السينما المنزلية حيلة تكنولوجية وقفز فوق حاجز الممنوع

تفتقر لأجواء دور العرض الحقيقية

TT

«أنا بحب السيما» هذا هو لسان حال منصور عارف، أحد عشاق السينما والذي وصل عشقه لها حد تخصيص صالة عرض سينمائي داخل منزله مجهزة بشاشة عريضة وأجهزة تحكم عن بعد، في الوقت الذي يفتقد فيه السعوديون الأجواء التي تصاحب العرض داخل صالات السينما بدءا من اقتطاع تذكرة الدخول مرورا بالسجادة الحمراء التي تحملك على صهوة النجومية المرصعة جدرانها بصور نجوم أفلام الموسم، وانتهاءا بأكواب الفشار والمشروبات الغازية التي تصاحب زوار دور عرض السينما الحقيقية أثناء متابعتهم للأفلام.

وتعد فكرة تطبيق السينما داخل المنزل من الأمور السهلة جدا كما أوضح حسن حبيب، وهو مدير شركة متخصصة في التقنية «يشكل الصوت المحيطي الميزة الأساسية لنظام السينما المنزلية عن التلفزيون العادي الذي يرتكز على السماعات الجانبية والأمامية بشكل كبير إلى جانب تلك الموجودة في أسفل الشاشة وأعلاها»، وبين تركيز الصوت الذي يجعل المشاهد ضمن دائرة محاربي الساموراي، يدخل حجم الشاشة كموجة تحمله مع الناجين من مشهد غرق التيتانيك.

إلا أن إطلالة شاشة السينما المنزلية التي تعتبر وسيلة للاستمتاع بمشاهدة ساحرة للأفلام لا يستطيع تمييزها بحسب حبيب إلا من تسنت له مشاهدة تلك العروض من خلال الشاشات المعدة خصيصا لذلك «حجم الشاشة لا بد أن يكون متناسبا مع مساحة المكان حتى يعطي الجو الذي تخلقه صالات السينما»، وبين محاولة خلق الجو السينمائي وهي الفكرة التي تجسدها السينما المنزلية وصعوبة أو سهولة تطبيقها في المنازل، إلا أنها حملت نوعا من التحايل التكنولوجي ساعد السعوديين هذه المرة على القفز فوق حاجز الممنوع.

وفي الوقت الذي يجد بعض السعوديين ضالته المنشودة في جسر الملك فهد الذي يعبر بهم نحو صالات السينما الحقيقية في ظل الارتفاع الشاهق للتكلفة الشرائية التي تقف سدا منيعا أمام تحقيق حلم عشاق الفن السابع بدور عرض سينمائية، إلا أنها أوجدت تباينا بين رغباتهم في اقتنائها وبحسب حسن حبيب «تتفاوت تكلفة السينما المنزلية بحسب الملحقات الخاصة بها ابتداء من تقنيات الصوت وانتهاء بحجم شاشة العرض مع الديكورات المرافقة».

وفي ظل غياب أجواء صالات العرض السينمائي بكل الهدوء الذي يكتنفها ولا تقطعه إلا تعليقات المتفرجين الساخنة الممزوجة برائحة القهوة التي تنبعث مع ضجيج فرقعة حبات الفشار، يحاول السعوديون إيجاد بديل لها من خلال اللعب على الديكور داخل صالة السينما المنزلية وكما أوضح حبيب «نحرص عند تركيب السينما المنزلية على توفير هذه الأجواء خاصة أن الجو المنزلي يتيح حرية أكبر في اتخاذ طريقة الجلوس الأكثر راحة وهو ما نراعيه عند التصميم».

تحايل السعوديين على عدم وجود دور عرض سينمائي من خلال الشاشة الفضية لسينما المنزل كان قد سبقته أيام سكنت ذاكرة جيل الخمسينات الميلادية وبحسب تعبير الكاتب محمد صادق دياب «كانت تقام العروض السينمائية داخل البيوت والأحواش في المناسبات الاجتماعية من خلال ماكينة عرض وشاشة مثبتة على الجدار أو شراشف بيضاء كانت تمتد عبر حائطين متقابلين لتظهر صورة البطل والبطلة من الجهتين».

وبين تسيد الأفلام المصرية ومحاولة البحث عن ترجمة لأفلام المهراجا الهندي استطاع عشاق الفن السابع الاحتفاظ بشريط سينمائي لدور العرض غير الرسمية التي كانت تفتح أبوابها مقابل نصف ريال وبحسب دياب «تدرجت رسوم الدخول لتلك الدور التي كان أشهرها أوتيل العطاس حتى وصلت لثلاثة أو أربعة ريالات»، فيما ظل شريط الذكريات يسترجع بحنين الأيام التي سمحت فيها الحكومة بدور عرض سينمائي كما جاء على لسان دياب «في فترة حكم الملك فيصل سمحت الحكومة بفتح دور عرض سينمائية لفترة وجيزة لم تتجاوز الأشهر فقط».

وشغف السعوديين بالسينما في ذلك الزمن الجميل لم يكن إلا تعبيرا حاولوا من خلاله البحث عن فسحة من الفرح حتى لو كان من خلال تسلق أسوار السفارات التي كانت تحرص على تقديم أفلام أسبوعية لعشاق الشاشة الفضية وبحسب دياب «كانت السفارتان المصرية والأردنية تقدمان هذه العروض إلى جانب أفلام العم سام التي كانت تقدمها السفن الراسية على ميناء جدة لبحارتها مستقطبة جماهير ملأت رصيف الميناء حينها».