مسؤولون: الملك عبد الله قائد مبصر لأهمية الثقل الاقتصادي في سياسات الدول

TT

شهدت السعودية طفرة اقتصادية كبيرة في السنوات الأخيرة تجلت في الفوائض الهائلة في ميزانيتي عام 2005 و2006 نتيجة ارتفاع أسعار البترول. وإيماناً بالنفوذ القوي الذي يفرضه الاقتصاد على سياسات الدول وعلاقاتها، كان للملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله نظرة قائد مبصر ومفاوض حكيم أدرك مكامن الثقل الاقتصادي في دول العالم، فقام بزيارات لعدد من الدول الأجنبية في توجه عميق ذي دلالات سياسية واقتصادية لدمج مصادر الاقتصاد بين السعودية وهذه الدول لتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية التي تصب في مصلحة الاستثمار وتبادل الخبرات والموارد.

وبحسب المراقبين الذين تحدثوا لـ «الشرق الأوسط» في الذكرى الأولى لبيعة الملك عبد الله وتوليه مقاليد الحكم في اغسطس الماضي، والذين أبدوا ارتياحهم الشديد للسياسة الاقتصادية التي يعمل بموجبها الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله الذي واكب متغيرات العصر الحديث ورقى بمكانة السعودية اقتصادياً منذ توليه رئاسة المجلس الاقتصادي الأعلى في السعودية، أسفرت عن انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية العام الماضي.

وتحدث الدكتور عبد الله بخاري عضو مجلس الشورى عن العملية الإصلاحية الاقتصادية التي أسس مبادئها الملك حفظه الله منذ توليه عرش البلاد التي تشمل مختلف الصناعات، يساعده في ذلك ويشد أزره ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله. فقال الدكتور «كانت الزيارات الخارجية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين إلى دول شرق آسيوية، والاجتماعات المكثفة مع قادة تلك الدول، دليل ومؤشر واضح على عزيمة وتصميم المليك المفدى على استنفار كل القوى والإمكانيات الاقتصادية التي تتمتع بها السعودية، ومد طرق الصداقة والتعاون في كل الاتجاهات».

وتابع بخاري: ثم جاءت بعد ذلك رحلات ولي العهد حفظه الله إلى الخارج بتوجيهات المليك لتعزز جهود خادم الحرمين الشريفين رعاه الله لتأكيدها. ولن يمر وقت طويل حتى تبدأ السعودية في قطف ثمار تلك الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية والتجارية متعددة الجوانب مع هذه الدول الصديقة العملاقة في الصناعة والخدمات والتجارة.

وأكد أنه من الصعب حصر الإنجازات الاقتصادية والسياسية، والإصلاحات متعددة الجوانب في كل المجالات مثل التعليمية والإدارية والاجتماعية والصحية، التي جاءت كمحصلة لجهود المليك المفدى وتوجيهاته منذ اعتلائه لعرش البلاد. فلا يكاد يمر يوم واحد إلا وتشهد بلادنا إنجازاً جديداً يضاف إلى الإنجازات السابقة للمليك المحبوب.

فعلى سبيل المثال، زاد عدد الجامعات الحكومية في فترة وجيزة وصل عددها قرابة العشرين جامعة، وتزامن ذلك مع زيادة هائلة في أعداد المبتعثين من أبنائنا للتحصيل العلمي في جميع أرجاء الدنيا. ثم شهدت البلاد صحوة كبيرة في مشاريع الاستثمار الهائلة سواء في خطوط السكة الحديدية، أو في مشاريع البتروكيماويات والمصافي والمصانع، أو في قطاع الخدمات الطبية والصحية والاجتماعية وتوفير السكن المناسب لطبقة الفقراء من المواطنين في شتى أركان البلاد، إلى آخر هذه المشاريع التنموية التي تضيف مباشرة إلى رصيد الوطن والمواطن.

ولقد قالها خادم الحرمين الشريفين رعاه الله مراراً وتكراراً، أن هذه الدولة يجب أن تبنى على الإيمان بالله ثم على العلم والمعرفة،والاعتماد على الله وعلى أنفسنا. فكما وجه حديثه سابقاً إلى معالي الوزراء والمسؤولين في السعودية قائلاً «انه لا يوجد أمامكم عذر اليوم فقد توفرت لكم الأسباب وعليكم الآن إنجازها».

واختتم حديثه بأهمية متابعة ما عمل به الملك عبد الله من قبل الجهاز الحكومي «هذا الملك المفدى لا يكل ولا يتعب في تنقلاته داخل السعودية وخارجها ليطلع ويطمئن مباشرة على كل التطورات والإنجازات الوطنية، وليضع اصبعه على مكامن السلبيات ويأمر بعلاجها، هذا الملك يستحق أن نقف خلفه سنداً وعوناً في جهوده المباركة، وأن ندعو له بدوام الرعاية الإلهية».

من جهته يتحدث الدكتور عبد الرحمن المشيقح عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى لـ «الشرق الأوسط» بهذه المناسبة، مؤكداّ ان مسيرة الرقي والتقدم في بلادنا الغالية تسير بخطى حثيثة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي تحتفي السعودية في هذه الأيام بالذكرى الأولى لتوليه مقاليد الحكم. وما قام به حفظه الله من زيارات في العام الماضي لعدد من الدول الأجنبية لتوطيد العلاقات السياسية وعقد اتفاقيات اقتصادية، جعل للسعودية حضوراً أعمق وأشمل ومكانة مميزة في المحافل الدولية.

ويرى المشيقح أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لبعض الدول الأجنبية تعد من الإنجازات الهامة في العلاقات الخارجية من أجل تحقيق المزيد من النمو والتطور الاقتصادي الذي تتطلبه المملكة في المرحلة الحالية والمستقبلية.

ويتابع: لقد ظهرت خلال فترة وجيزة تمثل عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لمقاليد الحكم تحولات كبيرة في مختلف الجوانب التنموية مما كان لها الدور الكبير في رفع وتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي. وترجمتها لعدد من القرارات التي تمثلت في زيادة الرواتب لجميع العاملين في الدولة من مدنين وعسكريين ومتقاعدين وتلاها قرار خفض أسعار الوقود وكذلك إنشاء المزيد من الجامعات الحكومية والكليات والمعاهد والمدارس في مختلف مناطق المملكة تلبية لحاجة المواطنين.

ولرغبة خادم الحرمين الشريفين في تحقيق المزيد من تحسين وتنمية وتطوير القطاعات الاقتصادية فإن الملك عبد الله يقوم للمرة الثانية بجولته الميمونة لزيادة بعض الدول الأجنبية لإبرام المزيد من الاتفاقات الاقتصادية خاصة بعد نجاح جولته الأولى في بعض الدول الشرق آسيوية التي كانت مجالاً رحباً لفتح آفاق تنموية جديدة من أجل المزيد من المكاسب الاقتصادية التي لا تأتي إلا بتحسين وتعزيز العلاقات مع دول قطعت شوطاً كبيراً من التقدم والعلمي والتقني.

ويرجح الدكتور المشيقح أن جولة الملك عبد الله الثانية ستأتي بالمزيد من الانعكاسات الإيجابية في المجال الاقتصادي التي يمكن بلورتها في فتح المزيد من الأسواق العالمية وتوسيع قاعدة الصادرات والواردات بين المملكة وهذه الدول. لأن فتح أسواق جديدة وتنشيطها يأتي بتحسين وتعزيز النشاط الاقتصادي ويؤدي إلى مجالات أرحب لتسويق السلع والمنتجات الوطنية في ظل وجود المنافسات العالمية خاصة الأسواق الحرة مما يشجع ويحفز على زيادة نمو وتطور المشروعات الإنتاجية زراعية كانت أو صناعية.

ويضيف أن هذه الاتفاقيات ستكون مصدراً مهماً لتنظيم حركة الواردات والصادرات للمملكة والعمل على تفادي الازدواج الضريبي، كما تخلق هذه الاتفاقيات آفاقاً جديدة لجلب المزيد من السلع والمنتجات التي يحتاجها سوق السعودية سواء كانت استهلاكية أو تتطلبها مؤسسات وشركات صناعية مثل المواد الخام والنصف مصنعة والمصنعة كالأجهزة والمعدات والآلات ووسائل النقل وقطع الغيار وهذا يتيح حرية أوسع لاختيار الأصناف الجيدة ذات الأسعار المقبولة مما يحقق الكثير من الإيجابيات ويساعد كثيراً في تسريع عجلة نمو وتطور القطاع الخاص.

فضلاً عن ذلك فإن توفر المزيد من الأسواق يتيح لرجال الأعمال المزيد من الفرص لاختيار السلع والمنتجات الجيدة بأسعار مناسبة.

إن هناك مكاسب أخرى يمكن أن تتأتى من وراء عقد الاتفاقيات الاقتصادية وذلك في إقامة مشروعات مشتركة مع رجال الأعمال السعوديين وجلب المزيد من التقنيات المتطورة التي تعود بالكثير من النفع وتؤدي إلى نمو وتطوير المشاريع ذات المنافع المشتركة.

من جانبه يرى المهندس محمد الماضي نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك أن الدبلوماسية السعودية شهدت بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال فترة قياسية انطلاقة كبرى تميزت بسجل حافل من الرؤية والحكمة في جميع اتصالاتها وعلاقاتها الخارجية مع مختلف دول العالم بالإضافة إلى روابطها مع العالمين العربي والإسلامي.

ويضيف الماضي أن الملك عبد الله حفظه الله تميز باهتمامه الكبير بتسريع وتيرة النمو الاقتصادي الذي يمثل الأساس للحفاظ على مكتسبات الوطن، ويتضح ذلك من خلال رئاسته وإشرافه المباشر على المجلس الاقتصادي الأعلى والمجلس الأعلى للبترول.

ويتابع لقد كان لزيارات خادم الحرمين الشريفين للعديد من دول العالم الأثر الأكبر في تعزيز دور المملكة الاقتصادي العالمي لتقوية روابطها الاقتصادية مع الأسواق الاقتصادية المؤثرة والأكثر نموا في العالم مثل الصين والهند، فضلاً عن الزيارات السابقة للولايات المتحدة الأميركية وروسيا ودول أميركا الجنوبية والعديد من الدول العربية والإسلامية، وذلك سعياً منه حفظه الله لتأكيد دور المملكة الريادي في كافة المجالات.

ولاشك أن استخدام المملكة لعلاقاتها السياسية وثقلها الدولي يؤكد دورها البارز في خلق فرص اقتصادية جديدة لدعم الاقتصاد الوطني ورفع الناتج القومي، فلقد أدرك خادم الحرمين الشريفين حفظه الله برؤيته الحكيمة أهمية تعزيز آفاق التعاون بين القطاع الخاص بالمملكة وهذه الأسواق التي تعتبر الأكثر نمواً في العالم، وبفضل الله تعالى فقد عقدت العديد من الاتفاقيات التجارية والصناعية المشتركة.

ومن المتوقع في ظل هذا المناخ الاقتصادي الإيجابي أن تعقد العديد من الاتفاقيات الاقتصادية لكبرى الشركات في المملكة لممارسة عملياتها الإنتاجية في الأسواق الواعدة من خلال مصانع البتروكيماويات والصناعات الأخرى.

ويضيف المهندس بما أن الاقتصاد هو أساس التنمية فقد أعطى أيده الله من وقته وجهده الكثير لفتح آفاق واسعة لترسيخ العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول لأجل دعم العلاقات الصناعية والتبادل التجاري ونقل التقنية وتطوير الثروات البشرية ونقل الخبرات.

ويختتم المهندس الماضي حديثه لـ «الشرق الأوسط» بقوله «إننا متفائلون بحول الله بأن هذه الجهود المباركة ستؤدي إلى تكوين العديد من الشراكات العالمية في مختلف المجالات، وبالذات في الصناعات البتروكيماوية. مما يعني إضافة نوعية في حجم السوق الذي يكسبها عمقاً استراتيجياً مهماً».