محكمة سعودية تتلقى الاتصالات يوميا للسؤال عن علاج لمرض «السكري»

موظفوها أصبحوا استشاريين على مدى 30 عاما

TT

منذ ثلاثين عاما وموظفو إحدى المحاكم السعودية يتلقون العشرات من الاتصالات الهاتفية التي تنهال عليهم كل يوم، يسأل أصحابها عن دواء لمرض «السكري»، ليتحول بعض موظفي تلك المحكمة إلى استشاريين طبيين حول هذا المرض، ويصبح الرد على هذه المكالمات جزءا من عملهم اليومي الروتيني.

وترجع القصة إلى ما يربو على 30 عاما، عندما كان الراحل الشيخ صالح بن محمد التويجري، قاضيا ورئيسا لمحكمة تبوك (1350 كلم شمالي شرق مدينة الرياض)، قبل أن يغادرها عام 1975، إلى جدة، حيث كان يعاني آنذاك من مرض «السكري»، وتمكن من علاج نفسه بعد معاناة طويلة مع المرض، بواسطة علاج شعبي مكون من بعض النباتات الطبية، وقد تناقل الناس خبر هذا العلاج الذي بدأ ينتشر سريعا، وأصبحت القصة تطبع على منشورات يتم توزيعها لتعم بها الفائدة، حيث كتب فيها «رئيس محكمة تبوك يتوصل إلى علاج لمرض السكري»، ومنذ ذلك الوقت أصبح هاتف محكمة تبوك لا ينقطع عن الرنين من كثرة المكالمات الهاتفية للبحث عن هذا العلاج العجيب، حتى أصبح الموظفون يتذمرون من تلك المكالمات.

ويروي كثير من الموظفين قصصهم مع بعض المكالمات الغريبة، تتركز مطالب الكثير من المتصلين على مكالمة الشيخ التويجري شخصيا، على الرغم من أنه متوفى منذ ما يزيد على عشر سنوات، إلا أن أغلب الموظفين لا يعلمون شيئا عن الشيخ التويجري حتى أن كثيرا منهم لم يره ولم يسمع به.

ويقول أحد الموظفين، الذي يعمل في المحكمة منذ أربع سنوات لـ«الشرق الأوسط» انه عند بداية عمله في المحكمة لم يسمع بهذا العلاج حتى تلقى مكالمة هاتفية من إحدى النساء السعوديات تطلب منه أن يخبرها بعلاج مرض السكري، وتطلب مكالمة رئيس المحكمة، وذكرت اسم صالح التويجري الذي أثار استغرابه ـ على حد تعبيره ـ ومنذ ذلك الحين وهو يتلقى مكالمات بشكل يومي عن هذا العلاج.

وأضاف الموظف بأن تلك المكالمات كانت تزعجه حتى أصبحت «جزءا من عمله»، حيث كانت تأتيته بمعدل ثلاث مكالمات يوميا بعضها مكالمات من دول عربية، بالإضافة إلى السعوديين.

ويضيف: «أجد نفسي ناصحا لبعض المتصلين فأقوم بطرح آرائي حول العلاج المذكور ومدى صحته، وفي بعض الأوقات اضطر إلى تفنيد الخبر وانفي صحته».

وفي ذات السياق، أكد الشيخ عبد العزيز الحميد، رئيس محكمة تبوك حاليا، أن هذا العلاج ينسب للشيخ صالح التويجري، حيث توصل إليه عام 1975، عندما كان يعاني من مرض السكري، لافتا إلى ان هذا العلاج كسب شهرة لأنه منسوب إلى رجل موثوق وهو قاضي المحكمة وذلك ما يدعو الناس إلى الاستفسار عنه بعد ان أصبح هذا المرض منتشرا بين الناس بصورة كبيرة.

وأضاف الشيخ الحميد لـ«الشرق الأوسط»، بأنه ومنذ استلامه لمهامه كرئيس للمحكمة بعد الشيخ التويجري، تلقى اتصالات كثيرة من داخل السعودية، بالإضافة إلى اتصالات وبعض الرسائل من عدد من الدول العربية مثل الجزائر والمغرب والبحرين، حيث تلقى رسالة من مواطن مصري يقول فيها انه استفاد كثيرا من ذلك العلاج، محذرا الناس من خطورة استعمال هذا العلاج، لأن تأثير مرض السكري على جسم الإنسان يختلف من شخص لآخر، وما يصلح لشخص ربما لا يصلح للآخر.

ويتكون هذا العلاج، حسب المنشورات التي توزع، والتي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، من «المر» و«لبان» و«الحلتيت» و«الصبار» بالإضافة إلى «الحبة السوداء». وأضافت المنشورة تفاصيل طريقة الاستعمال وعدد مرات استخدامه ومدة العلاج وبعض الأعراض الجانبية له.

تجدر الإشارة إلى أن التقديرات العالمية الأخيرة، أشارت إلى أن العدد الكلي للمرضى المصابين بالسكري قد اقترب من 190 مليوناً في عام 2004، ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم قد وصل إلى 325 مليوناً بنهاية عام 2025، وهذا يعني أن الزيادة تعدت الـ 70 بالمائة، وهناك أكثر من 100 مليون من المصابين بالسكري يقطنون الدول النامية.

وبحسب تلك التقديرات، فإن من المتوقع أن يصبح الوضع أسوأ بوصول عدد المصابين بالمرض أكثر من 325 مليونا بحلول سنة 2025، بينما الزيادة المتوقعة لهذا المرض في الدول النامية تزيد على 146 بالمائة، فيما تكون الزيادة 47 بالمائة تقريباً في البلدان المتقدمة. ولهذا فإن الدول النامية ستساهم بما نسبته 77.6 بالمائة من العدد الكلي لمرضى السكري في العالم بحلول عام 2030.