مقيمون: كي تنجح مهنيا لا بد أن تكون علاقاتك الاجتماعية بالسعوديين جيدة

تراوحت قصصهم بين الاستثمار والمعاناة والفشل

TT

في الوقت الذي أظهرت فيه الإحصائية الأخيرة لمصلحة الاحصاءات العامة والتعداد السكاني في السعودية لعام 2004 أن تعداد المقيمين في السعودية وصل الى ما يزيد على ستة ملايين نسمة من اصل ما يزيد على اثنين وعشرين مليون نسمة هم اجمالي عدد السكان في البلاد، أي مانسبته 27 في المائة، فإن حالة من العزلة على الجانب الانساني تطغى على علاقات بعض المقيمين بالسعوديين، فيما ينجح آخرون في الانغماس داخل المشهد المحلي لدرجة الذوبان.

وتتراوح قصص النجاح والفشل داخل أوساط المقيمين بحسب رؤيتهم لطبيعة المجتمع ومدى فهمهم له، وفي كثير من الاحيان لاعتبارات وهمية ليست على أرض الواقع.

ويقول إحسان عبد المعطي، شاب فلسطيني ولد في مكة، يملك وثيقة مصرية الجنسية لم يغادر السعودية منذ ولادته «ارتبطت وجدانيا بكل تراب هذه الأرض، لا أشعر بوجود فوارق الا عند من يصنعون الفوارق في أذهانهم».

ويضيف وهو يستعد لمغادرة السعودية «مهنتي مشغل كومبيوتر وهي من المهن التي تجري توطينها، ولذلك فأنا مضطر للمغادرة» ويستطرد: رغم جنسيتي الفلسطينية لكني أعتبر نفسي سعوديا.

غير أن حالة من التأثر والتأثير بين السعوديين وغير السعوديين خاصة لمن تجاوزت إقامتهم عقودا طويلة. أنس مهندس سوري يبلغ من العمر37 عاماً، يقول انه واجه صعوبة في بداية حياته في تشكيل شبكة من العلاقات مع السعوديين «كنت لا أعرف ردة فعلهم تجاه كثير من القضايا. السعوديون ودودون جدا لكنهم لا يبدون ذلك من الوهلة الأولى».

ويضيف أنس «لدي الان خمسة أطفال، ربما هم لا يواجهون نفس المشكلة في التكيف كونهم اختلطوا مبكرا بأقرانهم السعوديين». ويعزو أنس حالة عدم التفاعل الاجتماعي إلى أنها باتت ظاهرة داخل المجتمعات العربية كلها ولم تعد مقصورة في مجتمع محلي واحد «السعوديون أنفسهم أصبحت علاقاتهم بجيرانهم أكثر رسمية في التعامل.. الحياة تتطلب الكثير من الارتباطات».

فيما شريحة أخرى من ذوي الدخول المرتفعة يفضلون إرسال أبنائهم إلى أوطانهم الأم ليتعلموا في بلدانهم فيما يفضل الآباء العيش هنا لوحدهم واستغلال سهولة السفر ووسائل التقنية في التعامل مع أسرهم. يقول صلاح مهران وعبد الله سلامة وكلاهما يعملان في شركة كبيرة في السعودية انهما لجآ الى ارسال عائلتيهما الى مصر للتعليم في الجامعات وبقيا لوحدهما لاعتبارات اجتماعية وثقافية».

وعلى الناحية الأخرى نجد قصص نجاحات لبعض المقيمين الذين يؤكدون أن سر نجاحهم كان لعلاقاتهم الجيدة مع شركائهم السعوديين. محمود شعبان مهندس لبناني جاء للسعودية في منتصف الثمانينات عمل في مجموعة شركات بمجال المقاولات حتى وصل الى رئاسة ادارة شركة كبيرة في مجال ادارة المشروعات هذا الى جانب إمتلاكه لشركة مقاولات تعمل طبقاً لنظام الاستثمار الأجنبي، وهو يؤكد بهذا على أن رغبته في استثمار خبراته وأمواله في المملكة انما هي لثقته في إمكانية نجاحة هنا أكثر من أي مكان اخر وايضاً يؤكد انه الان يعتبر نفسه من أبناء البلد وليس من المقيمين ويضيف أن هذا سر نجاحه حتى الآن.

في المقابل ترى نهى غزالي وهي مديرة إحدى المدارس العالمية في جدة قدمت للمملكة عام 1980 لمرافقة زوجها الذي يعمل مهندسا، ان عملها في السعودية واحتكاكها بكثير من الأمهات السعوديات عزز لديها الثقة في أن العزلة التي يفرضها كثير من المقيمين على أنفسهم تدعم الصورة السلبية لديهم في التكيف مع نمط الحياة في السعودية «لقد إتجهت للادارة شاركت في ادارة مدرسة بدأت صغيرة بسعة 60 طالبا ثم تطورت الى 300 ثم 600 وأخيرا الف طالب وطالبة وتتمتع بشهرة جيدة وطبعاً تتطلب مجهوداً غير عادي والتغلب على صعوبات عدة».

وتضيف لقد عملت على تقديم الجديد في مجال التعليم فطالما حلمت أن يخرج اسلوب التعليم عن الأسلوب النمطي التقليدي بل يكون التزود بالعلم يؤديه الطلاب باستمتاع، لقد كسبت ثقة أولياء الأمور وصداقاتاهم».

محمد رجاء، مصري يعمل في مجال الكومبيوتر عمل في المملكة لمدة تزيد على خمسة عشر عاما تطور في عمله حتى وصل الى رئاسة احدى الشركات التي تعمل في مجال توصيل شبكات الكومبيوتر ولكن مع تغيير إدارة الشركة التي يعمل بها تم الاستغناء عنه ولكنه بدلا من الرجوع لبلده قرر الاستمرار في المملكة واسس شركة مع شاب سعودي من اصدقائة واستغل خبراته وعلاقاته المتعددة لينجح في سنتين فقط لتطوير شركته ليحول العقبة التي اعترضت عمله الى عامل من عوامل نجاحه.