أخصائية اجتماعية: الأطفال أكثر تأقلما مع مرض السرطان من البالغين

قالت ان حاجتهم للدعم النفسي تفوق حاجتهم للأدوية

TT

كشفت آخر إحصائية للسجل الوطني في السعودية عن وجود نحو 14.240 حالة سرطان في المملكة، 9.6 بالمائة منها لأطفال تحت سن 15سنة، وعلى الرغم من أن هذه النسبة تبقى ضئيلة نسبياً إلا أنها قابلة للزيادة بحسب رأي المختصين.

ولا تقتصر معاناة المصابين بالسرطان على المعاناة الجسدية فقط، وإنما تتعداها إلى معاناة نفسية شديدة لا يمكن أن يعرفها أو يحس بمرارتها إلا المرضى أنفسهم أو الأشخاص اللصيقون بهم، وهو ما أكدته الأخصائية الاجتماعية بمركز الأورام بمستشفى الملك عبد العزيز بجدة مريم عباس؛ وتروي عباس عينة من معاناة الأطفال المرضى بالمركز وكيف يفسد عليهم مرض السرطان متع الطفولة الغضة تقول «من أصعب المواقف التي مرت علي خلال عملي مع الأطفال مرضى السرطان هي عندما قدمت قطعة حلوى لطفلة عمرها 5 سنوات فرفضتها وقالت لي «أنا صائمة لأنه لدي تحليل».

وتضيف عباس «طبعاً ينتابني الحزن عندما أمر بمثل هذه المواقف، ولكن أشعر أن هؤلاء الأطفال اكتسبوا من صراعهم مع المرض خبرة ستساعدهم في التغلب عليه، أو التعايش معه على الأقل».

سهام وهنادي وإبراهيم ومحمد مجموعة من الأطفال الذين يتلقون علاجهم في مركز الأورام التابع لمستشفى الملك عبد العزيز بجدة، كانوا يحضرون حفلة بسيطة أعدها لهم قسم الخدمات الاجتماعية بالمستشفى، أكبرهم هنادي التي تتابع دراستها في الصف الرابع الابتدائي على الرغم من قسوة المرض التي وإن أظهرت الذبول على ملامح وجهها إلا أنها لم تستطع إخفاء البراءة فيه، أما سهام (6 سنوات) فلم تكن تعلم عن مرضها أكثر من اسمه المحرف «سلطان في البطن، وهو من الله».

الأخصائية الاجتماعية مريم عباس، تقول >الطفل المريض بالسرطان عادةً يفهم مرضه ويتقبله بسهولة أكثر من الكبار، وربما يعود هذا لكونه يجهل عواقبه وتأثيراته، ومن تجربتي في مركز الأورام وجدت أن الأطفال يستوعبون المرض ويتأقلمون معه بطريقة ما، حتى أنهم يحفظون مواعيد الدواء وربما يذكرون أهاليهم بها». وتضيف «برغم طبيعة المرض القاسية، والعلاج الكيماوي المؤلم الذي يخضع له الأطفال فإن لديهم روحاً مرحة جداً، ومجرد تقديم لعبة أو قطعة حلوى، أو حتى دعمهم بالكلمة اللطيفة المشجعة يرسم الابتسامة على وجه الطفل المصاب ويظهر براءته ومرحه فينسى المرض ويعود إلى طفولته. «وتحدد عباس الصعوبات التي تواجههم في خدمة مرضى السرطان بالكلفة المرتفعة للأدوية والأجهزة التي يحتاجها المرضى، وقد لا يتمكن بعضهم من دفع ثمنها، وتقول >برغم أن الوزارة توفر الدواء للمرضى فإن الطلبيات أحياناً لا تكفيهم، فنطلبها من بعض الجمعيات والجهات الخيرية التي تسارع بتوفيرها، وأحياناً يلزمنا بعض الوقت حتى نجد المتبرع».

وتضيف «من أكثر الصعوبات التي نواجهها عدم توافر الدم الذي يحتاجه بعض المرضى، فالصفيحات الدموية نحتاج لنقلها من المتبرع إلى المريض في نفس الوقت، وأحياناً لا نجد المتبرعين فنطلب من المستشفيات الأخرى، كما أن الرعاية المنزلية لها دور كبير جداً لإسعاد المرضى وتوفير احتياجاتهم». وتبقى المعاناة النفسية التي تنتج عن الإصابة بمرض السرطان للطفل المريض وعائلته تضاهي آلام المرض القاسي إن لم تكن أشد منها وحول هذا قالت عباس «الطبيب يكشف على المريض ويصف له الدواء ولكنه لا يعرف بمَّ يشعر وبمَّ يفكر، مرض السرطان مؤلم وقاس والطفل يحتاج إلى فهم ما يجري له»؛ وتستطرد «هنا يأتي دورنا كخدمة اجتماعية، بإسعاد المرضى وتخفيف آلامهم ومعاناتهم سواء كانت مادية أو نفسية أو جسدية، فمرضى السرطان يحتاجون للدعم النفسي والاجتماعي بقدر حاجتهم للأدوية والعلاج إن لم يكن أكثر».

وتتابع «الأطفال الذين يخضعون لكورسات العلاج الكيماوي يبقون في المستشفى لفترات طويلة قد تصل إلى العام، وبعضهم ينقطع عن دراسته طوال هذه الفترة، الأمر الذي يؤثر سلباً على نفسيتهم لكننا نحاول تسليتهم وتشتيت انتباههم عن المرض قدر المستطاع، وأحياناً يكون الطفل المريض قادماً من قرية بعيدة فتمكث معه جدته أو أخته الصغيرة التي ليست لديها خبرة كافية فنضطر للعب دور الأب والأم لهذا الطفل». وتختم عباس حديثها قائلة «نقوم بعمل حفلات للترفيه عن الأطفال والنساء المصابين والأهالي الذين يصابون بالإحباط والإنكسار ويحتاجون كثيراً إلى الترفيه والمساندة النفسية بين فترة وأخرى، كما نعمل على تثقيف الأطفال والأهالي بالمرض وطرق العلاج وأهمية الفحص المبكر، وكل هذه النشاطات تقام على نفقة الأطباء والعاملين بالمركز أو على نفقة الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير».