رعي «المواشي» ما زال الخيار الأول عند السعوديين

بعد أن حقق السهم أعلى معدل للتداول طوال العام

TT

أعاد حجم التداولات الكبير لأسهم شركة «المواشي» في سوق الأسهم السعودية، الذي تجاوز حاجز 500 مليون سهم خلال الشهر الجاري، إلى الذاكرة كيف كان رعي (المواشي) هو الخيار الاستراتيجي الأول عند تربية السعوديين لأبنائهم كونها مهنة تعلم الصبر والتأمل، وتمثل قيمة دينية باعتبارها مهنة امتهنها الأنبياء.

ورغم التناقض الكبير في الأدوات التي كان يستخدمها السعوديون في رعي مواشيهم من الدواب والأغنام، وبين الادوات التي باتوا يستخدمونها في رعي مواشيهم من أسهم الشركة الأكثر نشاطا طوال الأشهر الفائتة، إلا أن هناك حالة من التشابه في نوعية الهدف وهو الربح.

ففي الوقت الذي كان الأب يعطي ابنه (عصا) ويطلقه خلف قطيع من الاغنام ليختبر قدراته في السيطرة، وذكاءه في البحث عن مراع جديدة، وقدرته على زيادة القطيع شهرا بعد شهر، تأتي في المقابل صورة شبيهة لمستثمر صغير لم يتعد العشرين من عمره استطاع الحصول على منحة مالية من أبويه أو وفرها من مصروفه ليدخل سوق الاسهم مستخدما عصا عصرية اسمها (الماوس) لينقر بها حظه في هذا العالم الرقمي بين حركة متواترة من أوامر البيع والشراء اليومي.

وفي الوقت الذي تبرأت فيه شركة المواشي بحر الأسبوع الماضي من أحد الأشخاص الذي ادعى أن هناك خسائر كبيرة تتعرض لها الشركة، باعتباره ليس متحدثا باسم الشركة ولا يمثلها وبالتالي لا يحق له التصريح أو التشويش على سمعة الشركة· فإن السعوديين الأوائل من «البدو» الرحّل كانوا يستخدمون الطريقة ذاتها في التبرؤ من الاشخاص الذين يقللون من هيبة القبيلة وينزعون عنه أبرز مغانمه من «المواشي»، التي تعتبر أهم سمات رجل القبيلة، لينفوه بعد ذلك في الصحراء عقابا على فعلته.

ورغم صيحات المحللين الاقتصاديين في الصحف المحلية والقنوات الفضائية أن التداولات على أسهم لشركات صغيرة في السوق وبينها المواشي يعد نوعا من العشوائية التي تتم على حساب الشركات القيادية، وهو الأمر الذي لا يجدون له مبررا، سواء الرغبة في التحكم في سعر السهم عبر مجموعات «مضاربة» تستخدم نفس الأسلوب الذي كان يستخدمه قطاع الطرق في عمليات الكر والفر على المواشي التي ترعى في الصحراء ولا تجد الدعم الكافي من الرعاة· وهو الأمر الذي كانت بسببه تقوم حروب طاحنة بين القبائل الممتدة في الجزيرة العربية قبل توحيدها على يد الملك عبد العزيز.

على أن تقديرات الخبراء وتحليلاتهم الاستثمارية التي تدعو إلى تنويع مصادر الاستثمار، وعدم وضع البيض في سلة واحدة، والاتجاه أفقيا ورأسيا في تكوين المحافظ الاستثمارية قبل الشروع في عمليات التداول، لا يجد تجاوبا كبيرا من المتداولين في السوق السعودي الذين ما زالوا يرون عطفا على أرقام التداول في سهم المواشي أملا في ربيع أخضر زاهر بعشب الأرباح وكلأ الطموحات النقدية، حتى أن كان السهم وصل إلى سعر 27 ريالا في أدنى مستوياته الاسبوع الماضي، بعد أن كان حقق 43.75 ريال بداية الشهر الحالي.