د. المرزوقي: فتاوى العلماء ليست إلزامية بل إيضاحية لمن يتحرى الحلال

بعد تحريم المجمع الفقهي المتاجرة بالهامش وبطاقات التخفيض

TT

أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صالح بن زابن المرزوقي الأمين العام للمجمع الفقه الإسلامي أن الفتاوي الصادرة عن إجتماعات الفقهاء والعلماء في الجانب الإقتصادي ليست إلزامية على الجهات الحكومية المعنية بالدول الإسلامية، ومعتبراً في نفس الوقت تلك الفتاوي بأنها لا تقتصر فقط على العالم الإسلامي.

وقال الدكتور المرزوقي أن العالم الإسلامي يعيش صحوة إسلامية إقتصادية بسبب إنتشار البنوك الإسلامية، وإعتماد العديد من الإقتصادات العالمية على مفهوم «الإقتصاد الإسلامي»، ومبيناً أنها فتاوي موجه لمن يبحث عن تطبيق شرع الله ورسوله وليس للباحثين عن الربح المادي فقط.

وعن تعارض الفتاوي مع وجود عدة دول إسلامية ضمنظمة التجارة العالمي أجاب قائلاً «دخولنا للمنظمة التجارية العالمية لا يعني إغفالنا للثوابت الدينية، والتي كانت إحدى بنود الإتفاق للحكومة السعودية للإنضمام للمنظمة على سبيل المثال، ويجب على المنظمات الإقتصادية في الدول الإسلامية إلى تكيف تعاملاتها مع الجهات العالمية الأخرى على مايوافق الدين والشريعة».

وكان المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في ختام أعمال دورته 18 أمس الأول في مكة المكرمة، حرم المتاجرة بالهامش، والتي تتخلص في ان يدفع المشتري جزء يسيراً من قيمة ما يرغب في شرائه، وتقوم جهة التمويل بدفع الباقي على سبيل القرض، وذلك شريطة بقاء العقود المشتراة لدى الوسيط رهنا بمبلغ القرض.

فيما تطرق القرار الثاني للمجلس إلى موضوع بيع البطاقة التي يمنح مشتريها تخفيضات في أسعار السلع والخدمات من غير مصدرها، وبعد مناقشة البحوث المقدمة في هذا الموضوع.

كذلك أرجع مجلس المجمع الفقهي أسباب عدم الجواز بالتعامل ببطاقات التخفيض إلى كونها تشتمل على الربا الصريح، والذي يتمثل بزيادة مبلغ القرض، والمعروفة بمسمى «رسوم التبيت»، وكذلك بسبب إشتراط العميل أن تكون التجارة الخاصة به تجمع بين السلف والمعاوضة، وبهذا يصبح منتفعاً من قرضه، مما يتعارض مع القاعدة الفقهية التي تقول «كل قرض جر نفعاً هو من الربا المحرم».

وأكد في هذا الصدد أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعاً، ومنها »المتاجرة في السندات وهي من الربا المحرم، ونص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي في جدة رقم 60 في دورته السادسة، كذلك المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز ونص القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي غرضها الأساسي محرم أو بعض معاملاتها ربا، أيضا بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجُيز التصرف، ومنها التجارة في عقود الخيارات وعقود المستقبليات، ونص قرار مجمع الفقه الإسلامي في جدة رقم 63 في دورته السادسة أن عقود الخيارات غير جائزة شرعاً لأن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه ومثلها عقود المستقبليات والعقد على المؤشر، وبين أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك وبيع ما لا يملك ممنوع شرعاً. وبين في هذا السياق أن التحريم في هذه المسألة يأتي »لما تشتمل عليه هذه المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة وخصوصاً العميل (المستثمر)، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة لأنها تقوم على التوسع في الديون، وعلى المجازفة، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات الآخرين بطرق غير مشروعة مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل إضافة إلى تحول الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصادياً وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضراراً فادحة.

وبين عدم جواز إصدار بطاقات التخفيض المذكورة أو شرائها إذا كانت مقابل ثمن مقطوع أو اشتراك سنوي لما فيها من الغرر، فإن مشتري البطاقة يدفع مالاً ولا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك فالغرم فيها متحقق يقابله غنم محتمل، مستثنيا من ذلك»كون بطاقات التخفيض تصدر بالمجان من غير مقابل، لذا »فإن إصدارها وقبولها جائز شرعاً لأنه من باب الوعد بالتبرع أو الهبة». وبشأن فسخ الدين والمعروف عند أهل العلم بـ(قلب الدين) قرر المجمع أن ذلك «يعد من فسخ الدين في الدين الممنوع شرعاً كل ما يفضي إلى زيادة الدين على المدين مقابل الزيادة في الأجل أو يكون ذريعة إليه» ويدخل تلك الصور «فسخ الدين في الدين عن طريق معاملة بين الدائن والمدين تنشأ بموجبها مديونية جديدة على المدين من أجل سداد المديونية الأولى كلها أو بعضها» وضرب مثالا لذلك منه «شراء المدين سلعة من الدائن بثمن مؤجل ثم بيعها بثمن حال من أجل سداد الدين الأول كله أو بعضه فلا يجوز ذلك ما دامت المديونية الجديدة من أجل وفاء المديونية الأولى بشرط أو عرف أو مواطأة أو إجراء منظم وسواء في ذلك أكان المدين موسراً أم معسراً وسواء أكان الدين الأول حالاً أم مؤجلاً يراد تعجيل سداده من المديونية الجديدة، وسواء اتفق الدائن والمدين على ذلك في عقد المديونية الأول أم كان اتفاقاً بعد ذلك، وسواء أكان ذلك بطلب من الدائن أم بطلب من المدين. ويدخل في المنع ما لو كان إجراء تلك المعاملة بين المدين وطرف آخر غير الدائن إذا كان بترتيب من الدائن نفسه أو ضمان منه للمدين من أجل وفاء مديونيته».

و»بيع المدين للدائن سلعة موصوفة في الذمة من غير جنس الدين إلى أجل مقابل الدين الذي عليه. فإن كانت السلعة من جنس الدين فالمنع من باب أولى»، و«بيع الدائن دينه الحال أو المؤجل بمنافع عين موصوفة في الذمة.

أما إن كانت بمنافع عين معينة فيجوز». «بيع الدائن دين السلم عند حلول الأجل أو قبله للمدين بدين مؤجل سواءٌ أكان نقداً أم عرْضاً. فإن قبض البدل في مجلس العقد جاز. ويدخل في المنع جعل دين السلم رأس مال سلم جديد». كذلك «أن يبيع الدائن في عقد السلم سلعة للمدين (المسلم إليه) مثل سلعته المسلم فيها مرابحة إلى أجل بثمن أكثر من ثمن السلعة المسلم فيها مع شرط أن يعطيه السلعة التي باعها له سداداً لدين السلم».