فيصل بن معمر: مخطوطات الوثيقة المعرفية التاريخية العثمانية موجودة في المدينة المنورة

TT

أوضح المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة، فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، أن المخطوطات والكتب التي كشفت عنها الوثيقة المعرفية التاريخية العثمانية، والتي أفصحت عنها مكتبة الملك عبد العزيز العامة في العاصمة السعودية، نهاية فبراير (شباط) الماضي، موجودة في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة.

واشتملت الوثيقة العثمانية على عناوين 650 مؤلفاً متنوعاً في مجالات المذاهب الإسلامية المختلفة والأدب والفكر، نقلها إبراهيم باشا من قصر الإمام عبد الله بن سعود في الدرعية، وسلّمت إلى ناظر الحرم النبوي في المدينة المنورة إسماعيل آغا، وأحيط الخليفة العثماني محمود الثاني بشأن هذه الكتب، حيث أمر في 1823 بإرسالها إلى المدرسة المحمودية التي أنشأها السلطان أمام باب السّلام.

وكانت جميع المخطوطات أبقيت لدى ناظر خزينة المدينة المنورة، إسماعيل آغا مدة من الزمن، ثم أودعت في مكتبة المدرسة الجديدة التي أنشيءت عند باب السلام باسم السلطان محمود الثاني بعد عدة أعوام، حيث سلمت بمعرفة أعيان المدينة المنورة وقاضي الشرع فيها عبد الرحيم أفندي، ومحافظ المدينة المنورة وغيرهم من الأعيان على أمناء مكتبة المدرسة المحمودية، وذلك في 25 سبتمبر (أيلول) 1822، مما يدل على أن الكتب بقيت خلال أربعة أعوام، تحت نظارة ناظر الخزينة إسماعيل آغا.

وقد بلغ عدد الكتب المودعة فيها والتي جلبت من الدرعية 530 مجلداً، ومع المصاحف والأجزاء المصحافية، بلغت المجموعة 650 مجلدا، حيث وزعت المصاحف والأجزاء المصحافية على أصحاب التلاوة في المدينة المنورة، وسجلت أسماؤهم في قائمة، كما أضيفت على تلك الكتب وألحقت بالكتب المجلوبة من الدرعية، قائمة كتب محافظ المدينة المنورة السابق حسن بك، وهي 342 مجلدا، حيث أودع جميعها في مكتبة المدرسة المحمودية في المدينة المنورة.

وتعد مكتبة المحمودية، بحسب دراسة للمحاضرة بكلية التربية في جامعة الملك عبدالعزيز فرع المدينة المنورة، سحر مفتي، واحدة من المكتبات التابعة للمدارس الوقفية، التي وفرت ضمن خدماتها التعليمية مكتبة (كتبخانة باللغة التركية) وسهلت إعارتها والاطلاع على محتوياتها لطلاب المدرسة، حيث أنشيءت المدرسة المحمودية في المبنى الذي أسست فيه المدرسة الأشرفية، التي أنشأها الأشرف قيتباي في 1483، ثم جددها وأوقفها السلطان الغازي محمود خان بن السلطان عبد الحميد خان في 9 مارس (آذار) 1822، بعد أن كانت معطلة وأقرب إلى الخراب، وأضاف إليها رباط البساطية، وبنى بجوارها داراً للناظر شيخ المدرسة فسميت باسمه، ثم جددها من بعده السلطان عبد العزيز خان في 1870، وزاد فيها عدداً من الغرف في الدور الأول والثاني، ثم هدمت الدار الموقوفة على المدرسة، وأُنشيءت من أساسها إنشاءً حسناً على يد شيـخ الحرم أمين باشا.

وتقع المدرسة بين باب السلام وباب الرحمة، وتطل نوافذها من جهة الشرق على الحرم مباشرة، فلا يفصلها عنه سوى زقاق ضيق، وهي ملاصقة للحرم الشريف من جهته الغربية، ولحجرها الشريفة شبابيك صفراء مطلة على الحرم الشريف، وقد خصصت هذه المدرسة غرفة للمكتبة والمرافق اللازمة لها، وحددت وقفية المدرسة دارين جوار المدرسة لحافظي الكتب، إضافة إلى مخصصات مالية قدرها ثمانون جنيها ذهبا، لحافظ الكتب الأول، وخمسون جنيها ذهبا لحافظ الكتب الثاني.

وقد أوقف مؤسس المكتبة كتباً نفيسة، وأمر بوضعها في المدرسة بواسطة شيخ الحرم النبوي الشريف، ومدرس المدرسة، وبلغت محتويات المكتبة 3314 مخطوطاً من المخطوطات الثمينة النادرة، تراوح نسخها ما بين القرنين الرابع الهجري والثالث عشر الهجري، مع وجود مجموعة كبيرة لم يعرف تاريخ نسخها، وأغلبها باللغة العربية، وبعض منها باللغة التركية والفارسية.

وكانت >الشرق الأوسط< نشرت في 8 مارس (آذار) الماضي حوار مطولاً مع المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة، فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، حول الوثيقة وأهميتها في الكشف عن الحالة الثقافية والعلمية أثناء فترة حكم الدولة السعودية الأولى 1744 ـ 1818، وكذلك نص الوثيقة المترجم إلى اللغة العربية.