سعودي ينجز تحقيق مخطوط جمع تفسيرات شاملة لمختلف الأحلام والرؤى وأصحها عند المتقدمين

أورد نوادر يستعان بها في التعبير عن هذا الفن

TT

عادت تفاسير الأحلام والرؤى الى الواجهة في السعودية مجددا معيدة بذلك على الأذهان هذا الفن الذي نجح فيه المتقدمون كابن قتيبة والنابلسي والقادري وابن سيرين وابن غنام.

وأنجز الشيخ إبراهيم بن عبد الله الحازمي الأستاذ في ثانوية بلاط الشهداء في الرياض تحقيقا مخطوطا للعلامة الشيخ أبي بكر بن محمد بن عمر الملا الأحسائي المولود في الأحساء عام 1198هـ والمتوفى عام 1270هـ بعنوان «تنبيه الإفهام بتأويل الأحلام» والذي يعد كتاباً جامعاً لتفاسير الأحلام.

وأبلغ الشيخ الحازمي «الشرق الأوسط» أن مؤلف الكتاب الإمام الملا الأحسائي الحنفي قد جمع بين الزهد والصلاح والفلاح والنجاح موضحا أنه من أجل واشرف وأفضل فنون العلم، فن تفسير الرؤيا لأنها جزء من النبوة والرؤيا تثبيت من الله للمؤمنين الصادقين حيث إن المؤمن أشد ما يكون في هذا الزمان الى عون الله وتسهيلاته مشددا على التأكيد أن رؤيا المؤمن لا تكذب انطلاقا من قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح «في آخر الزمان رؤيا المؤمنين لا تكذب».

واعتبر الشيخ الحازمي الذي اعتذر عن عروض تلقاها من قنوات فضائية للقيام بعمليات تفسير للأحلام كثرة وجود برامج لتفسير الأحلام بأنها انتقاص من هذا الفن محذرا الجميع من التمادي في طرق أبواب هذه البرامج، لافتا الى أن كثرتها لا يعدو أن يكون هدفها الحصول على مكاسب مادية منها إضافة إلى كسب أكبر قدر ممكن من المتلقين، مشيرا إلى أن البعض من المفسرين غير متخصص في هذا الفن.. وشدد الحازمي على أن الله سبحانه وتعالى اختص أولى العلم من ذوي الأحلام بمعرفة الرؤيا واضغاث الأحلام.

واشتمل الكتاب على مقدمة للمؤلف الحازمي أوضح فيها برنامج عمله فيه، وتنبيهات ومسائل مهمة في الرؤى والأحلام موردا تعريفا لمعنى الرؤيا والفرق بينها وبين الحلم، ومعنى تعبير الرؤيا وآداب الرؤيا الصالحة، وأقسام الناس بالنسبة للرؤيا، وأقسام الرؤى، والآداب التي تتعلق بالمسلم حتى تصدق رؤياه، وآداب الرؤيا المكروهة وتعبير الرؤيا في السنة النبوية، وأقسام تأويل الرؤيا، وتأويل رؤية النبي في المنام، وتأويل رؤى السماء وما فيها، وتأويل رؤية القيامة والجنة والنار، وتأويل الوضوء والعبادات في النوم وتأويل النكاح في النوم، وتأويل رؤية الإنسان المجهول والمعلوم وأعضاء الإنسان، وتأويل الثياب والفرش، ورؤية العيون والمياه، وتأويل رؤية البقر.

وقدم المؤلف ترجمة لصاحب المخطوط الشيخ أبو بكر بن محمد بن عمر الملا الأحسائي، ووصفا للمخطوطة، ثم تناول القسم المحقق الذي اشتمل على مقدمة أشار فيها جامعها إلى أن كتابه في تعبير الأحلام لخصه من كتب العلماء الأعلام، ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل، قصدت بجمعه نفع نفسي ومن شاء الله من أبناء جنسي وأنا في ذلك معبر وسفير وليس لي منه إلا ترتيب اللفظ والتعبير، وسميته (تنبيه الإفهام بتأويل الأحلام) والله سبحانه المسؤول أن ينفع به إنه أكرم مأمول مضيفا إن علم الرؤيا علم حسن شريف وفضله مشتهر منيف، إذ به يستدل على بعض المغيبات ويعرف ما هو حاصل أو آت، ويفرق بين الصلاح والفساد ويميز الغي من الرشاد، ومن ثم اعتبره وعوّل عليه أكابر النبيين وأعاظم المرسلين.

واحتوى الكتاب على معلومات عن آداب من رأى رؤيا مكروهة، وأقسام الناس في الرؤيا، واقسام الرؤيا كما احتوى الكتاب على ثلاثين بابا تناولت رؤية الله تعالى في المنام ورؤية العرش والكرسي واللوح المحفوظ، والقلم والملائكة والأنبياء والصحابة، والقيامة واشراطها والجنة والنار، والسماء والشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر والبرد والثلج والرعد والبرق والصواعق والرياح والهواء والسراب، ورؤية الوضوء والغسل والتيمم والصلاة، والقراءة والمصحف والكتب، ورؤية الأذان والدعاء والعبادة والذكر والخطبة والوعظ والصيام والصدقة والأضحية والجهاد، ورؤية مكة والكعبة والمناسك والمدينة المنورة، والمساجد والمدارس والصوامع، ورؤية السلاطين والقضاة والعلماء والصالحين، ورؤية الرجال والنساء والصغار والعبيد والخدم، إضافة إلى احتواء الكتاب على أبواب تتناول رؤية الظَلَمة وأعوانهم وقطاع الطريق والفراعنة وأهل الأديان الباطلة والشياطين والجن والسحرة، ورؤية التحول عن الإسلام وعبادة النار والأصنام، وتحويل القبلة والخلقة الى غيرها، ورؤية شعر الإنسان وأعضائه، وفي رؤية ما يلحق الإنسان من الأمراض، وفي رؤية أحوال تكون من الإنسان في يقظته واختلاف الرؤيا باختلاف الزمان والمكان وفي رؤية القتل والصلب والحرب والذبح والسلخ والضرب والتكتيف والربط والغل والقيد والسجن والأسر والشتم والمنازعة والبغي والظلم وأكل لحم الإنسان.

كما احتوى الكتاب على أبواب تختص براوية الخطبة والتزويج والعرس والطلاق والجماع والقبلة والملامسة والحيض والحمل والوضع والرضاع، وفي رؤية الموت والغسل والكفن والجنائز والقبور والدفن والنبش ورؤية الأموات ومخالطتهم والأخذ منها والإعطاء لهم، وفي رؤية المدائن والقرى والحصون والأبراج والأسوار والارض وما يحدث فيها من زلزلة وخسف ورؤية الحفر والهدم والدور والأبواب والمفاتيح والسقوف والحيطان والبناء، وفي رؤية الجبال والصخور والحصى والمواضع المرتفعة والدرج والسلالم وفي رؤية البحر والنهر والعيون والآبار والسيل والوحل والسفن والحمام، وفي رؤية البساتين والرياض والأشجار والأثمار ورؤية القرع والبطيخ والقثاء والبقول وأنواع الزرع والحرث، ورؤية الحبوب والرياحين، والدقيق وما يصنع منه وضروب الأكل واللحم والشحم والبيض والملح وسائر الأبزار، واللبن والعسل والسكر والخمر والكأس وتعليقات مهمة في معاني اللبن، وفي رؤية الثياب واللباس والتجرد ورؤية النعل والخف والنسخ والفتل والغزل والحرير والصوف ونحوهما والخياطة، وفي رؤية السرادقات والأخبية والبسط والفرش والوسائد والأسرة والكراسي والتوابيت والأوعية ونحوها، وفي رؤية الذهب والأموال والجواهر واللآلئ والزمرد والخرز والقلائد والعقود والقرط والتاج والطوق والمنطقة والخاتم والاساور والخلاخل والمرآة، وفي رؤية السيف والسكين والسوط والعصا واللواء والتسلح والسرج واللجام ورؤية الحديد والصفر والرصاص والتراب والرمل والمزيلة وفي رؤية الخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنم، وفي رؤية أصناف الوحش.

وشدد المؤلف على أن الرؤيا تختلف باختلاف تنوع الأحوال والأزمان والرائي، موردا قصصا في هذا السياق لعل أبرزها ما روي أن رجلا جاء إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فقال: «رأيت أني أعطيت 70 ورقة من شجرة، فقال له: تضرب 70 جلدة، فلم يمض إلا وقد وقع عليه ذلك بعينه، ثم بعد عام رأى أيضا تلك الرؤيا فأتى أيضا إلى أبي بكر فأخبره بها، فقال يحصل لك 70 ألف درهم. فقال الرجل: لقد رأيت هذه الرؤيا في السنة الماضية فعبرتها 70 جلدة، وقد صح ذلك وهذه السنة عبرتها بـ 70 ألف درهم؟ فقال: يا هذا السنة الماضية كانت الأشجار تنثر أوراقها واليوم رؤيتك عند نمو الأشجار واكتسائها بالأوراق، فلم يلبث الرجل إلا قليلا حتى وقعت بيده الدراهم».

وقال العلامة المقدسي: «قال لي إنسان: رأيت كأنني ملك الموت، قلت: أنت رجل جزار، قال صحيح، وذلك لما يفنى على يديه من الحيوان. ومثله قال آخر: قلت: أنت سفاك الدماء وقاطع الطريق، فتاب عن ذلك».

وقال أيضا: وقال إنسان: رأيت أنني صرت إسرافيل، قلت: أنت تنفخ في الحلاوة التي في القالب فتخرج منها صورا مختلفة، قال: صحيح، ومثله قال آخر: قلت أنت مشبب، قال: نعم لكون إسرافيل ينفخ في الصور. ومثله قال آخر! قلت: أنت طبيب، لأن النفخة تصلح الأبدان بعد تلفها.

وأورد المؤلف رأي ابن جزي بخصوص التعبير عن الرؤيا حيث قال: ولا ينبغي أن يعبر الرؤيا إلا عارف بها، وعبارتها على وجوه مختلفة، منها مأخوذ من اشتقاق اللفظ، ومن قلبه، ومن تصحيفه، ومن القرآن ومن الحديث، ومن الشعر، ومن الأمثال ومن التشابه في المعنى، ومن غير ذلك، وقد تعبر الرؤيا الواحدة لإنسان بوجه ولآخر بوجه، حسبما يقتضيه حالهما.

واختتم المؤلف كتابه بذكر بعض نوادر يستعان بها في التعبير حيث أورد قول الفقيه محمد بن سيرين ـ رحمه الله: خرجنا مرة في سفر، وكنا ثلاثة نفر، فنام أحدنا، فرأينا ضياء مثل المصباح خرج من أنفه فانتبه يمسح وجهه وقال: رأيت في هذا الغار كنزا. قال: فدخلنا فوجدنا فيه بقية من كنز. وقيل: جاءت امرأة على عابر فقالت: إني رأيت في المنام كأن زوجي ناولني نرجسا وناول ضرتي آسا. فقال لها: يطلقك ويتمسك بها، أما سمعت قول الشاعر:

ليس للنرجس عهد إنما العهد للآس.

وقال رجل لعابر: رأيت في المنام أني بعت برا بشعير. فقال: أنت استبدلت القرآن بالشعر. وكان ابن الفضل رجلا فاضلا قال: رأيت الليلة في منامي كأني أتيت بتمر وزبد فأكلت منه ثم دخلت الجنة، فقال العباس بن الوليد: نعجل لك التمر والزبد والله لك بالجنة، فدعي له بتمر وزبد ثم جاء المشركون فحمل عليهم ابن الفضل فقاتل حتى قتل.

ووجه عمر، رضي الله عنه، قاضيا على الشام فسار ثم رجع من الطريق فقال له: ما ردك؟ قال: رأيت كأن الشمس والقمر يلتقيان وكان بعض الكواكب مع الشمس وبعضها مع القمر. فقال عمر: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر. قال: انطلق ولا تعمل لي عملا أبدا ثم قرأ: (فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة) فلما كان يوم صفين قتل الرجل مع أهل الشام.

وجاء رجل الى ابن سيرين ـ رحمه الله ـ فقال له: رأيت كأني أشرب من قلة لها رأسان رأس مالح ورأس حلو. قال: لك امرأة وأنت تختلف إلى أختها فاتق الله. قال: أشهد أنك صدقت. وجاء إليه آخر فقال: رأيت كأني أشرب من قلة ضيقة. قال: تراود امرأة عن نفسها. وجاءت إليه امرأة فقالت: إني رأيت في حجرتي لؤلؤتين إحداهما أعظم من الأخرى فسألتني أختي إحدى اللؤلؤتين فأعطيتها الصغرى. فقال: هذه امرأة تعلمت سورتين من القرآن إحداهما أطول من الأخرى. قالت المرأة: صدقت، قد كنت تعلمت البقرة وآل عمران فسألتني أختي تعليمهما فعلمتها آل عمران. وجاءت إليه امرأة أخرى وهو يتغدى فقالت: يا أبا بكر إني رأيت رؤيا. فقال لها: تقصين أو تتركيني حتى آكل. فقالت: أتركك تأكل ثم قال: قصي علي. فقالت: رأيت القمر دخل في الثريا فناداني مناد من خلفي قصي عليه. فتقلصت يده من طعامه وقال: ويلك كيف رأيت؟ فأعادت عليه فتغير لونه وقام وقد أخذه بطنه فقالت أخته: ما لك؟ فقال: زعمت هذه المرأة أني ميت إلى سبعة أيام. فدفن في السابع رحمه الله.

وسئل ـ رحمه الله ـ عن رجل رأى أن يده قطعت فقال: هذا رجل يعمل عملا يتحول منه إلى غيره. وجاء رجل فقال رأيت كأني وطئت على فأره فخرج من استها تمرة فقال: إن صدقتني صدقتك. قال: ألك امرأة، فأصدقه، قال: نعم. قال: وهي حامل. قال: نعم. قال: تولد لك رجلا صالحا لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الفأرة نويمقه وقال تمرة طيبة وماء طهور. لما بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب خرج الطفيل بن عمرو الدوسي مع المسلمين وسار معهم حتى قربوا من طليحة وسار حتى نجد ثم قباء مع المسلمين إلى اليمامة فقال لأصحابه: إني رأيت أن رأسي حلق وأنه خرج من فمي طائر وأن امرأة لقيتني فأدخلتني في فرجها ورأيت ابني يطلبني طلبا حثيثا ثم رأيته حبس عني. قالوا: خيرا رأيت. فقال: أما أنا فتداولتها أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي، وأما المرأة التي أدخلتني فرجها فالأرض تكنه لي ثم أصيب منها، وأما طلب ابني إياي ثم حبس عني فإني أراه سيمهد أن يصيبه ما أصابني فقتل الطفيل شهيدا باليمامة وجرح ابنه جرحا شديدا، ثم استل منها ثم قتل عام اليرموك.

وجاء رجل إلى ابن سيرين، رحمه الله فقال: إني رأيت كأن طائرا نزل من السماء فوقع على شجرة الياسمين فجعل يلقط ثم طار إلى السماء. فتغير وجه ابن سيرين فقال: موت العلماء. فمات في ذلك العام الحسن ومعمر وغيرهما. وأتى رجل آخر إليه فقال: رأيت كأن زيد بن المهلب تفقد دارا بين داره وداري قال: نكح أمك. فأتى الرجل إلى أمه فأخبرها فقالت: صدقت، كنت أمة له ثم صرفت الى أبيك. وأتى رجل إلى عابر فقال: إني خطبت امرأة فرأيتها سوداء قصيرة. فقال له: اذهب فتزوجها فإن سوادها مالها وقصرها قلة حياتها. فتزوجها فلم يلبث إلا قليلا حتى ماتت وورث منها مالا كثيرا.

وجاء رجل إلى ابن سيرين، رحمه الله فقال: رأيت امرأة من بني سلما كان بين يديها إناء فيه لبن، فلما رفعته إلى فمها لتشربه أعجلها البول فوضعته. فقال: هذه امرأة صالحة تشتهي الرجال فزوجوها. وجاء إليه آخر فقال: يا أبا بكر إن رجلا رأى كأنه يفقأ بيضا من رؤوسه فيأخذ بياضه ويترك صفرته. فقال ابن سيرين: قل للرجل أن يأتيني قال إني أبلغه عنك. قال: لا ثم عاد اليه مرة بعد مره يقول له ذلك ويجيبه مثل جوابه الأول، ثم قال له: إن رايته فاستحلفه إن هو رآها فحلف له فقال: إن كنت صادقا فأنت نباش تأخذ أكفان الموتى وتترك أجسادهم. فقال: والله لا أعود أبدا.

وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال: رأيت في المنام كأني أخصبت ثم أجدبت. فقال له عمر، رضي الله عنه: تؤمن ثم تكفر ثم تؤمن ثم تكفر ثم تموت كافرا. فقال الرجل: لم أر شيئا. فقال عمر رضي الله عنه: قضي لك ما قضي لصاحب يوسف عليه السلام. وجاء رجل إلى ابن سيرين، ـ رحمه الله تعالى ـ فقال: رأيت في النوم كأني أنبش عظام النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أنت تحيي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.