خبير سعودي يطالب بإيجاد دراسات للتصاميم الهندسية في حقول النفط بالشرقية

هزة أرضية خفيفة شرق السعودية هي الثالثة خلال ستة أشهر

TT

طالب خبير سعودي مختص في علم الزلازل، الجهات الحكومية في بلاده بإيجاد دراسات ومعايير هندسية متأنية لحقول النفط والمنشآت الصناعية في المنطقة الشرقية، مشيرا إلى أن الزلزال الذي وقع في الخليج العربي وشعر به أهالي مدينة الإحساء لن يؤثر على مستقبل صناعة النفط في شرق السعودية.

ويأتي حديث الخبير السعودي، بعد أن سجلت أجهزة رصد الزلازل هزة أرضية بلغت قوتها 4.84 على مقياس ريختر على حدود الصفيحة الإيرانية في المنطقة الواقعة على خط طول 53.6 وخط عرض 26.8، في تمام الساعة العاشرة والنصف تقريباً، ووصف المختصون في علوم الجيوفيزياء الهزة بالخفيفة والمحسوسة.

وكشف لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور محمد أسعد توفيق، رئيس هيئة المساحة والجيولوجيا السعودية «أن الهزة الأرضية ليست الأولى في المنطقة وليست الأخيرة، لأنها ناتجة من الهزات الأرضية الشديدة التي تتعرض لها منطقة إيران بين الحين والأخرى». موضحا أن السعودية مثلها مثل أي منطقة تقع على خريطة العالم معرضة لهزات أرضية، وقال: «إن مناطق ساحل البحر الحمر على امتداده معرضة للزلازل على مدار السنة، وكذلك الخليج العربي، لكن بفضل شبكات رصد الهزات الأرضية الحديثة صار لها دور كبير في رصد تلك الهزات وإعلام الناس بها فالهزات ليست بجديدة على سكان السعودية، إنما شبكات الرصد التي صارت تؤكد هذه الهزات».

ونفى الدكتور توفيق حدوث أي تشققات أرضية أو أضرار تعرضت لها البنية الأرضية لمنطقة الزلزال، وكما نفى علمهم بأي هزات أرضية متماثلة قد تعرضت لها دول الخليج.

وعن توقعه لأي منطقة ستتعرض قريبا لهزة أخرى، قال: «مناطق ساحل البحر الأحمر، وكما هو معروف فإن منطقة تبوك متعرضة باستمرار لهذه الهزات».

وقال الدكتور عبد الله العمري المشرف على مركز الدراسات الزلزالية في جامعة الملك سعود لـ«الشرق الأوسط» ان المنطقة الشرقية في السعودية لا توجد بها صدوع أرضية قوية قد تؤثر على المنشآت البترولية في الوقت الحالي، مؤكدا أن منطقة الخليج العربي وجبال زاجروس في جنوب إيران غنية عن التعريف بكثرة نشاطها الزلزالي الأمر الذي يتطلب مراجعة معايير البناء وإيجاد دراسات متأنية للتصاميم الهندسية.

وحول إحساس أهالي مدينة الإحساء شرقي السعودية بالزلزال الذي حدث أول من أمس، أشار الدكتور العمري إلى أن درجة الزلزال التي حدثت في الخليج العربي كانت 4.8 درجة بمقياس ريختر بسبب تصادم الصفائح الأرضية ذات التردد الطويل، وأن هذه الدرجة تعتبر خفيفة ولا تدعو للقلق بين المواطنين.

وفيما يتعلق بتاريخ المنطقة، أكد العمري أن الزلزال وقع في الخليج العربي وليس في مدينة الإحساء التي تبعد عن موقع الزلزال مسافة ما بين 350 إلى 400 كيلو متر، مؤكدا أن تاريخ المنطقة غني عن التعريف لأن الزلازل فيها مستمرة وخاصة جبال زاجروس في إيران، مطالبا بالاهتمام في التصاميم والمباني الهندسية للتخفيف من أضرار الزلازل في حال حدوثها.

وعن وجود خطر يهدد المنشآت الصناعية والنفطية في المنطقة الشرقية، قال الدكتور العمري «لا يوجد أي خطر ولكن لا بد من وضع المعايير الهندسية اللازمة لتفادي مثل هذه الزلازل لأهمية حقول النفط والمنشآت الصناعية في المنطقة، ويفترض أن توجد دراسات متأنية، ولا توجد مشكلة لأن بؤرة الزلزال أعمق من آبار البترول، حيث تصل بؤرة الزلزال ما بين 20 إلى 30 كيلو مترا أما آبار النفط تصل إلى 6 كيلومترات ولا توجد في منطقة آبار البترول صدوع نشطة ولكن المشكلة من الزلازل أنها تعمل استحثاث لزلازل أخرى، فأصبحت المنطقة مهيأة».

وبيّن الدكتور العمري أن الزلازل التي يرتفع مقدارها عن 6 درجات بمقياس ريختر وتكون بؤرتها ضحلة من الممكن أن تؤثر على المنشآت النفطية إذا وقعت في نفس المنطقة الشرقية.

وحول المعايير والمقاييس التي لا بد من اتباعها في بناء المباني في هذه المناطق المعرضة لهزات قوية مثل تبوك، قال: «جميع مناطق السعودية مبانيها ذات معايير واحدة وهذا خطأ، فكل منطقة لا بد أن تخضع لمقاييس مختلفة عن منطقة أخرى تبعا لطبيعة الأرض والقشرة الأرضية، وقد بدأت منطقة تبوك بالتنفيذ».

وأضاف مستبشرا بالخير بأنه ستشهد السعودية قريبا شبكة رصد تغطي مناطقها كلها، وذلك خلال سنتين، وقال: «إن شبكات الرصد تفيد في معرفة أكثر المناطق المعرضة للهزات الأرضية وعلى أساسها نقوم بالبحوث والدراسات ونضع المعايير الخاصة بالبناء».

وذكر مصدر بمركز الزلازل والجيوفيزياء أن الهزة في عمق الصفيحة الإيرانية وما حدث هو هزات ارتدادية، مضيفاً أن هذه الهزة عادية وليس لها أي تأثير وتسجل أجهزة الرصد يومياً العديد من الهزات الضعيفة جداً، التي لا يشعر بها أحد. وأضاف المصدر لو ارتفعت قوة الهزة إلى مستويات ست أو سبع درجات سيكون الوضع أخطر بكثير وستقلب الوضع وستتسبب في ما يسمى بالهجرة البترولية، حيث ستتسبب الصدوع التي تنتج عن الهزات القوية في تسرب النفط من مكأمنه الحالية إلى مكأمن جديدة.

ووصف المهندس الجيولوجي السعودي أحمد آل هتيلة اليامي، هذه الهزة بالنعمة، لأنها ـ وبحسب قوله ـ تخفف من الضغط الكبير جداً في باطن الأرض، كما أنها لا تتسبب في أضرار سواء على سطح الأرض كتدمير المدن وحدوث وفيات، أو في باطن الأرض من هجرة البترول والماء.

وقال اليامي في اتصال مع «الشرق الأوسط»، هذه الهزة بسيطة جداً وقد حدثت في باطن الأرض تحت الصفيحة الإيرانية في المنطقة الواقعة تحت جبال زوروس، وانتقل أثر الهزة ـ أي الهزات الارتدادية ـ إلى الصفيحة العربية عند نقاط الالتقاء والتلامس في الخليج العربي· وتوقع اليامي أن يأتي يوم يقفل فيه الخليج العربي وتصبح الصفيحة الجيولوجية العربية متلاصقة تماماً مع الصفيحة الإيرانية، واصفاً الخليج العربي بالخليج، تسمية مجازية، فهو أصغر بكثير من الخلجان المعرفة، حيث لا تتجاوز أعمق نقطة فيه سوى 90 مترا. وأشار المهندس اليامي إلى أن الخليج العربي وبحسب الدراسات الجيولوجية، سيختفي من الوجود بعد ما يقارب من 65 مليون سنة· مشيراً إلى أن مقابل هذا الاختفاء للخليج العربي سيكون هناك توسع في البحر الحمر والقياسات الجيولوجية ـ بحسب كلام اليامي ـ تؤكد ذلك، حيث يزاد عرض البحر الأحمر في العام الواحد 2 سنتيمتر.

وقال اليامي إن هذه الهزات غير مؤثرة على أنابيب البترول أو على المكأمن، حيث تحتوى المكأمن على عدة طبقات من الصخور تحميها. مضيفا: عندما تحدث هزات أرضيه عنيفة تسبب أضراراً كارثية، فعند ذلك يمكن أن نتوقع تأثيرا، وعندها تقوم الشركات بعمل مسوح جيولوجية لمناطق البترول للتعرف على مدى تأثرها بهذه الهزة.

ونفى اليامي أن يكون هناك تأثير لاستخراج البترول على التركيبة الجيولوجية للأرض، مما قد يعزى له السبب في حدوث مثل هذه الهزات· مشيراً إلى أن عملية استخراج الزيت تتم بحقن الحقول بالماء، لذلك لا يكون لاستخراج البترول أثر لأن الزيت يستبدل بالماء.

ورشح الجيولوجي اليامي المنطقة الشرقية للتعرض لهزات أرضية أقوى من هذه الهزة، والسبب ـ كما يقول ـ هو وقوعها على طرف الصفيحة الجيولوجية العربية وقربها من الصفيحة الجيولوجية الإيرانية ذات الوضع الزلزالي النشط بحسب تعبيره.

في مدينة الدمام التي تقع على الساحل الغربي للخليج العربي لم يشعر الناس بالهزة الأرضية، وكثير من الناس عرف عن وقوع هزة أرضية في المنطقة الشرقية من السعودية من خلال شاشات التلفاز، فيما لم تسجل الجهات الحكومية أي بلاغ عن وقوع حوادث نتيجة الهزة.

وتعتبر هذه الهزة هي الهزة الثالثة في ظرف ستة أشهر تتعرض لها المناطق السعودية، فقد تم الإعلان عن هزتين أرضيتين سابقتين احداهما في غرب السعودية في مدينة مكة المكرمة في الثاني عشر من شهر سبتمبر (ايلول) من العام الماضي، والثانية في شرق السعودية في مركز حرض بالمنطقة الشرقية في الثالث من شهر ديسمبر (كانون الاول) من العام نفسه، فيما سجلت أجهزة الرصد التابعة لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية عدة هزات أرضية في ذات المنطقة، ووصف الوضع حينها بالنشاط الزلزالي النشط، لكن أي من هذه الهزات الارضية لم تسجل أي خسائر بشرية أو مادية، حيث كانت في معظمها في نطاق الدرجات الخفيفة.