أكبر مشروع لضخ الحصى في نفقين بمكة المكرمة لمنع حدوث انهيارات أرضية

بواسطة عربة إلكترونية وتقنية فضائية تستخدم لأول مرة

TT

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية صباح أمس، أول مشروع من نوعه يختص بمعالجة وتثبيت أنفاق تصريف مياه الأمطار بمكة المكرمة، التي تقع بالقرب من الحرم المكي الشريف عبر تقنية عالمية جديدة تم تطويرها بهيئة المساحة لضخ الحصى داخل الانفاق بمساعدة عربة إلكترونية يتم التحكم بها عن طريق الأقمار الصناعية لتحقيق الدعم وعدم حدوث أي انهيارات في تلك الانفاق التي كانت شيدت قبل نحو 20 عاما ثم أغلقت بسبب تأثيرها السلبي في حينه على مناسيب المياه الجوفية.

وكان الدكتور محمد بن أسعد توفيق، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، أشار الى أن تكلفة المشروع تتراوح بين 300 إلى 400 مليون ريال، كما استعرض ووسائل الاعلام المحلية سير العمل في المشروع، والاطلاع على التجارب النهائية الخاصة بالتجهيزات التقنية الحديثة التي طورت خصيصاً لأعمال حقن الحصى داخل الأنفاق من خلال محطة التجارب الفعلية لمشروع معالجة وتثبيت أنفاق تصريف مياه الأمطار بمكة المكرمة في المجمع الصناعي لمجموعة بن لادن السعودية (مقاول المشروع)، شرق مطار الملك عبد العزيز بجدة.

وأبان المهندس سامر شومان، وهو مدير مركز دراسات وأبحاث زمزم في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية ومدير المشروع، في اتصال هاتفي، لـ «الشرق الأوسط»، أن التقنية الجديدة تم تطويرها بعد دراسات وأبحاث جيولوجية متطورة، والاستعانة بشركات دولية متخصصة في التقنية الفضائية، ساعدت على مستوى من النتائج يصل إلى 100 في المائة، على أداء العربة الإلكترونية التي ستقوم بأعمال ضخ الحصى مع مزجه بنسبة من الماء تحت عمق 40 مترا لإغلاق النفقين وإعادة الطبيعة في ذلك العمق إلى وضعها الطبيعي قبل أعمال شق تلك الأنفاق.

والنفقان اللذان من المنتظر أن تستمر أعمال (ضخ الحصى) فيهما لمدة أربع سنوات مقبلة، هما بقطر أربعة أمتار، ويتراوح طول النفق الأول 1850 متر، يمتد من مواقف سيارات الحجون إلى الساحات الشرقية للمسجد الحرام على عمق30م ـ 35م. فيما النفق الثاني يمتد من نفق السيارات بمنطقة المعابدة إلى جسر الحجون على عمق يتراوح ما بين 35 متر ـ 45 متر وبطول 1300 متر.

المشروع يهدف عبر خطة مرحلية، إلى معالجة وتثبيت النفقين دونما إحداث أي تغييرات تذكر على النواحي الهيدوليكية والهيدروجيولوجية أو نوعية وكمية المياه ضمن وحول النفقين، وذلك باستخدام مواد ليس لها آثار جانبية على الخزان الجوفي بالنفقين وحولهما والمحافظة على الخصائص الجيولوجية والجيوفيزيائية للمنطقة المحيطة بالأنفاق، ولتحقيق هذه الأهداف فقد تم وضع نطاق عمل من ثلاث مراحل لمعالجة وتثبيت الأنفاق.

وتشتمل المرحلة الأولى: وتتضمن الأعمال التحضيرية المتعلقة بتجميع البيانات عن الخدمات القائمة بمسارات النفق ودراسة مقاطع النفق واتجاهها· وطبيعة التكوينات الجيولوجية والمسح الإنشائي للمباني القائمة في مسار الأنفاق· ولدراسة مقاطع الأنفاق وإعداد مخططات جيولوجية وبيان مسار الأنفاق بطريقة دقيقة، فقد تم استخدام أجهزة على هيئة عربة غواصة يتم التحكم بها عن بعد لتسجيل المعلومات أثناء حركتها داخل الأنفاق، وذلك بتحديد أبعاد النفق واتجاهات مساره للحصول على مخططات دقيقة تبين جميع المعلومات الضرورية لتنفيذ أعمال المعالجة.

كذلك دراسة المنطقة المحيطة بالأنفاق جيولوجياً وهندسياً، وقد تم ذلك بحفر 21 جسة بأعماق متفاوتة بين 12متر و47 متر وبطول إجمالي بلغ 735متر طولي، لمعرفة طبيعة التكوينات الجيولوجية لطبقات الصخور المحيطة بالأنفاق، إضافة إلى مراقبة مناسيب المياه الجوفية بمنطقة الأنفاق وأخذ عينات من المياه لإجراء الاختبارات عليها، وذلك من خلال شبكة آبار رصد مكونة من 28 بئرا بأعماق مختلفة.

ومن ضمن الأعمال التحضيرية التي تم تنفيذها حتى تاريخه ـ أعمال المسح الميداني الإنشائي، والتي شملت الكشف على المباني القائمة فوق وعلى جانبي الأنفاق ووصف وضعها الإنشائي قبل وأثناء وبعد تنفيذ أعمال المعالجة والتثبيت للأنفاق، مراقبة الحركة الأرضية أفقياً وعمودياً قبل وأثناء وبعد تنفيذ أعمال المشروع باستخدام أجهزة خاصة، ومراقبة الشروخ بالمباني أثناء وبعد تنفيذ أعمال المشروع وملاحظة اتساعها من عدمه، والعمل على مراقبة بعض النقاط المساحية في مواقع مختارة لرصد الحركة العمودية، وإعداد تقرير يتضمن كافة المشاهدات والملاحظات ونتائج الرصد والمراقبة قبل البدء بالتنفيذ وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وإعطاء نسخة من التقرير لكل جهة للاحتفاظ بها والرجوع إليها إذا دعت الحاجة مستقبلاً.

وقالت الهيئة إنه تم القيام بأعمال الاستكشاف الجيوفيزيائي، إذ تمت دراسة التكوينات الصخرية في المنطقة المحيطة بالأنفاق باستخدام أحدث الأجهزة المتخصصة لتكوين صورة جيوفيزيائية تحت سطحية ثلاثية الأبعاد تعكس واقع التكوينات الصخرية لمقاطع التكوينات بالمنطقة عن طريق رصد الموجات الاهتزازية الزلزالية (Tomography).

وجاءت المرحلة الثانية من جسم المشروع لتتضمن الاختبارات الموقعية والتجارب الميدانية ووضع البدائل لتنفيذ أعمال المعالجة والتثبيت واختبار البديل المناسب، ومن هذه البدائل: عمل جسات عمودية بقطر 40 سم من سطح الأرض تخترق جسم النفق ليتم الملء من خلال هذه الجسات، وقد تم إجراء 25 تجربة ملء على الأنموذج الاختباري بجدة، والذي تم إنشاؤه بنفس أبعاد الأنفاق مع تركيب مواسير بارتفاع حوالي 35م لتعكس الوضع القائم بالأنفاق المراد ملؤها.

كذلك استخدام عربة خاصة تم تصميمها وإنشاؤها بحيث يمكن إنزالها إلى داخل النفق من فتحات خاصة ومن ثم تقوم بأعمال ملء النفق بالحصى الذي يتم ضخه من السطح مع الماء ويتم السيطرة عليها عن بعد وتوجيه الملء ومراقبة عملها على شاشات خاصة بغرفة المراقبة، حيث يتابع المختصون خطوات التنفيذ أولا بأول لضمان الملء الكامل لجميع أجزاء النفق· وهذه الطريقة لا تزال تحت التجربة وإن كانت التجارب التي قام بها المهندسون وأكدها مدير المشروع تشير الى مستويات عالية جدا بعد سلسلة من التجارب الأولية على الأنموذج الاختباري، للاستخدام في الموقع بمكة المكرمة في ملء الأنفاق، حيث من المتوقع أن تبدأ أعمالها باستخدام هذه الطريقة بعد شهرين. فيما ستكون المرحلة الثالثة بعدالانتهاء من أعمال التنفيذ وإرساء برنامج للمراقبة والمتابعة الدائمة.