خلدون الأحدب: «شاوروهن وخالفوهن» حديث موضوع وتطبيقه تعطيل لطاقة المرأة

انتقد عدم وجود المرأة ضمن منتدى الفكر الإسلامي أثناء محاضرته

TT

انتقد أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور خلدون الأحدب عدم وجود المرأة والسماح لها بالمشاركة والوجود أثناء محاضرته التي ألقاها بقاعة المحاضرات بمنتدى الفكر الإسلامي المنبثق عن مجمع الفقه الإسلامي بعنوان «أثر علم الحديث في تشكيل العقل المسلم» يوم الأحد الماضي، وطالب المجتمعات الإسلامية بضرورة إشراكها في الندوات الفكرية الإسلامية وعدم الاقتصار على الرجال فقط في مثل هذه المناسبات؛ التي تطرح فيها أهم وأخطر القضايا المعاصرة.

وأوضح الدكتور خلدون من خلال محاضرته أثر علم أصول الحديث في تشكيل العقل المسلم قائلا «إنها تبدأ في تكوين العقلية العلمية المتمثلة في رفض الظن في موضع اليقين، وعدم قبول دعوى بغير حجة وبرهان، وتكامل النقل الصحيح مع العقل الصريح وعدم تعارضهما بالإضافة إلى التحقق بالموضوعية المتجردة عن التقليد والتبعية والهوى وتحقيق الشمولية والتوازن عند البحث والنظر والتقويم والعمل».

وحول التفسيرات والشروحات الخاطئة لبعض الأحاديث النبوية التي يقع بها بعض العامة من الناس، يقول خلدون «قد يكون سند الحديث صحيحا، ولكن للأسف الشديد يفسر معناه على ما قرره الناس وتناقلوه وفهموه خطأ بكليات نص الحديث» ويستشهد خلدون على ذلك متابعا «مثلا: أن الرسول عليه السلام، قال لجمع من النساء (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) فسياق الحديث وضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه إلى النساء على وجه المباسطة التي عرف بها».

ويتابع «أدل على ذلك من أنه جعل الحديث عن نقصان عقولهن توطئة وتثبيت لما يناقض ذلك من القدرة التي عرفن بها وهي خلب عقول الرجال والذهاب بلب الأشداء من أولي العزيمة والكلمة النافذة منهم ولا يقصد الانتقاص من المرأة بمقدار ما يركز على التعجب من قوة سلطانهن على الرجال» ويضيف «لقد أثبت علم النفس أن المرأة أقوى عاطفة من الرجل, والرجل، وهو أميز منها تفكيرا، هذا التقابل التكاملي بينهم هو سر سعادة كل من الرجل والمرأة بالآخر، ولو كان الرجل كالمرأة في رقتها العاطفية، وتأثراتها الوجدانية لشقيت المرأة، ولا ما وجدت فيه الحماية التي تنشدها، والرعاية التي تبحث عنها، والحديث يتكلم عن حكمة ربانية لا بد منها والحصيلة تنطق بمساواة الدقيقة بينهما».

لكن هذا الحديث دائما ما يتم تداوله بين العامة ويتم تطبيقه آخذين فيه المعنى الحرفي لها، بكون النساء ناقصات عقل ودين، وعلى ذلك يعلق خلدون «لم يرد الإسلام هنا إلا إبراز شيء واقع في طبيعتها، وهو نقصهن في التكليفات الدينية، وهذا لا يعني نقصان دينها وأنها أقل مرتبة من الرجل من حيث تدينها، لأن الله لا يؤاخذها على ما خلقه في طبيعتها وأمرها به، حينما لا تصوم أو تصلي في حالة الحيض لديها».

وعن اتباع بعض الناس للأحاديث الموضوعة أو الضعيفة يقول خلدون «للأسف أن كثيرا من الأفكار والتصورات والمعتقدات والأحكام الشرعية الممارسة جاءت من جراء الاعتماد على الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، واشتهار هذه الأحاديث للأسف الشديد يفضي إلى جعل عقل المسلم عقلا أسطوريا، وليس عقلا علميا منطقيا، فلا يصح الاستناد والاحتجاج إلا بالأحاديث الصحيحة والحسنة، وكل ما خرج عن هذه الدائرة لا يصح الاحتجاج بها».

ويستشهد خلدون أيضا على هذه النقطة بحديث دائما ما يتم تداوله بين الناس وهو «شاوروهن وخالفوهن» ويوضح قائلا «هذا الحديث موضوع ومكذوب وفيه إهمال لرأي المرأة ومشورتها واقتصار دورها على الفراش والخدمة ليس إلا، وهذا مخالف لمبدأ قرآني، حيث قال لله تعالى «وأمرهم شورى بينهم» فكيف يأمر رب العالمين في كتابه الكريم بالشورى بين المؤمنين، ويأتي رسول الله وهو المبلغ عنه، ويقول شاوروهن وخالفوهن، فهذا مناقض لأمر الله».

ويضيف خلدون «كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام شاور زوجته أم سلمى في صلح الحديبية، وأعجب الرسول برأيها وطبقه, إضافة إلى أن مثل هذا الحديث الموضوع يعتبر ظلما للمرأة وعقلها، وتعطيلا وإهدارا لطاقة نصف الأمة، وهذا لا يتفق مع مبادئ القرآن ولا الدين».

وعن مدى كفاءة منهج الحديث المدرس حاليا في المدارس، يقول خلدون «جل هذه الأساليب هي أساليب تقليديه قديمة، وذات فائدة محدودة تقوم على تلقين الطالب والتسليم بها بغض النظر عن صحتها، ومدى اتفاقها مع قواعد العلم والمنطق والتاريخ وكثيرا ما يكون فيها أخطاء وتصورات منحرفة تساهم للأسف الشديد في بناء مواقف خاطئة وتصورات سلبية، وهذا ما نراه اليوم من تتطرف وغلو وتشتت وهذا إنما يعود إلى عدم الفهم الصحيح للأحاديث النبوية، لهذا يجب علينا أن نربي الملكة العلمية والتفكيرية والعقلية».