الموظفات السعوديات تحت سطوة «سي السيد»

خوفاً من الشماتة وانقلاب عقد رابطة الزواج وهرباً من لقب الـ«مطلقة»

TT

بالرغم من تطور الحياة وانفتاحها في السعودية إلا أن مفهوم «سي السيد» لا يزال يعشعش في رؤوس كثير من الأزواج، ما يؤكد غياب الوعي عن محيط كثير من اسر الموظفات اللائي يعانين الأمرين من أزواجهن.

م. عبد الله، واحدة من ضحايا تسلط الأزواج، فبعد 10 سنوات من الزواج وما تمخض عنه من إنجابها للأطفال، إلا أنها تشكو جور زوجها الذي صبرت عليه أملا في أن يعدل سلوكه تجاهها، ومن أجل أطفالها أيضاً، وتضيف «مشكلة زوجي انه عاطل عن العمل، وقد استحلى العيش من راتبي الذي يتوزع ما بين جيبه وسداد الفواتير ودفع إيجار الشقة، ولكن كل ذلك لم يشفع لي من أن أنال حتى نظرة احترام منه».

هدى الناصري لم تكن قصتها بأقل تراجيدية من القصة السابقة فقد أمضت 15 عاما تدعم زوجها، حيث مكنته من شراء الأرض، وفيما بعد من بناء عمارة عليها، وتتذكر هدى بأنها لم تبخل عليه يوماً ما، تقول الناصري «وقفت معه منطلق واجبي تجاهه، فبدلاً من أن يشعرني بالاحترام والود جراء ما قمت به تجاهه، قرر مكافأتي بزواجه من امرأة أخرى، فاحتملته بحجة أنه سيعدل بيني وبينها، إلا أنه تنكر لكل جميل وألقاه وراء ظهره، 15 عاما من الوفاء ولم يضمني في صك المنزل، وليته وقف عند هذا التجاهل، لكنه وعند المناقشة معه في هذا الخصوص كان يلوح بالطلاق، ويهددني بالويل». وتضيف «ما زلت أتجرع الصبر أملاً في أن يعود إلى صوابه، ويتذكر فقط بأني وقفت معه حتى أصبح الرقم الذي يقول ويفعل ولكن».

نماذج ابراز العضلات واستعراض السيادة على الزوجات تتفاوت من حيث الحدة وطبع الرجال وموت الضمير، وما يؤكد ذلك هو ما ذكرته الموظفة نهلة الحربي التي تتقاضى 10 آلاف ريال، فيما لا تنال هي من عرق جبينها سوى ما يعادل نصف راتب شغالتها، تقول نهلة «زوجي يستولى على راتبي بالكامل ويعطيني منه ثلاثمائة ريال فقط، كما حظر علي اقتناء جوال، علما بأنني أعيش معزولة عن محيطي بعد انهاء عملي، فلا هاتف ثابتا في المنزل بأمره، أو أية وسيلة تربطني بالآخرين، وحقيقة فإن ما يحز في نفسي هو أنه من ضمن الشروط القائم عليها صك الزواج هو أن يكون راتبي من نصيبي، ولكنه تجاهل ذلك بعد الزواج وهددني بالطلاق إن لم يكن راتبي من نصيبه، وأشارت إلى أنها تبتلع هذه المرارات ولم تجرؤ أن تظهر ما يلحق بها من ظلم لذويها، خشية أن تحمل لقب مطلقة»، وتضيف الحربي «ناقشته كثيرا في أن نعيش حياة يملؤها الود والانسجام، بحيث يعتمد على دخله دون الحاجة إلى راتبي، إلا أني لا أسمع منه سوى عبارات الطلاق التي اتخذها سلاحا يشهرها أمام وجهي كلما دار الحديث حول هذا الموضوع».

هذه نماذج من الحالات التي تسترها جدران الشقق، وهناك أخرى لا تبوح بها صاحباتها خشية الشماتة وانقلاب عقد رابطة الزواج، الذي بات يعتبره كثيرون من أزواج الموظفات سلما للاستيلاء على ما بأيديهن من دخول.

سعاد الحجيلان كان لها نوع آخر من المعاناة، تقول سعاد «بحكم أني موظفة تعرضت لمشكلة تقاسم راتبي من قبل زوجي من جهة ووالدي من جهة أخرى، على الرغم من ايضاحي لهما في أكثر من مرة بأن المرتب من حقي قبل كل شي، ولكن التناحر الدائم بين الطرفين يجعلني أتوسط بينهما لاقتسام راتبي، وأضطر أحياناً لاقتطاع جزء من راتبي بحجة بعض الخصومات من قبل المدرسة التي اعمل بها».

الدكتورة ابتسام حلواني الكاتبة المعروفة تقول «ان المهر والمرتب الخاص بالموظفة شيء من حق المرأة، إلا أن الرجل في هذا الوقت أصبح لا يهتم بهذه المسائل للأسف، وينسى بأن المرأة لها الحق في استثمار مرتبها».

فيما ترجع المشرفة التربوية غادة عبد الله سعد استلاب المرتب والمهر الخاص بالمرأة، إلى ضعف الإيمان وتفسر بوضوح عدم عدالة ذلك الرجل.

وبالنسبة للرأي الشرعي حول هذا الموضوع فقد تحدث الشيخ أحمد المعبي بقوله «الإسلام أعطى المرأة حقها في المال، ورابط الزوجية لا يجعل للرجل سبيلا على المرأة في مالها، فهي مستقلة استقلالا اقتصادياً تاماً عن زوجها، فعقد الزوجية لا يقتضي مشاركة الزوج في مالها، فهي حرة التصرف في كافة أموالها، ولكن من حقها أن تعطيه متى شاءت وتمتنع متى شاءت، وليس من حق الزوج أن يستغل القوامة ليستنزف أموال زوجته، مستغلاً بذلك ما أعطاه الله سبحانه وتعالى من قوامة في بيته، فإذا أخذ منها شيئاً فما أخذه مالاً سحتاً إلا أن يكون عن رضا وقناعة من الزوجة، وهذا يندرج على الآباء بحيث لا يحق له أخذ شيئاً من مال موليته أو ابنته».