«هوانم جدة» يسردن ذكرياتهن مع العندليب الأسمر

قلن إن أغانيه تعيدهن إلى أيام الصبا

TT

على مدى ثمانية أسابيع مضت جلس الكثير من محبي الطرب الأصيل، وعشاق عبد الحليم وأغانيه أمام شاشة التلفزيون لمشاهدة برنامج «العندليب من يكون»، الذي قدم على محطة mbc. والجميل في الأمر أن البرنامج أضاف نكهة أخرى في بيوت بعض السعوديين، كحال بعض السيدات السعوديات في عقدهن الخامس والرابع من العمر، اللاتي كن يجتمعن في بيوت بعضهن ليس فقط من اجل مشاهدة البرنامج كبرنامج إنما لإعادته إلى كل واحدة منهن ذكريات رومانسية مع أشخاص أحبنهم يوما وقد طوقها ابن حزم في كتابه طوق الحمام، وقالها شعرا نزار قباني أما هن فقد خبأنها.

تسكب السيدة صافي جميل الشاي على الأكواب المعدة له، وتقدمه لصديقاتها اللاتي تسمرن أمام الشاشة وتقول «إن لأغاني العندليب وقعا خاصا في أذني، لأنها تعيدني فورا الى شريط ذكريات أبيض وأسود، عندما كنت واقعة في غرام ابن عمي وهو اليوم زوجي» وتضيف متذكرة معاناتها فيما مضى للاستماع الى أغنية من أغانيه وتقول «أذكر أنني اقتنيت شريطا لأغنية أول مرة تحب يا قلبي، وعلم والدي عن طريق أختي الصغرى وقام بضربي وحرمني من الاستماع له واتهموني بتهم باطلة، واذكر أنني حرمت من الذهاب الى المدرسة لمدة أسبوع».

وتشاركها ابنة خالها هيفاء خليل 55 عاما وتقول «إن أغانيه تذكرنا بطرق تحايلنا مع أهلنا للاستماع اليه، وقد كان مسموحا لأخي حفظ أغانية ايضا أما البنات فقد حرم لنا أن نذكر اسمه»، وتضيف مقلبة السكر في فنجان الشاي «البرنامج أعاد لنا تلك الذكريات، وجعلنا نتخيل لو كنا صغارا وعبد الحليم أمامنا يغني». وحول أكثر الأغاني التي تذكرها تقول «أتذكرها جميعها بل حفظتها، ولكن أغنية «أسمر يا سمراني» لها ذكرى خاصة في حياتي».

وتقاطعنا السيدة ميمونة مكي 50 عاما وتقول مازحة وهي تنفث دخان النارجيلة «لقد كانت واقعة في حب بحار اسمر، إلا أنهما لم يجتمعا لان البحر قد ابتلعه يوما». وميمونة هانم كما يلقبونها ترى أنه لن يكون هناك شبيه للعندليب صورة أو صوتا لان جماله في روحه الساحرة، إلا أنها تشاهد البرنامج مثل صديقاتها لسرد قصص زمان، كأنهن يتحسرن على زمانهن مقارنة بزمان اليوم وتقول «أول سؤال سألت زوجي عندما جاء لخطبتي هل تستمع للعندليب؟». والإجابة انه مدمن له، وقدم لها كما تذكر شريط أغنية «أبو عيون جريئة» ويعد أول شريط للعندليب تحصل عليه.

وبين الحين والآخر كان «هوانم جدة» يتحدثن عن ذكرياتهن مع العندليب في ظل مجتمع محافظ وأسرة حرمتهن من حقهن في المتعة «تقول السيدة مستورة غنيم50 عاما وقد انضمت للهوانم قبل 15 سنة فقد كانت تعيش في جنوب السعودية «كنت في شبابي ومراهقتي اسمع أن هناك فنانا اسمه عبد الحليم حافظ، ولكني لم أشاهد له فيلما أو اسمع له أغنية، وأذكر أنني تعرفت على فتاة أردنية وسألتها عن هذا الفنان فسردت لي الكثير والكثير، وصرت احلم بهذا الشاب الرومانسي وأنا حسبت أن ليس هناك حب في زماني، ومرة دعتني الى بيتها لأشاهد فيلم «الخطايا» وكانت في نظر أهلي اكبر خطية».

وليس فقط الهوانم اللاتي تذكرن أيام الخوالي والوسادة الخالية في شبابهن بل حتى الرجال كحال السيد أمين شاكر 58 عاما يقول «كنت أفعل المستحيل للذهاب إلى مصر لمشاهدة أفلامه، وكنت أتحسر مقارنة بحياتي فليست هناك حبيبة لأغني لها معاتبا «أهواك».

وقد أيقظت هؤلاء السعوديات من ذكريات خرجت ولم تعد، نانسي عجرم بأدائها أغنية «حاجة غريبة» وكانت ضيف الحلقة الختامية للبرنامج، فجأة قالت ميمونة هانم «الله يرحم أيام زمان» وكأنها تترحم على نفسها وصديقاتها. وبفوز المتسابق المصري شادي شامل بلقب العندليب انتهت جلسة السمر، وقامت كل واحدة منهن تلبس عباءتها منتظرة سائقها أو ابنها الذي كان واحدا هو الآخر من آلاف الشباب الذين شاهدوا البرنامج من باب أنه جديد فقط.