معرض الرياض: سعوديات يوقعن كتبهن لأول مرة.. والزوار بين مؤيد ومعارض

إحدى الزائرات: انتهى وقت توقيعك.. لو سمحت زوجي يريد توقيع كتابه

TT

تعوّد السعودي على رؤية المؤلفين، وهم يوقعون كتبهم الجديدة في المعارض الدولية وبعض العواصم العربية، أو من خلال وسائل الإعلام، غير أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة في السعودية حتى وقت قريب، إلى أن جاء معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي اختتمت فعالياته بداية الشهر الجاري، حيث خصص جناح خاص بتوقيع بعض الإصدارات الجديدة من قبل مؤلفيها.

ولم يقتصر الأمر على التوقيع «الذكوري» فقط، بل أقدمت أربع سعوديات على التوقيع في الصفحة الأولى من كتبهن لعدد من الزائرين والزائرت للمعرض في اليوم الأخير المخصص للعائلات، بعد دعوة اللجنة التنظيمية للمعرض لهن، فكانت تجربة أولى للمرأة السعودية في هذا المجال، وكما هي عادة كل جديد أو مستحدث، فقد أثارت هذه التجربة جدلاً بين الزائرين والزائرات، وتباينت المواقف حيال ذلك.

تقول الدكتورة فوزية أبو خالد عن تجربة توقيع ديوانها الشعري «شجن الجماد» في معرض الكتاب، «شابتها بعض الممارسات من قبل بعض «المتدينين»، سواء من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من قبل بعض أرباب العائلات». مضيفة أنهم طلبوا منها ـ ومن زميلتيها ألاء الهذلول وتهاني العبد الكريم ـ «تغطية وجوهنا، وإغلاق جناح التوقيع حتى لا يشاهدنا جميع الزوار، وكذلك الطلب من الذكور عدم دخول مكان التوقيع مع عائلاتهم، وقصر ذلك على النساء والأطفال، مع أن الفترة مخصصة للعائلات، وأن تكون عباءات النساء الزائرات لجناح التوقيع ملبوسات من فوق الرأس».

بينما تحدثت الشاعرة السعودية هدى الدغفق عن توقيع ديوانيها «لهفة جديدة» و«الظل إلى أعلى»، حيث قالت «تجربتي التي حظيت بها وهي تجربة توقيع كتاب، واعتبرتها فرصة نادرة تحدث لي، ولغيري من المؤلفات وسط مجتمع محافظ، مثل الذي أنتمي إليه، ولم يزل يشكل اختلافاً عن بقية المناطق الأخرى في السعودية، وحتى إن كان المشهد ثقافياً، فهو مجتمع بسيط وتقليدي، لم يزل يرَ في اسم المرأة «عورة»، وهو ما دعاني لأوقن أن تجربة توقيع كتاب بالنسبة لرجل مؤلف تجربة غير مألوفة، فكيف بها بالنسبة لامرأة مؤلفة «مضيفة أنه» عندما طلبت مني الدار التي اتفقت وإياها على تسويق ديواني الشعريين وهما «الظل إلى أعلى» و«لهفة جديدة» في معرض الرياض الدولي للكتاب، أن أوقع ديواني في موقعها، أو في جناح التوقيع الشخصي، وافقت ثم ترددت قليلاً؛ لمعرفتي وتصوري المسبق لنوعية الزوار للمعرض، لكنني أردت بذلك أن أسجل موقفاً للمؤلفة السعودية، ولقد شعرت أنها فرصة منحني إياها القائمون على المعرض في وزارة التعليم العالي، وهي بادرة تستحق مني التجاوب معها وقبول نتائجها».

وعن شعورها أثناء توقيعها، قالت الدغفق «أعتقد أنني لم أكن في حالة من التوتر والقلق مثل التي كنت عليها، ولكنها كانت أمتع حالات القلق؛ التي تشبه لحظة كتابة أو ميلاد خيال شعري، إنها متعة أعادتني لأعيش لحظة الكتابة بوعي مع قارئي وأنا أوقع له الكتاب، إنني كنت مملوءة توجساً مما قد يحدث من مواقف من بعض مثيري الشغب؛ الذين يرفضون أن يكون للمرأة المبدعة وغيرها حضور أو مكانة، ولكنني أردت أن لا أستتر في موكب احتفال الفكر، وأبدو أو تبدو المرأة السعودية ذات ضعف أو خنوع، يدعو غيرها لتسجيل موقف مضاد لها، ويؤكد به ولاية لا داعي لها، كشكل من أشكال السطو على عقلها وحسها». وأشارت الشاعرة هدى إلى أنه مر من أمامها رجال «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وهي توقع كتابيها للزوار والزائرات وأطلوا وطلبوا نسخاً من الكتابين، مضيفة «وأهديتهم إياها وعبروا بسلام، بعد الإطلاع السريع على الكتابين، ومر كثير من الزملاء والزميلات المبدعون والمبدعات، ووقعت إهداءات لهم وعبروا إلى أجنحة أخرى في المعرض، ومع أن مدة التوقيع كانت ساعة في آخر أيام المعرض ـ الخميس 2 مارس (آذار) الجاري ـ إلا أنني كنت استمتع بكل ثانية تمر، وأتبادل حواراً بيني وبين أفراد العائلة التي تدخل علي في الجناح، وقد تعبر دون أن أوقع لها أو تقتني كتابا لي، وتسألني إحداهن: في أي مجال تكتبين؟ ثم تمضي بعد أن اجيبها وقد دعت لي بالتوفيق، والأكثر طرافة واستغراباً بالنسبة لي، أنني لم أشعر بمضي الوقت إلا بعد أن دخلت إلي زوجة مؤلف آخر سيوقع بعدي، وهي تقول (انتهى وقت توقيعك، لو سمحت زوجي يريد توقيع كتابه).