حي النخيل.. قتل فيه بريطاني وفجرت فيه سيارة.. وكشف بداخله عن مخبأين لـ «القاعدة»

TT

ارتبط حي النخيل شمال العاصمة السعودية الرياض، الذي شهد مواجهة فجر أمس بين قوات الأمن السعودية وأفراد تنظيم القاعدة نتج عنها مقتل 6 مطلوبين والقبض على آخر إلى جانب مقتل رجل أمن وإصابة آخرين، ارتبط بأكثر من عملية إرهابية، نتج عنها مقتل بريطاني، وأحد عناصر التنظيم ورجل أمن، إلى جانب إصابة اثنين من رجال الشرطة.

ففي الـ20 من يونيو (حزيران) 2002، شهد الحي الراقي مقتل بريطاني يدعى «سايمون جون» اثر انفجار عبوة ناسفة في سيارته الخاصة (جيب دسكفري) من نوع (لاندروفر) في الساعة التاسعة و 45 من صباح ذلك اليوم، في شارع الأمير تركي الثاني، وكان البريطاني (35 عاما) يعمل في البنك السعودي الفرنسي ولديه طفلة وزوجة مقيمان معه في منزله بشمال الرياض، لتكون بداية لغزو الإرهاب في الحي، الذي طالما وصفه سكانه بـ «الهادئ».

وكان الحدث الثاني الذي عاشه أهالي الحي، حين حاولت دورية لقوات الأمن في إيقاف سيارة بها شخصان، فبادرا بإطلاق النار على رجال الدورية وأصابا اثنين منهم، لتتطور إلى اشتباك أدى إلى مقتل أحد الإرهابيين واعتقال آخر في اشتباك وقع بعد منتصف الليل، كما أدى، في المقابل، إلى مقتل رجل شرطة وإصابة اثنين.

وكشف البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية السعودية عقب الحادثة آنذاك، أن الشخص الذي قتل هو فهد بن علي بن دخيل القبلان «أحد المطلوبين» والمسؤول عن تهريب الأسلحة والمتفجرات إلى البلاد، فضلا عن توفير المواد اللازمة لتنفيذ الهجمات. هذه العملية مكنت سلطات الأمن الكشف على مخبأين يعودان لتنظيم القاعدة، وصادرت كميات من الأسلحة ومعدات الاتصال والكومبيوتر.

ويقع حي النخيل بين ثلاثة طرق رئيسة وسريعة، هي: «طريق الملك فهد» الذي يقطع العاصمة السعودية من الجنوب إلى الشمال، و«طريق التخصصي» وهو طريق شهير يوازي طريق الملك فهد من الناحية الغربية، إلى جانب «الطريق الدائري الشمالي» الذي يمتد من الغرب إلى الشرق بامتداد الطريق المؤدي إلى المنطقة الشرقية من البلاد، كما يربط الأحياء الشمالية بوسط المدينة.

ويمكن الموقع الاستراتيجي الذي يحتضنه الحي، سكانه من الارتباط مباشرة بطرق سريعة تؤدي إلى خارج المدينة، الأمر الذي يجعله موقعا مناسبا لعناصر التنظيم يمكنهم من الهروب بشكل سريع، إذا ما تم اكتشاف وكرهم من قبل سلطات الأمن السعودية، الأمر الذي جعل العناصر الإرهابية تختاره أكثر من مرة، فلا يبعد الطريق الدائري من موقع الفيلا التي كانت موقعا لهم، سوى 500 متر، البعد ذاته من طريق التخصصي الواقع إلى الغرب من الحي، ومن خلال طريق الملك فهد تستطيع عناصر التنظيم الخروج بسهولة من المدينة إلى القصيم شمالا أو الخرج جنوبا.

ومن خلال هذه الطرق يمكن لعناصر التنظيم الانتقال داخل العاصمة السعودية، وإلى المواقع التي يترددون عليها كثيراً، نظراً لانسيابية الحركة المرورية في طريق الملك فهد (جنوباً وشمالاً) الذي يخلو تماما من أي إشارة مرورية قد تعيق تحركهم، وبإمكانهم قطع مدينة الرياض من الشمال إلى الجنوب في غضون 10 دقائق.

ومن الواضح أن عناصر تنظيم القاعدة في السعودية يختارون أوكارهم بعناية، بعد أن ضيقت سلطات الأمن السعودية الخناق عليهم، وأحبطت العديد من عملياتهم، إلى جانب الضربات الاستباقية التي لجأت إليها، وأدت إلى خسائر كبيرة في صفوف التنظيم.

هذه المرة، اختار عناصر التنظيم حي النخيل الواقع إلى الشمال من العاصمة السعودية الرياض، أحد أحيائها الراقية والهادئة في الوقت ذاته، ليبعدوا بذلك الشبهات عنهم، والذي تقطنه نخبة من رجال الأعمال وأساتذة جامعة الملك سعود، وبالتالي يشكل ذلك موضع اطمئنان لدى الإرهابيين. وقد قام عناصر التنظيم السبعة الذي اشتبكوا مع رجال الأمن فجر أمس، أمام الفيلا السكنية التي استأجروها، ونتج عنها مقتل 6 منهم والقبض على الأخير، باختيار جيرانهم، فبحسب أحد سكان الحي، يسكن في الفيلا القابعة أمام وكر الارهابيين، أحد التجار الميسورين والمعروفين في المدينة، إذ لا تبعد سوى 20 مترا عنها، وقد تعرضت جدرانها لبعض الأضرار جراء إطلاق النار الكثيف الذي شهدته المواجهة.

وقال علي فضول «سوداني الجنسية» الذي يعمل حارسا لإحدى الفلل السكنية الملاصقة لفيلا الإرهابيين: تضرر المنزل بعد أن كسر رجال الأمن الباب الرئيسي، للدخول إلى المنزل الذي شهد العملية، بحكم ارتباط المنزلين بحائط واحد، إذ يقع إلى الغرب منه مباشرة واستطرد قائلا: «لم أتوقع أن يكون قاطنو المنزل المجاور إرهابيين»، معللا ذلك، بالهدوء الذي يشهده المنزل وكأنه خال من السكان. وأضاف فضولي أن صاحب المنزل الذي يسكن حاليا في الولايات المتحدة، كان على وشك الوصول إلى السعودية لقضاء إجازته السنوية بين أسرته.

ويصف سكان الرياض حي النخيل بالحي الراقي، نظرا لارتفاع أسعار العقار فيه، إذ يحتل موقعا مميزا في المدينة بالقرب وسط المدينة النابض، ويشرف على طرق رئيسية ومشهورة هي طريق الملك فهد والطريق التخصصي والطريق الدائري الشمالي، إلى جانب أن أغلب ساكنيه من التجار والميسورين.

ويحتوي الحي على «مجمع النخيل السكني» الذي تضع السلطات الأمنية حراسات مشددة عليه، لوجود سكان أجانب داخله، الأمر الذي يجعل منه حيا يتميز بالأمن المركز.