لقاءات حميمة للعمالة الوافدة في العطلة الاسبوعية تتحول إلى وكالات انباء ميدانية

ملتقيات آسيوية في المراكز والاسواق التجارية

TT

دهشة تعقد حواجب زوار الاسواق الكبيرة في المدن السعودية في عطلة نهاية الاسبوع، خاصة يوم الجمعة، فالاعداد الضخمة من العمال الوافدين تسد الطرقات الرئيسية والفرعية، ومداخل المحلات التجارية، بيد أن ذاك اليوم يمثل الملتقى الوحيد لهؤلاء المغتربين باصدقائهم ومعارفهم.

هذه الظاهرة تتكون في مجملها من جنسيات آسيوية، يتجمعون خلال يوم معلوم من ايام الاسبوع، في المدن السعودية الكبيرة، يتبادلون الاخبار وبعض المنافع ايضا، فوفقا لمحمد اقبال العامل البنغلاديشي، فان المعارف يتنادون للقاء في مكان محدد، ويتداولون الاخبار من بلادهم، ويتعرفون على المشاكل التي تصدفهم ويقدمون العون الجماعي للمحتاج بينهم.

في العاصمة السعودية الرياض يشتهر الشارع التجاري في حي البطحاء بمثل هذه التجمعات، وفي مدينة الدمام يكون مركز التجمع عادة في شارع سيكو، والظاهرة تتعاظم في جدة في منطقة البلد.

ويشير العامل الهندي سليم أرشد الى أن تلك المناطق لا تعني تجمعا اسبوعيا فحسب، بل تعتبر مواقع محددة تيسر على القادمين من المدن الاخرى لقاء الاهل والاصدقاء، وقال ان «الاسواق أماكن معروفة في كل المدن، الى جانب ان جزءا كبيرا من الوافدين يعملون في تلك الاسواق».

وكبقية المدن يتكرر المشهد في مدينة ينبع البحر، ارتال من الوجوه السمراء تغزو الاسواق، ما يعيق الكثير من الاسر من التسوق نسبة للازدحام الشديد على الطرقات ومداخل الاسواق.

التجمعات التي تأخذ شكلا دائريا في مجملها تتحول الى وكالات انباء ميدانية يقوم فيها الاشخاص بدور المراسلين ويتفننون بعرض ما لديهم من اخبار، كل بحسب طريقته وثقافة البلد الذي ينتمون اليه.

وتتصدر اخبار الجهات ذات العلاقة المباشرة بالعمالة الوافدة واجهة الاحاديث، فلا تكاد تخلو دائرة من خبر جديد عن الجوازات او مكتب العمل او التحويلات البنكية وغيرها، فيما تعكس الضحكات المتصاعدة احاديث خاصة ينقلها الوافدون عن اماكن عملهم وعلاقتهم بـ (الكفيل) كنوع من التنفيس من ضغوطات العمل.

ويقول محمد اليامي وهو صاحب محل لبيع الملابس، ان العائلات اصبحت تتسوق في وسط الاسبوع وذلك للزحام الشديد الذي يشهده السوق يومي الخميس والجمعة، إذ يتحول السوق كله الى مكان للاحاديث وتتوقف حركة الشراء بشكل ملحوظ، فهؤلاء لا يشترون ولا يفسحون الطريق للمشترين، وقال «نحن نقدر الحميمية بينهم ولكن يجب الا تكون خصما على تجارتنا».

عبد الله الغامدي ـ في عقده السابع ـ أكد أن الأمر ليس بالجديد، ويوضح «الوافدون في كل المدن السعودية ظلوا يحددون مكانا للقياهم، ويتصادف ان تكون تلك الاماكن اواسط الاسواق التقليدية، وكل ركن يضم جنسية بعينها، لكنك لا تستطيع ان تفرق بينهم، فجميعهم يتحدثون بلسان غير عربي، لا تستطيع ان تقتحمهم او تدرك عما يتحدثون».

الشاب منير الرفاعي، يرى ان الزحام يقود إلى ارباك حركة سير المتسوقين وحتى السيارات في الشوارع الرئيسية والمجاورة.

ويواصل الرفاعي «العديد من البصات الكبيرة تأتي الى ينبع البلد وتفرغ حمولتها من العمال، تنزلهم ثم تعود لاخذهم، وتجد العديد منهم يتحلقون حول محلات بيع الإلكترونيات والملابس الجاهزة».

لكن صالح العمودي الذي يعمل بائعا في احد محلات الملابس الجاهزة يخالف هذا الرأي بقوله «يوم الجمعة هو يوم (مرزوق) إذ يتوافد على المحل مئات الزبائن لشراء الملابس». ويقول «اكسب في يوم الجمعة ما اكسبه في أسبوع كامل، وأما بالنسبة لازدحام المحل بالزبائن فهذا في مصلحتي وأتمنى أن يكون السوق مزدحما كل يوم».

عبد الرحمن ـ صاحب سيارة أجرة ـ يقول «اكسب في يوم الجمعة مبلغا لا بأس به من توصيل العمال من ينبع البحر إلى ينبع الصناعية وبالعكس، واخرج بفائدة تصل إلى 200 ريال، اتواجد من الصباح في السوق، ابحث عن ركاب ثم ارجع فترة الظهيرة وأكمل العمل من العصر إلى أن تقفل المحلات».

وتقول أم سليمان «لا اذهب إلى السوق يوم الجمعة مهما كانت الأسباب، واكتفي بإرسال الأولاد لشراء الأشياء الضرورية، بسب وجود أعداد كبيرة من الرجال في السوق، يسدون مداخل المحلات أمام النساء».

ويستغرب عايد الأحمدي الذي يزور مدينة ينبع ـ لكن ليس لاول مرة ـ من المشهد الذي رآه في السوق عندما ذهب ليشتري ملابس سباحة لأطفاله، قال «هذه ليست المرة الأولى التي ازور ينبع، لكنها المرة الأولى التي أجد فيها السوق مزدحما بهذه الدرجة، وعندما سألت المحاسب في المحل أخبرني بأن الزحام بسب العمال القادمين من الشركات والمصانع بينبع الصناعية».