«حكايات» و«حواديت» الجدة تصارع من أجل البقاء

بعد انتشار الألعاب والقنوات الفضائية

TT

في مشهد يتكرر كل ليلة من ليالي الصيف الحالي، يتحلق عدد من الصبية حول الجدة (أم صالح) لسماع حكاية أو ما يعرف بـ «حدوتة علي بابا والأربعين حرامي» الشهيرة في المجتمع الطفولي، والتي تروى لهم بشكل مختلف بحسب المنطقة وطبيعتها طبعاً، فحكاية علي بابا في الجنوب تختلف تفاصيلها عن حكاية علي بابا في الشمال وإن اتفقت في أساسيات الحكاية.

أم صالح التي تجاوزت عقدها السادس بعامين، تمسك بزمام الحكاية تقول «نظراً لارتباط أبنائي بأعمالهم خارج المنطقة، واضطراري للبقاء هنا في منزلي، أشعر بالاشتياق كثيراً لأحفادي الذين لا أتمكن من رؤيتهم إلا في الأعياد أو في الإجازة الصيفية، وبالتأكيد فوجودهم إلى جانبي الآن يذكرني بطفولتي».

وعلى الرغم من التكنولوجيا والتطور اللذين وصل لهما الطفل السعودي، إلا أن سيطرة قصص الأطفال المباشرة وعن طريق المحاكاة لا تزال هي المفضلة بالنسبة لهؤلاء الصبية، يقول سعد المليص رئيس النادي الأدبي في الباحة: «هذه الحكايات والقصص تعتبر شيئاً من الموروث الشعبي القديم، والتي كانت تستخدم عادة لشغل أوقات الفراغ لدى شريحة الأطفال، إما لترغيبهم في النوم باكراً إذا ما تم سرد قصة على مسامعهم، أو ربما لتنمية مهارات الخطابة والاستماع لديهم، وأحياناً لتجنب أذيتهم داخل المنزل».

ويضيف المليص «لكن من الملاحظ اليوم أن الفضائيات والإنترنت وخلافه من الألعاب التي دخلت على حياة الطفل أفقدت تلك القصص بريقها وحيويتها، وأصبحت تسمع فقط أحياناً في أوقات ما قبل النوم وأحياناً كنوع من محاولة الآباء للحفاظ على موروثاتهم الأدبية القديمة، وبالتأكيد فإن درجة انقراض هذا الموروث تختلف من بيئة لأخرى، فالتركيبة الاجتماعية في المدينة تختلف عنها في الأرياف التي تبقى فيها هذه الموروثات أكثر رواجاً».

أم صالح، لم تخف تورطها في السياسة، فغالباً ما تتقمص شخصياتها القصصية شخصيات سياسية بارزة وربما بعض الدول أيضاً، وتضيف أم صالح «بفضل الأخبار ومتابعتي لها بشكل يومي تقريباً أصبحت لدي حصيلة جيدة من المعلومات السياسية، فبدءا بمشكلة فلسطين وانتهاءً بما يحدث اليوم في لبنان، كلها مشاكل سياسية ترتبط قصصها بأذهان أطفالنا وغالباً ما يبادروني بالسؤال عن مسببات ما يجري، ولذلك أحاول تبسيط لغة السياسة لديهم بواسطة شخصياتي الخيالية».

إلا أن المليص عاد بقوله «في الحقيقة كانت هناك باكورة عمل حاولنا طرحها على النادي الأدبي في الباحة، والمتمثلة في جمع القصص والحكايات الشعبية القديمة في كتيب شامل، إلا أن هناك عددا من الصعوبات التي واجهتنا، أولها كان في وجود عدد هائل من تلك القصص لا يكون من المناسب قراءتها بقدر ما ستلقاه تلك القصص في حال الاستماع، وثانياً وجود بعض المخالفات الشركية والخزعبلات التي لا أعتقد أن وجودها سيكون له مردود أدبي وعلمي على الأطفال خاصة في سن مبكرة، ولكن ليس بمستبعد على المثقفين في المنطقة في أن ينبري أحدهم لجمع هذه القصص وتوحيدها في مجلد واحد يحكي الموروث الشعبي القصصي للمنطقة».

ومن بين الضحكات المتعالية في أرجاء المكان يطالعك سامي إبن الـ 7 سنوات والحفيد رقم 15 للجدة أم صالح بحسب قولها، ويطلب منك المشاركة بسرد قصة تضاهي ما سمعوه من قصص سابقة من جدتهم، بعد أن ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه.