غموض يكتنف دور طلاب التطبيق الميداني في مدارس الباحة

مدير التعليم: إعداد المعلم لب الجانب التربوي المهني * الطلاب: المدارس تستغلنا رغم وجود تخمة في المدرسين الأساسيين

TT

يعاني طلاب التطبيق الميداني ـ المتوقع تخرجهم في كلية إعداد المعلمين بالباحة هذا العام ـ من استغلال المدارس التي يتدربون فيها، فعلى الرغم من أنهم لا يزالون على مقاعد الدراسة، إلا أن هناك جهات تحملهم حصصا متكاملة كأنهم مدرسون محترفون، في الوقت الذي يتمتع المعلمون الأساسيون في هذه المدارس بالفراغ وقلة الحصص مما يعطيهم فرصة التنصل من واجباتهم الوظيفية، والتي من أهمها مساعدة هؤلاء المتدربين، باعتبارهم غير أساسيين في المدرسة.

ويؤكد هذه القضية متخصصون في التعليم ناقشوها بعد أن طرحتها «الشرق الأوسط» على جدول أعمال اجتماعهم الأسبوع الماضي، حيث أكدوا ان أخبار الميدان التربوي تشير إلى أن بعض مديري المدارس يكثفون اتصالاتهم بكليات المعلمين واللجان المنسقة لبرنامج التربية الميدانية في سبيل إخراج مدارسهم من ضمن المدارس التي تحظى باستضافة طلاب التربية الميدانية.

ويعلل بعض المديرين ذلك بقوة عطاء المتدرب فيما يذهب آخرون إلى إيجاد نوع من الترف بكثرة المعلمين، وبالتالي يكسب حب الزملاء ويفتخر أنه حقق لهم هذا العدد من المتدربين ويتناسى ما تصاب به المدرسة من تخمة في عدد المعلمين، تؤدي إلى استغلال الطلاب المتدربين والتربية العملية أو الميدانية ـ كما يسميها البعض في كليات إعداد المعلمين وكليات التربية ـ من أهم المراحل في حياة الطالب الذي اختار مهنة التدريس من خلال الكليات التربوية أو معاهد إعداد المعلمين والمعلمات سابقا ولاحقا لما تبقى منها وتكمن أهميتها في مدى التطبيق العملي لما تعلمه الطالب في مجال التدريس مناهج تعنى بطرائق التدريس وكيفية التعامل مع المستهدفين في المدارس وحتى تؤتي ثمارها كما خطط لها من قبل القائمين على إعداد المقررات الدراسية في هذه المعاهد والكليات لا بد من أن يعمل كل فيما يخصه ليكون المخرج محققا الأهداف التي تنعكس سلبا كان أو إيجابا على الطلاب والطالبات.

مطر أحمد رزق الله مديرعام التربية والتعليم في منطقة الباحة أكد ان التربية العملية الميدانية تمثل الجانب التطبيقي في عملية إعداد المعلم وهي لب الجانب التربوي المهني في العملية من خلال قدرة المعلم على تطبيق ما تعلمه من مفاهيم ونظريات داخل الفصل الدراسي ولقد اهتمت الوزارة بهذا الجانب وترجمة التنظيم الذي حدد بعض العناصر، من أهمها تحديد مدة التربية الميدانية بفصل دراسي كامل بعد المشاهدة التي تطبق في الفصل الدراسي السابع من خلال مقرر طرق التدريس لكل تخصص بحسب ظروف الكلية، وأن يشترك المشرف الأكاديمي في الكلية ومدير المدرسة والمعلم الأساس في المدرسة في تقويم الطالب المعلم من 100 درجة 20 بالمائة منها يقدرها المدير والمدرس الأساس المتعاون.

ويعلق مدير شؤون المعلمين بتعليم الباحة محمد مسفر الزهراني بقوله «يجب أن يكون الطالب المعلم رديفا في المدرسة وليس معلما بديلا عن المعلم الأساس الذي يفترض فيه مساعدة المتدرب وتبصيره بكل ما يعينه على أداء مهمته داخل الفصل من طرائق تدريس ووسائل تعليمية وأن يستغل أوقات الفراغ في الجلوس مع المتدرب لبحث المعوقات التي تقف أمامه في عملية التطبيق وطالب بتوسيع دائرة توزيع المتدربين في المحافظات القريبة حتى لا يتكدس العدد في مدارس محدودة مما يحدث إرباكا مشهودا داخل هذه المدارس».

وبسؤالنا لمدير الإشراف التربوي بالباحة محمد سعيد الزهراني عما اذا كان هذا معمولا به في المدارس، أجاب بأن المسموع والواقع قد لا يعكسان هذا الدور عند المعلم الأساس، الذي قد يخطئ الفهم فيحول الطالب المعلم من حالة التدريب إلى جعله المعلم الأساس، ويحمله ما لا يطيق في ظل تغاضي مدير المدرسة، الذي يعتبر المشرف المقيم على الكل يفترض عدم تغييب دوره في المتابعة للمعلم الأساس والمعلم الرديف من خلال عدد الحصص التي يقوم الطالب بتدريسها حسب تخصصه الذي يتراوح بين 8-12 حصة أسبوعيا تتضح الرؤية بأنه لا ينبغي تحميل المتدرب فوق طاقته، بل يجب مراعاته باعتباره ضيفا كريما على منسوبي المدرسة لأنه لا يزال يخضع لساعات إشراف وزيارات واجتماعات من قبل المشرف الأكاديمي لمناقشة الأمور التي تتعلق بمقرر التربية الميدانية ـ وفق خطة وكالة الوزارة لكليات المعلمين التي حملها دليل التربية الميدانية الذي يعتبر المرجع المنظم في كليات المعلمين، للتأكد من أن هذا المتدرب يستطيع في المستقبل استيعاب كل ما يطرأ من تطوير على مهنة التدريس كرسالة سامية.

الدكتور عبد الله بن محمد الزهراني عميد كلية إعداد المعلمين أجمل الضوابط والمعايير في الأخذ بالاعتبار المباني الحكومية بالدرجة الأولى وتميز المعلمين الأساس والمدارس التي تظهر التعاون مع المتدربين من خلال السنوات الماضية والقريبة لاعتبارات تتعلق بارتباطات المشرفين مع طلاب الكلية من غير المتوقع تخرجهم والذين يتم حصرهم والاجتماع بهم مع بداية فصل التطبيق لتعريفهم بالواجبات ودورهم في المدرسة بعد استعراض لائحة التدريب التربوي وأن تنسيقا يتم بين الكلية من جهة والإدارة التعليمية في المنطقة في سبيل توزيع الطلاب المتدربين وتحديد المدارس بالتنسيق مع قسم المناهج وطرق التدريس بالكلية وأن إدارة الكلية تنشد تعاون مديري المدارس والمعلمين باعتبار الطالب متدربا وليس بديلا كما نصت عليه اللوائح المنظمة للتدريب وفي لقاء ببعض أساتذة كلية إعداد المعلمين بالباحة.

بينما يرى الدكتور أسامة كمال الدين مجموعة من الملاحظات منها أن العدد المناسب من المتدربين في المدرسة يتيح للمشرف المتابعة وأنه كلما كان عدد الطلاب أكبر كلما قل ترهل المدرسة بالمعلمين والمتدربين وأنه من الضرورة أن تتاح الفرصة للمتدرب لحضور حصص مشاهدة مع المعلم الأساس وأن تقوم إدارة المدرسة بضبط الحصص بينهما حتى لا يحدث تسيب من المعلم الأساس من خلال الاتكال على المتدرب وأن تتاح الفرصة لاستخدام جميع الوسائل التي تعين المتدرب في الفصل.

فيما يرى المشرف الميداني علي الربابعة أن تحديد نطاق ضّيق للتربية الميدانية يخلق الكثير من المعوقات أمام مديري المدارس من خلال تكدس المتدربين في المدارس المجاورة مثلا للكلية بسبب بعد المدارس المستهدفة وعدم وجود وسائل نقل تساعد على المتابعة ومع ذلك فالمشرف يبذل أقصى ما لديه لمتابعة المتدرب وفق آلية اللائحة ويعتبر الربابعة تدريب الطلاب أمرا ضروريا لمعرفة مدى استعداده للتدريس بعد التخرج.

ويطالب الدكتور فلاح البدير بضرورة دخول المعلم الأساس مع الطالب المتدرب، خاصة في الشهر الأول من التطبيق يتدرج بعدها حتى يعطى الطالب الثقة في نفسه كما طالب بأن يعد المتدرب التحضير للمادة وكأنه يدرسها بصورة فعلية.

ويقول الدكتور شوقي أبو العرايس: انه بالإمكان تدريب الطالب قبل البدء في البرنامج على بعض مهارات التدريس في معمل مصغر للتدريس داخل الكلية وعول على التغذية الراجعة للمتدرب بعد انتهاء البرنامج وفضل أن يكون المشرف من كليات التربية حتى يمكن تطبيق ما يتم شرحه من مقررات نظرية في الكلية.

وتساءل الدكتور عبد المنعم عابدين عن قلة التعاون من معلمي العلوم بالذات مع المتدربين وأن بعض المدارس لا يوجد بها في الأصل معلم متخصص في بعض المواد العلمية وطالب عند توزيع المتدربين الأخذ بعين الاعتبار ألا يزيد العدد عن طالبين في تخصصين مختلفين في المدرسة الواحدة.

ويختم الدكتور عبد الماجد أحمد بالقول: ان تبادل الزيارات بين الطلاب أثناء الدوام داخل المدرسة ضروري ويرى أن التعاون بين المدرسة والمتدرب أقل مما هو متوقع وأنه يغلب عليه طابع الروتين ويؤكد أن بعض المدارس تشهد كثافة عددية في عدد المتدربين والمعلمين وأن المعلمين يعتمدون على الطلاب المتدربين ويتركون واجبهم تجاههم ويرى ضرورة إقامة مدارس للتدريب، خاصة بالكليات وهذا بحسب وجهة نظره معمول به في كليات عربية معروفة.

مجموعة من الطلاب المتدربين ـ تحفظوا على أسمائهم ـ أكدوا أن المدارس تتعاون إلى حد ما من حيث الشكليات، من ترحيب وحسن استضافة ولكن يتساءلون عن الدور المفقود للمعلم الأساس الذي يعتبر العملية فرصة لأن يستغل الطالب، فيحمله هم تدريس المادة بشكل كامل وأن هذا قد يعطي المتدرب انطباعا غير مرض لا سيما وأن الكثير من المتدربين قد لاتتاح لهم الفرصة بعد التخرج للحصول على تعيين وفي الميدان شواهد كثيرة ممن انتهى بهم المطاف للبحث عن وظيفة لا ناقة ولاجمل بينها وبين ما تعلموه وتدربوا عليه في الكلية أثناء الدراسة وفي المدرسة أثناء التطبيق. وبالتالي يرون أن بعض مديري المدارس في أعوام مضت بحسب زملائهم قد حّمل الطالب مسؤولية تفوق ما يتدرب من أجله بما في ذلك وضع أسئلة آخر العام والدور الثاني في سبيل راحة المعلم الأساس.