قاض سعودي يحكم في قضية لم يتنازع حولها أحد

TT

عندما تسمع عن صدور حكم قضائي، فإن أول ما يستحضره الذهن هو صورة المحكمة وأطراف النزاع الذي عادة ما يتم بين طرفين أحدهما المدعي والآخر هو المدعى عليه، وهما أمام القاضي الذي يصدر حكم الفصل في خصومة الطرفين، لكن من الصعب أن تتخيل حكما قضائيا يصدر دون وجود خصمين.

كل ما سبق قد لا يكفي لتحفيز الخيال ليتوقع تفاصيل ما حدث داخل المحكمة الجزئية في مكة المكرمة، عندما أصدر رجل قضاء سعودي حكما ضد مخالفة شرعية لم يتنازع حولها أحد، ولا يوجد شاهد عليها يثبت وقوعها، فضلا عن أنه لم يحضر مرافعاتها سوى القاضي نفسه، وكاتب الضبط الذي لم يشهد من تفاصيلها سوى تدوين الحكم الشرعي الذي أصدره هذا القاضي عندما كان خاليا بنفسه في المكتب.

وتتلخص قصة هذه القضية في كون القاضي هو الحاكم والمحكوم عليه، وهو أيضا شاهد الإثبات ضد نفسه في هذه القضية الغريبة، وذلك عندما أصدر الشيخ عبد الوالي السلمي حكما على نفسه بذبح فدية وهي عبارة عن رأس من الغنم بعد تسببه في مقتل حمامة أثناء سيره بسيارته على الطريق الدائري في مكة المكرمة.

وكانت الحمامة التي تحظر تعاليم الإسلام قتلها داخل حدود الحرم، ماتت بعد ارتطامها بمقدمة السيارة التي كان يقودها قاضي المحكمة، نتيجة طيرانها بشكل منخفض أثناء تقاطع مركبته مع مسار الحمامة.

وأوضح الشيخ السلمي أن هذا الحكم يأتي تأسيا وعملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حرمة مكة المكرمة «لا يقطع شجرها ولا ينفر طيرها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعروف». والمعروف أن الصيد وقتل الطير وقطع الأشجار من الأمور المباحة التي لا حرج فيها ولا إثم في ديننا الإسلامي، بشرط أن يكون ذلك خارج حدود منطقة الحرم في مكة المكرمة.

يشار إلى أن حدود منطقة الحرم لا تقف عند حدود المسجد الحرام في مكة المكرمة، بل تمتد عدة كيلو مترات من مركزها المتمثل بالكعبة المشرفة التي بناها نبي الله إبراهيم عليه السلام، لتشمل وفق المعالم الشرعية لها مشعر عرفات شرقا، وضاحية الشرائع إلى الشمال الشرقي، وتصل من الناحية الغربية إلى منطقة الشميسي، وتصل شمالا العمرة حيث مسجد السيدة عائشة، فيما تنتهي حدودها جنوبا عند مركز التفتيش الواقع على طريق الليث.