا نظرا لما تشهده حاليا من زخم وإقبال غير مسبوق.

وفي هذا السياق يرى الدكتور محمد بن جبرين المسهر عضو لجنة سوق رأس المال السعودي بغرفة الرياض، بأن هناك تحسنا وتطورا كبيرين في سوق المال السعودية، حيث أصدرت الهيئة العديد من التشريعات واللوائح التي كان لها أثر كبير في ضبط السوق، متوقعا مستقبلا جيدا لهذه السوق خاصة وأنه من المتوقع أن تكون الـ 80 في المائة من التشريعات الضرورية الخاصة بحماية المساهمين قد تحققت خلال الأربع سنوات القادمة.

وأكد المسهر على أهمية الاستمرار في إصدار المزيد من اللوائح والتشريعات، بشرط أن يكون هناك تنسيق عند إصدار هذه التشريعات بين هيئة السوق المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي وصندوق الاستثمارات العامة، وذلك من اجل الحد من السيولة الكبيرة المتوفرة في السوق والعمل على امتصاصها.

وأشار إلى ضرورة أن تقوم مؤسسة النقد بوضع قيود على البنوك خاصة من ناحية الإقراض، تساهم في الحد من هذه السيولة حتى لا تتضخم السوق بشكل كبير. فيما دعا صندوق الاستثمارات العامة لطرح بعض من أسهمه الكبيرة على الأقل بما يتراوح ما بين 10 إلى 15% مما سيؤدي لامتصاص بعض السيولة ولو بشكل مؤقت، وذلك لكون الشركات الجديدة التي تطرح أسهمها للاكتتاب غير كافية لامتصاص السيولة المتوفرة بصورة كبيرة في السوق، كما حث الهيئة على أهمية إصدار تشريعات للسندات لامتصاص السيولة وذلك لكون السندات أقل خطورة.

وشدد المسهر على أهمية تطبيق العقوبات على المخالفين للوائح، وأن لا تظل حبرا على ورق، مؤكدا أن الهدف هو حماية العاملين في هذا النشاط (المستثمرين) من المتلاعبين، لافتا إلى أهمية التشدد في مسألة رفع رأسمال الشركات من خلال إصدار نظام للمحافظ، حيث أوضح بأن هناك بعض الشركات التي تعمل في النشاط الزراعي تقوم برفع رأسمالها ووضع 80 في المائة من رأسمال نشاطها في محافظ الأسهم مما سيعرض هذه الشركات إلى مخاطر كبيرة.

والشركات التي تقدمت لتحويلها إلى مساهمة هو إجراء سليم يؤكد أن الهيئة تسير بخطى ونهج مدروس، لأنه إذا سمحت لشركات ضعيفة بالتحول إلى شركات مساهمة سيقع عليها لوم كبير لأن معظم هذه الشركات تريد أن تستغل هذا الإجراء لرفع قيمة أسهمها وهي في الحقيقة شركات أقل كفاءة ومقدرة.

من جانبه يعتقد عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس مجموعة الجازع فهد بن محمد الحمادي، أن سوق المال دخلت الآن مرحلة مهمة، حيث انه على الرغم من أن الهيئة ورثت تركة وأعباء كبيرة لأهم سوق في المنطقة، إلا أنها قامت بتلبية حاجات المستثمرين لا سيما ما يتعلق بسهولة وصولهم لسوق مالية تتصف بالموثوقية والشفافية مما أوجد سوقا نمت فيها أعداد المستثمرين إلى ما يزيد عن مليونين ونصف مساهم واكتتابات أولية ذات زخم وإقبال غير مسبوقين.

ودعا الحمادي إلى أهمية المحافظة على توازن واستقرار سوق المال التي ينبغي أن تحظى بأولوية كبيرة ليس من قبل هيئة سوق المال فقط بل من جميع المعنيين بالشأن الاقتصادي الوطني مثل وزارة المالية ومؤسسة النقد والمجلس الاقتصادي الأعلى، مشيرا إلى أن هناك إجراءات يتفق الجميع على أنها تساعد على استقرار السوق، منها طرح المزيد من الشركات الجديدة، لأن ذلك من شأنه استيعاب السيولة الفائضة التي تضغط على الأسعار وكذلك مراجعة لوائح التداول لإضافة اشتراطات جديدة تقلل من الاعتماد على المضاربة السريعة كسلوك استثماري وخفض نسبة التذبذب اليومي من 10 في المائة إلى 3 في المائة عند حدوث أي انهيار في الأسعار وغيرها، إلا أن الأهم وضع خطة محكمة لتفادي أي انتكاسة للسوق تشارك فيها الجهات المعنية لأن عملا مثل هذا يعتبر بمثابة صمام الأمان.

وأشار الحمادي إلى أن ما يزيد من أعباء هذه السوق هو زيادة السيولة التي تزيد من الصعوبة في السيطرة عليها، حيث ان السيولة العالية تقابل شركات قليلة لا تليق بالسوق السعودية، كذلك نجد أن السوق تحوي بعض المضاربين المتلاعبين الذين يسعون إلى تحقيق الربح السريع من خلال طرق وممارسات غير مشروعة، وقامت الهيئة بعمل إجراءات عقابية على كثير من هؤلاء المتلاعبين وطبقت عليهم كافة العقوبات التي يستحقونها، حيث ان هذه الإجراءات لم تقم بها الهيئة إلا لحماية المستثمرين وخاصة الصغار منهم الذين وضعوا جميع مدخراتهم بل قام كثير منهم بالاقتراض من أجل الاستثمار في سوق الأسهم.

ونوه إلى انه تقع على عاتق الهيئة مسؤولية مهمة وهي وضع الأنظمة والإجراءات الخاصة بالشركات التي ترغب طرح أسهمها للاكتتاب العام سواء كانت جديدة أو قائمة والتي تعتبر السوق بأمس الحاجة إليها حالياً حيث ان هناك بعض ضعاف الأنفس الذين يودون طرح شركات خاسرة أو شركات ليس لها جدوى ربحية مستقبلية بأسعار مرتفعة للاستفادة من حاجة السوق لطرح شركات جديدة بصرف النظر عن المالك الأخير لأسهم هذه الشركة، لذا نجد أن الهيئة أصدرت أنظمة ولوائح كفيلة بأن تردع المتلاعبين وتحمي أموال المواطنين من أي تلاعب ممكن أن يحدث من طرح المزيد من الشركات في السوق ولكي لا يتكرر ما حدث في المساهمات العقارية المتعثرة التي طرحت في السنوات الماضية أو بعض المساهمات المشبوهة أو الوهمية والتي تضرر منها الكثير خاصة صغار المستثمرين.

وذكر الحمادي بأن الهيئة وضعت القوانين واللوائح التي من شأنها تحقيق العدالة بصرف النظر عن تأثيرها الوقتي القصير على سعر السهم فمثلا عندما ترفض الهيئة رفع رأس مال شركة أو تعلن عن بعض الأمور المتعلقة بالشركة من مبدأ الشفافية والإفصاح أو تقوم بإيقاف بعض المضاربين المتلاعبين نجد أن بعض من المتداولين يستاءون من هذا الإجراء لأنه لا يتوافق مع مصلحتهم الخاصة في تحقيق الربح السريع بصرف النظر عن مصلحة الشركة المستقبلية.