المكفوفون يطلقون رسومات على الفحم .. ومجسمات في المؤتمر العلمي الإقليمي للموهبة

بعد أن تغلبوا على إعاقتهم البصرية

TT

تمكن عدد من المكفوفين وذوي الإحتياجات الخاصة من إثبات أن الموهبة ليست محصورة على الأصحاء فقط، بقدر ما هي حق مكتسب للجميع.

وذكرت إيمان عبد الغني إحدى المشاركات في المعرض المصاحب لفعاليات المؤتمر العلمي الاقليمي للموهبة، بأن المعوق بصرياً قد يصاب بالإحباط حين يفتقد من يشجعه على تحقيق طموحه في الحياة واستغلال قدراته ومواهبه، وأن الداعم الأول لها كان الأسرة وأصبحت تبحث عن كل ما هو جديد من مجال الرسم مثل الرسم بالفحم وغيره، وأضافت إيمان بأنها متابعة وبشكل دائم للبرامج الإذاعية والمرئية التي تتحدث عن فن الرسم حتى استطاعت أن تقوم بإنتاج عدد من اللوحات الفنية.إيمان التي كانت تحلم في وقت مضى بأن تعرض جميع أعمالها الفنية في يومٍ ما للمجتمع حتى تثبت لهم أن المعوق لديه الكثير من الإبداع ليقدمه كغيره من الموهوبين بحسب وصفها، إلا أن هناك عددا من العقبات التي واجهتها حتى وصلت لهذا المستوى من الإبداع تمثلت في إصابتها بكفف جزئي أجبرها على مغادرة المقاعد الدراسية منذ وقت مبكر، وتضيف عبد الغني «كنت أقوم بإجراء بعض الرسوم بواسطة الفحم وعرضها على والدتي وإخوتي في المنزل لأتأكد ما إذا كانت ملائمة أم أنها تحتاج للمزيد من الدقة، وفي كل مرة كان أهلي يقومون بتوجيه النصائح والتعديلات اللازمة إلى أن وصلت إلى هذه المرحلة المتقدمة الآن». أما علي باعجاجة وهو طالب كفيف في الصف الثاني ثانوي فلم يخف فرحته عندما علم بأن المؤتمر خصص جانباً لعرض أعمال وإبداعات المكفوفين وقال: «مشاركتي تلخصت في تقديم بعض الأعمال المتمثلة في الفن التشكيلي، بالإضافة الى تجسيد نماذج جبسية لأدوات يستخدمها المبصرون دوماً، وهذا فيه دلالة واضحة على إمكانات وقدرات الكفيف في معرفة ما يستخدمه غيره من المبصرين كاستخدامات يومية قد لا يحتاجها المبصر نفسه».

من جهتها أوضحت ماجدة برهام اختصاصية التربية الخاصة والتخاطب والتأهيل بجمعية إبصار الخيرية أن برنامج الموهوبين المكفوفين قد أعد له منذ فترة مسبقة. لكن كان تقديم عدد من المعوقين وضعفاء البصر للمجتمع عبر المؤتمر فرصةً كبيرة جاءت في الوقت الذي احتضنت فيه الجمعية برنامج «إثراء» الصيفي للطالبات الموهوبات الذي نظمته مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهوبين، والذي كان جزءا منه يتمثل في خلق ابتكارات جديدة في مجال الإعاقة البصرية بطريقة علمية ومواكبة للعصر، وأكدت برهام على أن فقد حاسة البصر عند الطفل تفقده الإدراك البصري بالأشياء، لكن الأسلوب العلمي الحديث يتطلب انتهاج برنامج التدخل المبكر، وهو ما حاولت الجمعية إعداده بحيث يتيح الفرصة للأطفال المكفوفين للتدرب على استخدام الحواس الأخرى بمهارة عالية، كعملية تعويضية عن حاسة البصر مثل وسائل تنمية مهارات حاسة اللمس والسمع والشم والتذوق، إذ تعد حاسة اللمس من الحواس المهمة التي يستطيع من خلالها الكفيف خلق الإبداع وتسخير ذلك في إنتاج الأعمال المبتكرة.

إيمان عبد الغني كانت أكثر جرأة وتفاؤلاً حين طالبت بضرورة افتتاح معهد لتعليم الرسوم والفنون التشكيلية للمعوقين بصرياً، شريطة ان تتوفر به جميع الأدوات المساعدة التي تكفل للمعاق التعلم وتلقي المهارات المطلوبة بشكل جيد وعملي، بالإضافة لمنهج يتوافق مع إحتياجات المعاق كونه فرداً من هذا المجتمع.الجدير ذكره أن المؤتمر العلمي الإقليمي للموهبة الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهوبين أعطى اهتماماً واضحاً بالموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء ضمن البرنامج العلمي عبر محور «الموهوبون من ذوي الصعوبات الخاصة والإعاقة»، أو الفعاليات المصاحبة له، ولفتت أعمال المكفوفين الموهوبين في المعرض المخصص لعرض منتجات الموهوبين والموهوبات من أبناء الوطن التي تجلت في بعض الأعمال الفنية التشكيلية الإبداعية انتباه عدد من المشاركين، واعتبروها دلالة واضحة على الحس الإبداعي الذي يمتلكه الكفيف أو ضعيف البصر، لا سيما أنهم مقبلون على مرحلة جديدة ستسهم التكنولوجيا الحديثة من خلالها وعبر البرامج الناطقة في ظهور العقليات المتميزة في جميع المجالات، بالإضافة الى تنمية المواهب الفنية والإبداعية.من جهة أخرى أشارت اللجنة المنظمة الى أن من ضمن فعاليات المؤتمر إقامة ليلة خاصة اليوم الاثنين تسمى «ليلة الإبداع» يتم فيها مزج الإبداع بالمرح والتسلية في جو تسوده الألفة والمحبة بين المشاركين بالمؤتمر، تقدم فيها مجموعة من الأنشطة الترفيهية الهادفة التي تعبر عن روح التسامح في المجتمع السعودي المسلم، ويتخللها تقديم مجموعة من الفنون الشعبية، وقد تم التنسيق مع الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة القصيم، ووزارة الثقافة والإعلام لإحياء فعاليات هذه الليلة.